إدارة مراحل الصراع الأخيرة

إدارة مراحل الصراع الأخيرة
لم يعد الحديث عن نهاية نظام الأسد يحمل طابعاً وظيفياً بقصد تدعيم الروح المعنوية لمعارضيه من أجل توليد مزيد من الزخم لحركتهم الإعتراضية التي تتخذ نمطاً قتالياً مسلحاً منذ أكثر من ثلاثة أعوام، ولا بقصد دفع بيئته المناصرة إلى الإنكفاء وقتل الروح المعنوية لديهم وإقناعهم أن القتال ضمن مشروع الأسد لم يعد مجدياً.

نحن بالفعل أمام تشكّل واقع جديد سمته الأساسية التغيير الجذري في معادلات الصراع إلى غير رجعة، وثمة ديناميكية جديدة تفرض نفسها، او هي ترسخت وأصبحت واقعاً نهائياً، ولعل ما يصعب قراءة المشهد بالنسبة لجمهور الثورة والمتابعين رؤيتهم إستمرار بقاء الأسد ضمن البقعة الجغرافية الحيوية في سورية والتي تتضمن العاصمة وبعض مراكز المدن، وهو ما يثير لبساً حول صورة المشهد عموماً وواقع التطورات الحاصلة في قلبه.

والحقيقة، أن هذا الفارق بين الصورة والواقع، هي نتيجة إعتبارات وحسابات إقليمية ودولية تساهم في تأخير تظهير الصورة الحقيقية، بل أكثر من ذلك، إدارة لتوازنات القوى في الميدان تقوم بها أطراف خارجية بهدف ضبط مخرجات الصراع ومألاته والتجهيز لمرحلة ما بعد سقوط نظام الاسد، وتقوم هذه الغدارة على قاعدة ضبط الهجوم قدر الإمكان للسيطرة على التداعيات المحتملة، وذلك ضمن حزمة من الحسابات التكتيكية:

- قضم المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام ببطئ يسمح بهضم هذه التطورات وملئ الفراغ من قبل القوى المحلية المدنية والثورية وبناء مرتكزات صلبة لإدارة هذه المناطق بما لا يسمح للفوضى أو تسلل وإنغماس القوى المتطرفة إلى تلك المناطق وخاصة داعش التي تقف على تخوم أكثر من منطقة وتتعيش على إنتصارات الثوار.

- الحد ما أمكن من تدفقات اللاجئين إلى دول الجوار التي وصلت إلى حد الإشباع ولم تعد قادرة على إستضافة المزيد، لذا فإن خطط تحرير المناطق الجديدة تنطوي على تأمين الحماية للسكان المحليين بالدرجة الأولى كما يحصل في درعا الان.

- إجراء ترتيبات إقليمية لهضم الواقع الجديد وخاصة في الدول التي يوجد بها مكونات مؤيدة لنظام الأسد وتلك التي يقدر حصول إهتزازات في السلم الاهلي فيها جراء سقوط نظام الأسد، مثل لبنان وتركيا والعراق، وبالتالي تهيئة المناخ الإقليمي لإستيعاب هذه التطورات.

- إعطاء فرصة للحل السياسي ذلك أن التسريع بإسقاط نظام الأسد بدون توافقات سياسية بين أطراف الصراع في سورية من شأنه أن يؤدي إلى إستمرار الحرب مع مؤيدي نظام الأسد لفترة أطول، أو سيدفع بمخارج غير مرغوبة كخيارات إجبارية للأزمة، مثل خيار التقسيم الذي بات يفضله نظام الأسد وداعميه الإقليمين في هذه المرحلة تعويضاً عن هزيمة مشروعهم في إستمرار السيطرة على سورية.

هل يعني ذلك أننا أمام إدارة رشيدة لمسرح الحدث السوري؟، الواقع ان نمط الإدارة هذا ينطوي على مخاطر تفوق الفرص المحققة منه، ولعل أولى المخاطر إحتمال زيادة نسبة التدمير المحتملة للعمران السوري وزيادة الاكلاف البشرية، ذلك أن النظام المهزوم والذي يجري إذلاله في الميادين السورية سيدرك أنه يمتلك فسحة زمنية تتيح له الإنتقام وتجريب فرصه الممكنة للإنتقام من سورية قدر الإمكان، كما انه سيعطي لحلفاءه الفرصة لإجراء تعديلات حدودية وعلى الوضع الديمغرافي وخاصة في المناطق التي لهم سيطرة عليها، مما يجعل هذه الإدارة قاصرة على المناطق التي لا تشكل أهمية كبيرة للنظام وحلفاءه، وهذا الامر يحمل شبهة تثبيت مناطق نفوذ وخطوط تماس لتكون أساس مستقبلي لأي حل دائم وواقعي اكثر من كونها إدارة صيرورة لتحرير سورية من قبضة النظام وحلفاءه الإقليميين!.

هنا يتوجب الحذر مما يدور في كواليس الدول الكبرى، ويجب التنبه لحقيقة أن تصورات حل الازمة في الإطار الدولي ليس بالضروة مطابقاً لطموحات السوريين وتضحياتهم، وخاصة وان البلاد صارت تعيش في قلب جملة من المأزق، من جنوبها إلى شمالها، حيث تطل المشاريع التقسيمية برأسها في كامل الجغرافيا السورية، ومن شأن تأخير الحسم جعل هذه المشاريع عناوين أساسية ووقائع صلبة يضطر السوريين للخضوع لها.

التعليقات (1)

    سيتوجب عالثوار حماية الأهالي

    ·منذ 8 سنوات 10 أشهر
    بدلا من تهجيرهم لأن دول الجوار مُتخمة بالسوريين والنظام الخسيس يضرب أهالي المناطق المحررة وبالتالي الحوار مع الحج كلب وارد لئلا يلوذ بقطعة لحمة من سوريا كدولة علوية
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات