ولو افترضنا سوء النية من وراء التدوينة التي كتبها ياسين، نزولاً عند افتراضات شركائنا في الوطن التي تتجاوز ظاهر الكلام إلى النيات، حيث تكون مناقشة الفكرة السيئة في حال وقوعها، وهو ما لم يحصل، بعيداً عن شخص قائلها والتعدي عليه بالسب والشتم والتسفيه والفضح، حيث يبدو هذا الأسلوب حجة الضعيف الذي لا يملك في سوق الحجة ما يعرضه من قرائن منطقية، فيلجأ إلى سلاح السب والشتم الذي لا يجد عنه بديلاً. وهو الأسلوب الذي تجيده المجتمعات المتخلفة، حيث أصحاب العقول الصغيرة التي لا تتقن سوى قراءة الأشخاص، وتعجز عن قراءة الأفكار.
إننا نعيش في نفس البلد، ولكني أجزم الآن أننا نعيش في هموم مختلفة، لا أريد أن نقسم أنفسنا إلى قوميات مختلفة، ولكن على ما يبدو شركائنا بالوطن يريدون ذلك بشدة، نحن أبناء السياقات الثقافية والاجتماعية والسياسية الواحدة، سواء أردنا الإعتراف بذلك أو لم نرد، لكن شركائنا يَرَوْن أنهم وحدهم لهم مظلومية ولهم الحق في إنتاج عقل إنتقامي يسكت عن القتل والتهجير والتطهير وما شابه، الممارس على يد المليشيات الكردية.
إن الأسئلة التي تعذبني لماذا ينتجون استبداد يصنع ثقافته وأوهامه ومدارسه ، ليكون نسق متكامل يصعب الخروج عليه، إن لم يكن مستحيلاً، خاصةً إذا أتخذ لبوس القومية، لتتحول القومية إلى عقيدة والمنظرين لها أباء، وهذه السلطة الأبوية لن تترك لنا نحن الأبناء سوى السباب والشتم والتسفيه لمجرد الإعتراض على استبداد، أقتلع أهالينا من أرضهم في القامشلى والرقة وحرق منازلهم ومحاصيلهم وقتل أبناءهم ويطارد البقية بحجج كاذبة وواهية، فالثورة قامت ضد سلطة الأباء والأبوية، كما أنها عقلية تتشدق بمحاربة الإرهاب وفي الآن نفسه تمارسه، هذه الغيرة القومية التي تقتل أبناءنا لتؤسس لسلطة استبدادية، لن يحصد منها شركائنا في الماضوية الوطنية سوى التأسيس لأخلاق" الارتكاس"التعبير الذي يستعمله يان آسمان.
نحن اليوم لن نكون إتباعياً لحس القطيعية، ولن نخطىء في رائحة الدم المنبعثة من أجساد أبناءنا، فنحن نملك أنفاً نقدياً ومراوغاً، ولن نكتفي كما يكتفي باقي شركائنا بالثورة بالكلمات المنمقة التي لا تغري حفاظاً على المكاسب، إن غسان ياسين كما الكثير ليس داعشياً ولا قومياً، إنه يفكر بشكل حقيقي، ولن يكون يتيماً في وجه من ينشرون الروائح الكريهة.
التعليقات (5)