شركتا الاتصال الخليوي في سورية: النظام "يُشفق" على المحتكرين!

شركتا الاتصال الخليوي في سورية: النظام "يُشفق" على المحتكرين!
تعوّد السوريون من مسؤولي النظام السوري على إطلاق التصاريح التي تصب في خانة التعتيم على فساد هذا النظام، وغالباً ما تُحبك هذه التصريحات لتكون مقنعة للجهة التي وجهت لها تلك التصاريح، أما في هذه الفترة ونظراً لتخبط النظام ومسؤوليه بسبب الأزمة الخانقة التي يمر بها النظام السوري نتيجة الثورة عليه أصبح هناك بعض التصاريح لهؤلاء المسؤولين لا يمكن أن تخدع حتى الطفل الرضيع، ومن تلك التصاريح التي صدرت مُؤخراً تصريح مدير عام هيئة المنافسة ومنع الإحتكار والذي صرح: "أن وضع المنافسة في قطاع الاتصالات يعتبر جيداً قياساً إلى الظروف الراهنة. مبيناً أن الحديث عن وجود احتكار من قبل مشغلي الإتصالات الخليوية لا يعكس الواقع الحقيقي لهذا القطاع".

ومن الظاهر بأن مدير عام هيئة المنافسة ومنع الاحتكار لا يعلم المفهوم الحقيقي لمعنى الاحتكار الذي هو عبارة عن وجود شركة تؤّمن مُنتج معين أو خدمة معينة إلى جميع المستهلكين، وبمعنى آخر تكون هذه الشركة مسيطرة على كامل السوق. وبهذا تستطيع هذه الشركة أن تفرض الأسعار كيفما تشاء، لأنه لا يوجد شركات أخرى تنافسها.

ومن يقرأ تصريح السيد المدير العام من غير السوريين يعتقد بأن في سوريا العديد من شركات الاتصالات الخليوية، وتجري فيما بينها منافسة شريفة تعود على المواطنين السوريين بالفائدة التي يتمتع بها المواطن في أي دولة أخرى.

ولكن في حقيقة الأمر يعرف السوريون بأن قطاع الإتصالات الخليوية في بلادهم مُحتكر من قبل الشركتين الوحيدتين اللتين تعملان في مجال الإتصالات الخليوية الأولى شركة سيريتل والثانية MTN، وتعود ملكية الأولى لرامي مخلوف ابن خال بشار الأسد، والثانية لعائلة ميقاتي اللبنانية المقربة من عائلة الأسد.

وتستحوذ هاتان الشركتان على كامل قطاع الاتصالات الخليوية في سوريا، فقد تأسست شركة سيرتيل عام 2000، وشركة MTN عام 2001، وبعقود شراكة مع وزارة الإتصالات والتقانة بنظام البناء والتشغيل والنقل الــ B.O.T (BUILD OPERATE TRANSFER)، ومن المعروف بأن مثل تلك العقود تكون لأجل معين؛ بحيث يقوم المستثمر مُوقع العقد بإنشاء مشروع معين (وغالباً ما يكون مشروع بُنى تحتية) ويقوم بتشغيله وجني الأرباح منه، وبعد انقضاء فترة التشغيل يقوم بنقل ملكيته للدولة، متمثلة بالجهة التي أبرمت العقد معها، وهي في حالة شركتي الخليوي (وزارة الاتصالات والتقانة) التابعة للنظام السوري. ولكن بما أن ملكية الشركتين تعود للنظام السوري من خلال أقربائه فإن عقود الــ B.O.T الموقعة معهم غير معروفة النهاية فهي مفتوحة، ولقد دفع النائب السوري رياض سيف، سبع سنوات من عمره لأنه تجرأ وسأل تحت قبة مجلس الشعب عن تاريخ نهاية تلك العقود!

وبما أن التنسيق بين الشركتين في أعلى صوره، فإن أسعار أجور الإتصالات سواء الخليوي أو عبر شبكة الإنترنيت تكون موحدة بينهما دون أي وجود لتنافس ما بين الشركتين، حتى في حال ما يسمى العروض التي تقوم الشركتان بين الحين والآخر بتقديمها تكون العروض موحدة بالأسلوب والسعر مما يوحي للمراقب بأن إدارتي الشركتين واحدة، أو يعتبران بتحالف احتكاري مافيوي، قوي منع أي شركة اتصالات ثالثة من دخول هذا القطاع الهام في سوريا على الرغم من ضخ بعض بالونات الدعاية بأن الحكومة تدرس عروض لشركات عالمية لدخول سوق الإتصالات الخليوية في سوريا.

وبهذا الأسلوب يكون الاحتكار من قبل الشركتين في أعلى حالاته ولكن الذي يميزهما عن باقي الشركات في العالم التي تطمح دائماً للسيطرة على الأسواق بأن هذا الاحتكار محمي من الدولة التي من أحد مهامها مكافحة الإحتكار.

ولزيادة الطين بلة فإن مجلس الوزراء التابع للنظام السوري، قام في آخر جلسة له من عام 2014 بالموافقة على تحويل عقود الــ B.O.T لشركتي الخليوي لعقود ترخيص، محولة بذلك كلتا الشركتين لشركات خاصة اعتباراُ من 1/1/2015، وبذلك تكون حكومة النظام السوري قد سلمت عقود الترخيص الجديدة لكبار المساهمين في هاتين الشركتين، بدلاً من نقل كامل ملكيتهما للدولة، الأمر الذي يعني ببساطة تفريط بمليارات الليرات السورية والتي كان من المفترض أن تحصل عليها خزينة الدولة.

وجاء تبرير حكومة النظام لتلك الخطوة حرصها على الوقوف إلى جانب شركتي الإتصالات الخليوية ومساعدتهما على الاستمرارية، إضافة على أن الصيغة العقدية الجديدة ستحقق استثمارات إضافية للشركتين، مما يحقق أفضل الخدمات للمواطنين دون تحميل الشركتين أعباء مالية جديدة!

ويبدو أن الدافع الرئيسي للنظام السوري وحكومته في اتخاذ هكذا إجراء هو ما تقوم به الشركتان، وبالأخص (سيرتيل9 من دعم للنظام السوري في قمع الثورة السورية، وتقديم التمويل الكبير لقطعان الشبيحة، أو ما يسمى "لجان الدفاع الوطني" ليقوموا بكافة أنواع القتل والخطف والترويع للمواطنين السوريين،والذي يبدو بأن هذا التمويل بدأ بالنضوب بسبب طول عمر الثورة السورية، مما دفع شركتا الخليوي وبصورة احتكارية لرفع أجور خدماتها مطلع عام 2015 تحت عنوان كاذب هو "بِتفهمكم نستمر".

وكدليل صارخ على الصيغ الاحتكارية التي تميز شركتا الإتصالات في سوريا والتي تدخل في مجال التعاون المجرم مع النظام السوري ولا سيما شركة سيرتيل (مع العلم لا يحتاج الأمر لدلائل) قيام شركة سيرتيل بالتخصيص بشكل حصري واحتكاري للإعلامي اللبناني ناصر قنديل وهو أحد أبواق النظام – بخدمة إخبارية تبث الحقد الطائفي والكراهية للثورة السورية وذلك لقاء مبلغ /75/ ليرة سورية من كل مشترك في هذه الخدمة، ويعني هذا مئات الملايين من الليرات السورية تسحب من جيوب المواطنين السوريين بشكل حصري واحتكاري لهذا البوق!

كل تلك الممارسات الاحتكارية التي تمارسها شركتا الإتصالات الخليوية في سوريا بحق المواطنين السوريين، دون أي رادع حكومي... ومازال يحاول مسؤولو النظام يطلقون التصاريح الكاذبة التي تهدف لذر الرماد في العيون، متناسين بأنه في عصر التكنولوجيا والإنترنيت أصبح إخفاء الحقيقة من أصعب الأمور!

ومن الواضح – كما يرى مراقبون – أن مسؤولي النظام السوري، لم يعدوا التقارير الدولية التي تصدرها منظمات تتمتع بمستوى عالٍ من المصداقية والشفافية، والتي وضعت سوريا في ذيل قوائم المنافسة ومكافحة الاحتكار، وكأن هذا النظام يحاول إخفاء ما لا يمكن إخفاؤه كمن يحاول حجب الشمس بالغربال!

04/06/2015

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات