عنصرية "فريدة": لا مدافن للسوريين في لبنان.. وجثث في البرادات!

عنصرية "فريدة": لا مدافن للسوريين في لبنان.. وجثث في البرادات!
في فيلمه الذي مثّله الكوميدي المصري عادل إمام في العام 1985، تحت عنوان "كراكون في الشارع" جسّد إمام خلاله (وعلى طريقة الكوميديا السوداء)، دور مهندساً متزوجاً يفقد منزله جرّاء زلزال يضرب مصر، ليتشرّد وعائلته في الشوارع حتى يلقى غرفة صغيرة داخل مقبرة مدفون والده فيها.

يومها حمل المشهد نوعاً من السخرية على القدر الأسود والمحتّم على المتشردين الفقراء، وويومها لم يخطر على بال الشعب السوري أنه سيأتي يوماً يتحولون فيه من مشاهدين لهذا الفيلم إلى أبطاله الواقعيين حيث ظروف ومجريات الفيلم لا تختلف كثيراً عن واقعهم وهروبهم من زلزال الأسد ليتشردوا في شوارع لبنان، ولدرجة أنهم باتوا يحلمون بقبر يدفنوا موتاهم فيه، وليس غرفة يسكنون داخلها.

أين يُدفن اللاجئون؟!

معاناة السوري لم تتوقف عند ظروف حياته الصعبة في "وطن اللجوء"، وسط تلكؤ المجتمع الدولي عن الوفاء بالتزاماته تجاه النازحين، بل امتدّت لتشمل حتى ظروف مماته، بعد تفاقم مشكلة تكدُّس القبور في المدافن وعدم قدرتها على استيعاب اللبنانيين فكيف بالسوريين.

ازدياد أعداد النازحين يستتبع ازدياداً في عدد موتاهم، ما يطرح السؤال أين يَدفن اللاجئون موتاهم في لبنان وتحديداً في العاصمة بيروت حيث وصل عدد المسجلين منهم على لوائح مفوضية الأمم المتحدة إلى 328.514، وفي الشمال حيث وصل عدد المسجلين الى 285.853، ولا سيما في ظل المساحات الجغرافية المحدودة للمقابر وشدّة زحمة الموتى.

طرابلس: جبانة الغرباء!

البداية في طرابلس (شمالي لبنان) حيث تتواجد النسبة الأكبر لعدد النازحين السوريين، فيقول رئيس بلديتها نادر غزال لموقع "أورينت" أن "النازحين السوريين يتم دفنهم في جبانة الغرباء التي من اسمها عموماً يُعرف أنها مخصصة للغرباء عن البلد كما هي مخصصة لأهالي طرابلس. وعلى الرغم من أنه يتم دفن الموتى السوريين الذين لا توجد إحصاءات حول عددهم بداخلها، إلا أن العدد الأكبر منهم ينقلهم أهلهم إلى بلدهم لعدم توافر مقابر كافية فيتم نقلهم تحت القصف إلى سوريا، مع العلم أنه لا يمانع أحد من أبناء الشمال من دفنهم في بقية مدافن المحافظة، ولكن المشكلة هي إرتفاع عدد النازحين وبالتالي إرتفاع عدد الموتى".

ويشير غزال إلى أنّ "البدل المادي لا يتجاوز الـ 250 ألف ليرة لبنانية (نحو 170 دولاراً)، وفي حال عدم قدرة عائلة المتوفى على تغطية التكاليف فإن دار الفتوى تحل محلها بذلك، ولكن أعود لأكرر بأنه في بعض الحالات لا يتيسر المبلغ أو يصبح هناك تأخير من قبل دار الفتوى بسبب استخراج الأوراق، فيقوم أهل الفقيد بنقله إلى سوريا".

بيروت: حزب الله يستولي على مقابر الحريري!

أما في بيروت فالمشكلة أكبر، كون من حيث المساحة تعتبر بيروت أصغر من طرابلس، وفعلياً لا يوجد فيها سوى مدفنين لأهل السُنة وهما مكلفان جداً، إذ أن سعر القبر واحد يصل إلى 5 ملايين ليرة (أي 3250 دولار أميركي)، ولا يوجد في هذين المدفنين سوى عدد قليل من مقابر الجماعية (اي الذين يدفنون فوق بعضهم خاصة مجهولي الهوية و المشردين)، أي أن الميت السوري لن يجد له مكاناً في هذين المدفنين فيتم نقله إلى طرابلس أو إلى صيدا.

وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس الراحل رفيق الحريري إشترى أرضاً في منطقة الغبيري على تخوم بيروت والمحاذية للضاحية الجنوبية، وذلك في العام 1998، وحولها إلى مدفن خاص بالفقراء السُنة بينهم المسملين السنُة غير لبنانيين والذين كانوا يعيشون في لبنان، غير أنه بعد وفاته في العام 2005 وعقب بروز المعارك بين السنة والشيعة، سيطرت ميليشيات تابعة لحزب الله على قسم من هذا العقار، وذلك تحت ضغوط سياسية وحزبية كبيرة، توصلوا من خلالها إلى الحصول على 2200 متر من مدافن الطائفة السنيّة ليسمحوا للسنة بدفن موتاهم في هذه المنطقة ذات النفوذ الشيعي، وتحوّل هذا العقار الذي يسيطر عليه الحزب اليوم مدفناً لقتلى الحزب المنقولين من سوريا إلى لبنان.

يوسف العلايلي: سلموا الجثة للسفارة!

وبهذه المعادلة يصعب على النازح السوري دفن موتاه في هذا المدفن لعدة اعتبارات منها خوفهم من الدخول إلى الضاحية لأسباب باتت معروفة، كذلك بسبب عدم إيجاد مدفناً شاغراً. لذا في غالب الأحيان يتم نقل المتوفي السوري إلى سوريا وسط صعوبات شاقة في المعاملات وعلى الحدود وتحت مخاطر الحرب والقصف.أو يتم نقلهم إلى سوريا في حال توفر لهم مكان شاغر.

ويرى المحامي في دار الفتوى يوسف العلايلي في حديث مع "أورينت" أنه " وفي حال توفي أحد النازحين ولم يكن لديه أقارب في لبنان، في هذه الحالة المفروض أن تسلم جثته إلى السفارة السورية التي يقع على عاتقها نقلها إلى سورية ليدفن هناك، لكن في ظل الأزمة التي تمر بها فإن سفارتها في لبنان غائبة كلياً عن هذا الأمر"

ويضيف "الأمر لا يتوقف على جثث السوريين الذين يُدفنون وهم أحياء نظرا للواقع المزري الذي يعيشونه، ولذلك على المجتمع الدولي التنسيق مع الدولة اللبنانية لتأمين أماكن وتأهيلها لدفن موتى النازحين".

المفارقة أن سفير النظام علي عبد الكريم علي هو واحد من عتاة الشبيحة الطائفيين الذي أيد قتل السوريين وقصف بيوتهم بالكيماوي والسكود والبراميل... فكيف سيهتم لدفن موتاهم هنا؟!

رياض غضبان: 30 جثة لعمال سوريين لدينا!

وفي هذا المضمار يرى مدير مشفى بيروت الحكومي رياض غضبان أن "هذه القضية يجب معالجتها بشكل سريع، فمثلاً منذ سنة تقريباً كان داخل براد المشفى حوالي الـ70جثة تعود لأجانب بينهم 15 مجهولي الهوية وهناك 30 جثة لعمال سوريين و25 لأثيوبيين وسرلانكيين، بالنسبة لهؤلاء تم نقلهم عبر سفارتهم إلى دولهم لكن السوريين إنتظروا طويلاً ولأشهر مديدة داخل البرتد حتى علت الصرخة وتم دفنهم بإشارة من النائب العام التمييزي وبقرار من دار الفتوى التي فتحت مدفناً صغيراً جداً لهم في احد مدفني بيروت لكنه لا يستوعب حالياً لدفن أعداد إضافية إذ لا يمرّ أشهر بين دفن جثة وأخرى، ولا يجوز شرعاً فتح المقابر في هذه الفترات المتقاربة لدفن الموتى". ويبقى للسوريين رب كريم فمن ضاقت بهم الأرض، ربما ستتسع لهم أبواب السماوات ورحمة ربهم.

التعليقات (4)

    بوحائر

    ·منذ 8 سنوات 9 أشهر
    يا جماعة الخير، ترميد الجثة تعتبر حلا يمكن ان يكون عمليا، اي حرق الجثة وتحويلها الى رماد، كما يقول المثل الالمانى رماد الى رماد وغبار الى غبار Asche zu Asche , Staub zu Staub

    داعس راس حالش

    ·منذ 8 سنوات 9 أشهر
    مشكلة لبنان كما في سوريا سيطرة كاملة لعصابة ايران واذنابهم وللاسف سنة لبنان نائمون ويرون ما يحصل للاجئين السوريين لديهم دون حراك.. بل ترى من سنة لبنان من هو اشد احتقارا للسوري من غيره من الطوائف يجب تحريك الشرفاء من اللبنانيين لوضع حد لهؤلاء المجرمين

    سامي الطرابلسي

    ·منذ 8 سنوات 9 أشهر
    عذرا أهلنا في سوريا فنحن اهل السنة في لبنان مجرد مواطنون درجة رابعة في نظام حلف الأقليات الحاقد على اهل السنة . و قادتنا السياسيين و مشايخنا الدينيين ( المحسوبين على السنة زورا ) هم أبعد الناس عن همومنا و مشاكلنا و هم أكثر من يتآمر علينا و يبيعونا لخصومنا بأبخس الأثمان و بالتالي هم لن يراعوا السوريين او الفلسطينيين اللاجئين في لبنان و نحن ندعو الله كل يوم أن تنتصر الثورة السورية العظيمة فتتغير المعادلات الاقليمية و موازين القوى و تعرف كل طائفة حجمها الطبيعي و لا تتعداه و يعود كل شبيح إلى جحره

    سني عربي

    ·منذ 8 سنوات 9 أشهر
    نحن سنة لبنان مشكلتنا في قادتنا هنالك تحالف ماروني شيعي ضد أشقائنا السوريين وضدنا علينا والشعب السوري السني الشقيق الاتحاد نحن أهل ودم واحد ضد الرافضة
4

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات