وتطلب الرسالة من قارئها أن يتخيل لو "أن هذه الوردة جاءتك من مؤسسة الكهرباء كاعتذار على التقنين، أو من موظف في الدولة أساء اليك، أو من ضابط رفع صوته عليك في إحدى المرات".
تخيل!
وتتابع الرسالة في رسم ما تطلب تخيله من أمور، ظاهرها أنها طبيعية وبسيطة في كل مجتمع، لكنها في ظل حكم نظام الأسد باتت من أصعب الأمور دونها الذل والمهانة: "تخيل لو أنك تستطيع تسجيل ابنك في أية مدرسة تريد بدون واسطة، لو أن المدارس الحكومية تضاهي المدارس الخاصة من حيث النظافة والجمال والاخلاق، تخيل لو أنك قادر على تقديم شكوى على كل من يعتدي عليك، تخيل لو أنك قادر على التقدم لأي وظيفة في الدولة وتقبل بها بحسب قدراتك لا بحسب طائفتك".
وتمضي الرسالة "تخيل لوأن الشباب ليست مضطرة أن تهرب من الخدمة العسكرية، وأن بلدك تحترم القانون بكبيره قبل صغيره. تخيل أنك لست مضطراً لتشك بكل العالم خوفاً وخشيةً، تخيل أنك تستطيع نشر فكرك، علمك، أدبك، بدون موافقة أمنية!"
لا تمزق الورقة!
ويدعو ثوار دمشق من يقرأ الرسالة إلى التمهل: "انتظر قليلاً، لا تمزق الورقة، اقرأ وتمعن وفكر للحظة .. وتخيل، تخيل نفسك حراً، تستطيع أن تقرأ هذه الورقة بصوت عال في مكان عام. تخيل أن لك حق الاعتراض، حق الرأي، حق التعبير، حق العيش، وحق النهوض بالبلاد".
وبعد رحلة في عالم كان بالنسبة للسوريين في مرحلة ما قبل الثورة خيالياً وحلماً مستحيلاُ، تطلب الرسالة من قارئها العودة للواقع وتعيد تذكيره وتذكير الجميع بأن السوريين حين خرجوا بثورتهم أرادوا " تحويل هذا الخيال إلى واقع، واقع معاش تعيشه أنت وأنا والجميع. كل ما أردناه هو سوريا حرة، بشعبها، بأهلها، بفكرها، وبروحها. الثورة ثورة فكر، وهي كبياض الوردة التي بين يديك، فكثرة اعدائها هو ما جعلها تبدو لك على ما هي عليه اليوم، فلا تلونها أكثر ... ثوار دمشق".
تعبير رمزي!
وتأتي نشاطات شباب وشابات من دمشق بالرغم من كل التضييق والرقابة الأمنية، حيث تمضي دمشق لياليها على أصوات القصف والصواريخ المنطلقة من جبل قاسيون ومطار المزة باتجاه غوطتها وبلداتها. ويقول مراقبون رداً على من يرون في طريقة التعبير الرمزية هذه، نوعاً من التعبير الخافت، الذي لا يتناسب ووحشية وصلف ممارسات النظام:
"أن تكون دمشقياً اليوم فهذا يعني أنك سجين محاط بالحواجز والمرتزقة من كل الأشكال والألوان، من الأفغاني وصولاً للعراقي مروراً باللبناني، وأنك تتسقط الأخبار من موقع الفيس بوك والقصص التي يتناقلها الجيران والأقارب عن حملات المداهمة لسوق الشباب إلى الجيش، ومبالغ الرشوة التي يمكن دفعها للشبيحة، أن تكون خائفاً على عائلتك من الخطف منذ مغادرتهم المنزل لحين عودتهم. أن تكون دمشقياً فهذا يعني انك تخضع يومياً وفي كل مكان للحرب النفسية التي تمارسها مخابرات النظام من اشاعات وقصص خيالية مرعبة".
التعليقات (6)