رحيل حسن مصطفى: 60 عاماً من الفن.. وحضور يهودي في رأفت الهجان!

رحيل حسن مصطفى: 60 عاماً من الفن.. وحضور يهودي في رأفت الهجان!
ناظر (مدردسة المشاغبين)

الأستاذ (عبد المعطي) الذي لم يكن يستطيع السيطرة على طلابه الخمسة المشاغبين، بما فيهم ابنه (منصور) الذي يوصف بأنه: "ما بيجمعش"!

صدمة الأب بمستقبل الابن!

توفي حسن مصطفى صباح اليوم التاسع عشر من أيار / مايو 2015 بعد صراع مع المرض، عن عمر يناهز (81) قضى منها حوالي (60) عاماً في العمل الفني، منذ عمل في فرقة (اسماعيل ياسين) عام 1953، حين كان طالباً في السنة الثانية من المعهد العالي للفنون المسرحية الذي تخرج منه تخرج منه عام 1957.

قبل أن يدرس المسرح، كان والد حسن مصطفى الموظف في وزارة الأوقاف، والملتزم دينياً، يأمل أن يصبح ابنه ضابطاً في الجيش، وعندما شاهده للمرة الأولى في التلفزيون غضب منه بشدة، وقاطعه لفترة حتى تم الصلح بينهما، فقد خاض حسن مصطفى تحدي الاعتماد على نفسه منذ الصغر حتى يثبت لوالده أنه اختار الطريق الصحيح، فيما كان الوالد يأمل في أن يرى الابن ضابطا في الجيش في فترة كان الشعب المصري يحترم فيها الضباط بسبب ثورة يوليو وشعارات عبد الناصر.

وصدمة التربويين بمدرسة المشاغبين!

بدايات حسن مصطفى المسرحية، طبعت أدائه بطابعه المسرحي في مختلف الفنون التي عمل بها. فقد تدرج في الحقل المسرحى من أدوار صغيرة ومساندة في فرقة (إسماعيل يس ) حتى أدواره البارزة في (مسارح التلفزيون) و (فرقة الفنانين المتحدين) والتي كان أبرزها في مسرحية (مدرسة المشاغبين) التي كتبها علي سالم، وقدمت لأول مرة عام 1973، بعيد حرب تشرين بأيام، ولاقت نجاحاً كبيراً على مدى أعوام السبعينيات والثمانينيات، وصولا إلى عروضها التلفزيونية التي لم تنقطع. ولكن (مدرسة المشاغبين) تعرضت أيضاً لانتقادات حادة، لأنها – كما اتهم التربويون – روجت لقيم نشر الفوضى والاستهتار بالسلطة الأبوية لدى جيل كامل ممن تأثر بالمسرحية، إلا أن كاتبها علي سالم، دافع عنها بالقول: " إن المسرحية كانت انعكاساً لفترة انهارت فيها القيم التقليدية للمجتمع المصري والعربي بشكل عام، والمعروفة باسم فترة ما بعد النكسة وما بعد الانفتاح حيث تحولت قيم كثيرة إلى مثار للسخرية ".

حسن مصطفى يفضح ديكتاتورية عادل إمام!

نجاح (مدرسة المشاغبين) لم يحفظ لعناصرها بقائهم معاً، فقد كشف حسن مصطفى في حديث صحفي له ذات مرة، أن وكشف إلى أن الفنان عادل إمام رفض أن يشارك في مسرحية «العيال كبرت» مع أصدقائه لأنه أراد أن يكون بطلًا. فانفصل عادل إمام وسهير البابلي، وألف كل منهما فرقة مسرحية بمفرده، واستمر حسن مصطفى مع باقي المجموعة ليقدما مسرحية (العيال كبرت) عام 1979، من تأليف بهجت قمر وسمير خفاجي، وإخراج سمير العصفوري. واستمر حسن مصطفى بدوره الأبوي هنا، إما معكوساً، فبدل أن يكون (ناظر مدرسة المشاغبين) غدا رب عائلة مشاغب، يبحث عن مغامرات عاطفية على حساب أسرته وزوجته المثالية التي شاركته حياته.

صورت (العيال كبرت) تلفزيونياً في ثمانينات القرن العشرين، بتقنية البث الملون التي كانت حديثة آنذاك، واستمرت مع مسرحية (مدرسة المشاغبين) التي كانت قد صورت بالأبيض والأسود، لتقدم نماذج من حضور حسن مصطفى المسرحي.

نصف قرن من التمثيل التلفزيوني!

وقام مصطفى الذي تزوج من الفنانة ميمي جمال عام (1966) وأنجت منها ابنتين، بالمشاركة بمئات الأعمال التلفزيونية، منذ افتتاح التلفزيون المصري عام 1960... و خلال مسيرته الفنية قدم العديد من المسلسلات التليفزيونية في زمن الأبيض والأسود في الستينيات، إلا أن حضوره التلفزيوني الأبرز تكرس في سبعينيات القرن العشرين وأشهرها: (أوراق الورد) مع الفنانة وردة الجزائرية 1979‘ (زينت والعرش) المسلسل المقتبس عن رائعة فتحي غانم الروائية والذي ضم أضخم نخبة من نجوم الدراما المصرية في حينه: (محمود مرسي، كمال الشناوي، سهير رمزي، هدى سلطان، حسن يوسف، صلاح قابيل، محمود المليجي، ومن إخراج يحيى العلمي، (ليلة القبض على فاطمة) 1982، (أهلاً بالسكان) 1984، (بكيزة وزغول) 1986 و(أنا وأنت وبابا في المشمش) 1989، و(رأفت الهجان) بجزأيه الثاني والثالث (1990 – 1991) والذي تألق فيه بأداء دور الشخصية اليهودية (دان رابينوفيتش) المهووسة بالمال، كما شارك فاتن حمامة تجربتها التلفزيونية الاولى في (ضمير أبلة حكمت) 1991، وصولا إلى مسلسلاته الأخيرة: (إمام الدعاة) عن حياة الشيخ محمد متولي الشعراوي 2003 و(عباس الأبيض في اليوم الأسود) 2004، و(يتربى بعزو) 2007 (شيخ العرب همام) 2010 وجميع هذه الأعمال من بطولة يحيى الفخراني.

سينما الكوميديا والتراجيديا!

تراوحت مشاركات حسن مصطفى السينمائية بين أدواره الكوميدية، كما في (مطاردة غرامية، العتبة جزاز، الزواج على الطريقة الحديثة، عفريت مراتي، نص ساعة جواز، أضواء المدينة، فيفا زالاطا) وأعمال الدراما الاجتماعية كما في كلاسيكيات: (يوميات نائب في الأرياف، البوسطجي، الحرام، شيء في صدري، أفواه وأارنب) وصولا إلى أدواره الأخيرة في أفلام عادل إمام، وأبزرها (حسن ومرقص) الذي طرح مشكلة الأقليات وعلاقة المسيحيين الأقباط بجيرانهم المسلمين، في أجواء من التطرف التي كانت سمة مفضلة من سمات أفلام عادل إمام.

يبقى حسن مصطفى ممثلاً كوميدياً استطاع أن ينجح في مختلف ألوان الدراما... لكنه بقي من أعمدة الأدوار الثانية في السينما المصرية، دون أن يستطيع انتزاع بطولة أي دور أول خلال مشواره الطويل... لكن قدراته التعبيرية المتدفقة بطلاقة، وتنقله بين أدوار الخير والشر، والكاركتر المصنّع بتعبيرية، والشخصية المنسوجة من عمق الحياة... كرسته كوجه من وجوه الفن المصري، الذي استمر لفترة قياسية على الشاشة، وأسهم بكثافة في مختلف الفنون.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات