تبعات خطيرة للهجوم على مخيم اليرموك!

تبعات خطيرة للهجوم على مخيم اليرموك!
أصبح مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين الذي يبعد مسيرة عشر دقائق فقط بالحافلة عن وسط دمشق، ساحة معركة لعدد من القوى التي تقاتل للاستيلاء على هذه المنطقة الاستراتيجية والرمزية. وبدأت الحرب عندما اقتحم «داعش» المخيم، أخيراً، للمرة الثانية خلال عام واحد.

واندلعت الاشتباكات بين «داعش» وقوات «أكناف بيت المقدس» المقاتلة المحلية، وتواصلت الصراعات بين القوات المتمردة القريبة فيما هي تنحاز إلى أطراف مختلفة في الاشتباكات، وبالتزامن مع ذلك، واصل نظام الأسد إسقاط البراميل المتفجرة داخل المخيم خلال الاشتباكات، وتحمل القاطنون في المخيم كارثة إنسانية لأشهر عدة، بسبب الحصار الذي تفرضه الحكومة السورية عليهم، وأصبحت مشاهد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية والتجمد من البرد خلال فصل الشتاء جزءاً من الواقع، وربما ستسوء الأمور في حال تواصلت الصراعات.

نقطة تحول

ولكن بغض النظر عن الوضع الإنساني المروع لنحو ثمانية عشر ألف فلسطيني وسوري يقطنون المخيم، فإن النتائج في مخيم اليرموك تهدد بأن تكون المعركة نقطة تحول بالنسبة للمناطق المحيطة بدمشق. ولنحو عامين، سعى «داعش» إلى تأسيس معاقل له، غير أنه لم ينجح في ذلك كثيراً، وبعيداً عن المقاتلين في حي الحجر الأسود في دمشق حاول «جيش الإسلام» في المقام الأول منع «داعش» بلا هوادة من تأسيس موطئ قدم له هناك، لكن معظم المخيم أصبح اليوم يخضع لسيطرة التنظيم.

وأصدر «جيش الإسلام» بياناً يتهم فيه «جبهة النصرة» المؤيدة لتنظيم القاعدة التي تدير نقاط التفتيش بتسهيل مرور «داعش» إلى المناطق التي يقاتل عليها النظام، وصدرت اتهامات متشابهة من قبل المقاتلين الفلسطينيين من داخل المخيم، وأوشك التوتر بين «جيش الإسلام» و«جبهة النصرة» على أن يفضي إلى نشوب صراع بينهما.

ومنعت «جبهة النصرة» «جيش الإسلام» من عبور مناطق سيطرتها لقتال «داعش» في مخيم اليرموك، وفسرت القاعدة الخطوة بقولها: إن قوات «جيش الإسلام» تتضمن مجموعة أخرى تسمى «شام الرسول» التي قتلت سابقاً عدداً من أعضائها وتدعم مصالحة مع الأسد.

وتعتبر ضواحي دمشق ذات أهمية رمزية واستراتيجية لتنظيم «داعش»، ويعد مخيم اليرموك بوابة إلى وسط دمشق، وسيسهم تزايد حضور «داعش» في منطقة القلمون الجبلية بالقرب من لبنان في المساعدة على شن هجمات على المقاتلين الموجودين في تلك المناطق.

وتعد قوات «جيش الإسلام» من القوات القليلة المتمردة التي لم يتم إضعافها من خلال الاقتتال الداخلي الذي بدأ عام 2013، إلا أن ذلك لايزال أمراً ممكن الحدوث، لا سيما في الوقت الذي يزداد التوتر بفعل وجود «جبهة النصرة» والفصائل المنتشرة في المحافظات التي تنحو نحو وقف إطلاق النار محلياً.

وإذا استمر وجود تنظيم «داعش» بالقرب من دمشق، فإن ذلك سيساعد على شن هجمات واجتذاب المزيد من المجندين، وبخاصة هؤلاء الذين لا يندمجون مع القوات المسيطرة في المنطقة، وتعاني المنطقة من المنافسات المحلية والتوترات التي تنبثق عن تكتيكات كل مجموعة وموقفها تجاه نظام الأسد، ويمكن لتنظيم «داعش» أن يستنفر عناصره في المنطقة.

خلايا نائمة

وبسبب فشل تنظيم «داعش» في تأسيس وجود له في الضواحي المحيطة بالعاصمة دمشق، فإن المتعاطفين وأعضاء التنظيم يمثلون خلايا نائمة، وهي نموذج آخر معروف لنموذج إدارة تنظيم «داعش» العمليات وتوسيعها.

وبدا أن تنظيم «داعش» ينمو بشكل متسارع في جنوبي سوريا، ويأتي ذلك بعد اتباعه سياسات مشابهة لكيفية توسعه تدريجياً في الأشهر الأول من عام 2013 في مناطق أخرى هناك، ويعتمد التنظيم على شراء الولاءات وإيجاد خلايا نائمة واستغلال المنافسات المحلية وإنشاء محاكم عندما يتم تأمين وجوده.

سيطرة

أثبت تنظيم «داعش» بالنظر إلى تكتيكاته الأولى أنه أكثر تعاوناً مع مجموعات أخرى في جنوبي سوريا، وبخاصة «جبهة النصرة»، وقد يكون هذا أحد الأسباب التي دفعت الأخيرة لتجنب المناوشات مع عناصر «داعش» في مخيم اليرموك.

ويعد هجوم «داعش» في مخيم اليرموك المحاولة الثانية هذا العام، ويجب ألا تؤخذ باستخفاف، فهذه خطوة مدروسة بشكل جيد ونتاج استراتيجية أوسع لتوسيع تنظيمه في جنوبي سوريا.

وإذا سيطر «داعش» على مساحات أوسع من الأراضي في تلك المنطقة، فإن ذلك قد يساعده على الاستفادة كثيراً من المناطق الحضرية، والمناطق الحدودية لتأسيس حضور دائم طويل الأجل في الجنوب السوري.

* ترجمة: لانا عفانه- (البيان) 12/4/2015

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات