تعرف إلى بطاريات صواريخ (إيغلا): كيف سيصنعها الجيش الحر؟

أظهر فيديو نشر مؤخراً إسقاط طائرة للنظام بصاروخ (ايغلا) في درعا، وانتشرت أنباء عن توافر صواريخ (إيغلا) الحرارية المضادة للطائرات بيد الجيش الحر في درعا أيضاً، لتتبعها عدة شائعات تتحدث عن عدم عمل هذ الصواريخ لعدة أسباب، أولها وجود شيفرات تشغيل تمنع الصواريخ من الاطلاق على الطائرات السوفيتية الصنع، أو عدم وجود بطاريات حرارية لتشغيل هذه الصواريخ.

شيفرات تشغيل

المشكلة الأولى التي أعلن عنها وهي ما دُعي (شيفرات تشغيل) تمنع الصواريخ من إصابة الطائرات (السوفيتية) تعتبر معلومة غير دقيقة، فالحقيقة هي وجود جهاز يركب بشكل خارجي على القاذف و(ليس الصاروخ) يعمل هذا الجهاز على تحديد الطائرة إذا كانت معادية أو صديقة بمساعدة وحدة مرسل مطابق موجود على متن الطائرة نفسها، ترسل إشارات تُعرف هذه الطائرة لأكثر من جهة من بينها رادارات الاستطلاع ورادارات الدفاع الجوي وحتى جهاز تمييز عدو- صديق المرافق للقواذف المضادة للطائرات من هذه الأنواع وغيرها، فمعظم أنواع الصواريخ المضادة للطائرات تمتلك هذه الميزة من ايغلا وستريلا وستينغر وميسترال ويعتبر ضمن أحد الاضافات الأساسية لهذه الصواريخ لكن يمكن فكه وتركيبه خارجياً ولا يؤثر عدم وجوده على عمل الصاروخ.

حيث يركب هذا الجهاز خارجياً على القاذف ويرتبط بجهاز التسديد الصاروخ ويساهم في منع استهداف الطائرات الصديقة لكن غيابه لا يعيق اطلاق الصاروخ، ولا يذكر الكثير عن امتلاك النظام لهذه الأجهزة أو تركيبها فالدول التي تقتني هذه الأجهزة هي دول تمتلك طيراناً من أنواع مشابهة للطيران الذي تتوقع دخول حرب معه بهدف التمييز بين الطائرات الصديقة والمعادية من نفس النوع.

البطاريات الحرارية (منبع التغذية الأرضي)

أحد أكبر المشاكل التي تواجه الجيش الحر مع الصواريخ المحمولة على الكتف المضادة للطائرات هي مشكلة البطارية الحرارية أو ما يعرف علمياً باسم(البطارية المفعلة حرارياً)، ففعلياً لا يوجد ارتباط بين اسم البطارية ومقدرة الصاروخ على تتبع الحرارة وإصابة الأهداف بناء على الحرارة المنبعثة من عوادم المحركات.

تعود المشكلة الأساسية مع هذه البطاريات إلى قلة عددها وقصر زمن تشغيلها، فعادة يترافق مع كل صاروخ بطاريتين فقط زمن تشغيل البطارية أقل من دقيقة (فقد صممت هذه البطاريات أساساً لزمن استجابة بحدود خمس إلى عشر ثواني فقط). وهذه البطاريات تستنفذ بسرعة خاصة بسبب طلعات الطيران الكثيفة والتي لا تُحقق فيها شروط رماية مناسبة لإصابة الأهداف وبالأخص لناحية الارتفاع، فيحدث استنزاف للبطاريات وبنفاذها تصبح الصواريخ غير فعالة حتى يحصل على غيرها وخصوصا أنها غير قابلة لإعادة الشحن.

نوعان من البطاريات الحرارية لنوعين من البواحث الحرارية:

يوجد هناك تقنيتان رئيسيتان من تقنيات البواحث الحرارية المستخدمة في الصواريخ المضادة للطائرات نوردها باختصار .

البواحث غير المبردة:

وهي النوعية الأقدم وتشمل صواريخ ستريلا فقط في سوريا، حيث يعمل الصاروخ بوجود رأس باحث لا يحتاج للتبريد ما يبسط تصميم البطارية الحرارية المرافقة له حيث يقتصر عمل هذه البطارية على تأمين الجهد الكهربائي لتشغيل أجزاء الصاروخ من الباحث ووحدة الجايروسكوب للصاروخ حتى لحظة اطلاقه.

صنع الجيش الحر عدة بدائل لهذه البطاريات وظهرت واستخدمت في المعارك وأثبتت فاعلية مطابقة لفاعلية البطاريات الأصلية ومتفوقة عليها في زمن التشغيل الذي يمتد لساعات إضافة لقابلية شحنها.

تصميمها بسيط لا يتعدى أربعة أقطاب في مدخل البطارية مرقمة (1 و 4) تقدم على التوالي أربعين فولط وعشرين فولط جهد مستمر( أما القطبان 3 و 2 فهما متصلان داخلياً ليشكلا السالب) يجعل من تصنيعها أمراً سهلاً وميسراً ويمكن الاعتماد على البطاريات العادية أو دارات مصادر تغذية قابلة للضبط للحصول على الجهد المطلوب.

البواحث المبردة:

الجيل الأحدث من البواحث الحرارية وهو الأكثر فاعلية وتطوراً ويبحث ليس فقط عن الأشعة تحت الحمراء بل أيضاً عن الأشعة فوق البنفسجية في بعض النسخ ويبدي مقاومة أكبر للتشويش ، ويشمل طيفاً أوسع من الصواريخ مثل إيغلا بأجيالها وستينغر و FN-6 وغيرها حيث تعتبر معظم الصواريخ السوفيتية المحمولة على الكتف المضادة للطائرات ببواحث مبردة باستثناء صواريخ ستريلا (الجيلان الأول والثاني).

تتفق البطارية المستخدمة مع هذه البواحث مع البطارية من النوع غير المبرد بعدة سمات وتختلف بسمات أخرى فأهم ميزة هي قصر زمن التشغيل واستحالة اعادة الشحن، لكنها تختلف عنها بعامل أساسي وجوهري، ويختلف هذا الجيل عن الجيل الأقدم بضرورة تبريد الرأس الباحث عن مصادر الأشعة (تحت الحمراء أو فوق البنفسجية) لدرجة حرارة منخفضة جداً تحت الصفر حتى يعمل بسبب طبيعة المادة المصنوع منها.

وتعمل هذه البطاريات (بالإضافة لتغذيته) على تبريد الرأس الباحث للصاروخ ليكتشف الهدف قبل أن يطلق حتى يتم اطلاقه .

يُبرد الرأس الباحث باستخدام غاز مسال تتولد عنه حرارة منخفضة عند تخفيض ضغطه فجأة ضمن ما يعرف (بعملية الضغط والافلات )**، حيث تتسبب هذه العملية بتبريد الرأس الباحث لدرجة كافية ليلتقط الأهداف .

هذا التقنية مطبقة في صواريخ ايغلا وتجعل تصنيع بطارية لهذه الصواريخ عملية أعقد بكثير من تصنيع البطاريات لصواريخ ستريلا، حيث يتطلب الأمر إضافة لمصدر التغذية الكهربائية وجود مصدر لغاز مسال يعمل على تبريد الرأس الباحث للصاروخ .

وتبدو جميع البطاريات لهذه النوعية من الصواريخ بشكل أسطوانة في رأسها كرة سوداء، تحتوي الأسطوانة على البطارية الحرارية في حين تحتوي الكرة السوداء على الغاز المسال الذي يندفع عبر أنبوب معدني في نهايته ثقب وهذا الأنبوب يتصل بوحدة تبريد الرأس الباحث التي ترش الغاز لتبريد الرأس الباحث للصاروخ .

يستخدم في صواريخ ايغلا غاز الآزوت (النيتروجين) وهو غاز يسهل الحصول عليه مسالاً بسب استخداماته الطبية الكثيرة وتبلغ درجة حرارة تبخر النيتروجين المسال(196 تحت الصفر)***.

كيف ستكون البطارية في حال صنعها الجيش الحر؟

في حال صنع الجيش الحر بطاريات لهذه الصواريخ فستكون بشكل مختلف عن البطاريات التي صنعها سابقاً لصواريخ ستريلا. فتختلف بطارية صاروخ الإيغلا عن بطارية صاروخ ستريلا بعدة أمور أولها جهد التشغيل، حيث تولد بطارية صاروخ ايغلا ثلاثة جهود تشغيل +20 فولط \ -20 فولط \ 5 فولط بالإضافة للأرضي، و تعتبر الجهود حساسة للتغيير (يجب ضبطها بدقة وبالأخص 5 فولط تجنبا لتخريب الكترونيات الصاروخ وجهاز التسديد الداخلية حيث لا يجب أن ترتفع فوق 5.5 أو تنخفض تحت 4.5 فولط ). ****

سوف يُستخدم جسم بطارية مستنفذة بعد قص قسم من الأسطوانة التي تحتوي البطارية الحرارية والحفاظ على القسم الذي يدخل من البطارية ضمن القاذف بسبب وجود آلية اقفال تضمن عدم سقوطه، وبسبب طبيعة مدخل الغاز المميز الموجود في البطارية والذي يجب المحافظة عليه للحصول على نتائج جيدة لتبريد الرأس الباحث.

ثم توصيل الأسلاك بالترتيب المناسب إلى مصدر الجهد التي ستكون هذه المرة دارة تغذية (وليس فقط بطارية كما في بطارية الستريلا )تعطي جهد تغذية دقيق، فقد يُستخدم مصدر جهد قابل للضبط للحصول على جهود دقيقة وثابتة.

مع أسطوانة من النيتروجين المسال تربط بالكرة التي توفر الغاز لتبريد باحث الصاروخ، ثم تملأ إلى الضغط المناسب ليستخدم نفس مدخل البطارية لتوفير الغاز لتبريد الصاروخ للمحافظة على عدم تسريب الغاز والحصول على ضغوط مناسبة لإحداث الأثر المطلوب حيث يبلغ ضغط غاز النيتروجين الموجود داخل بطارية صاروخ ايغلا الأساسية (350 جو ).

الهوامش :

*صواريخ ايغلا: صواريخ سوفيتية الصنع مضادة للطائرات تعتبر متطورا نسبياً ولها عدة أجيال يبلغ المدى الأقصى للرمي حوالي خمسة كيلومترات لكنها لا ترتفع لأكثر من ثلاثة كيلومترات ونصف استخدمت غير مرة لتدمير طائرات النظام وآخرها في درعا.

تعمل ثلاثة أجيال من هذا الصاروخ على نفس نوعية البطارية الحرارية ذات الرقم 9B238 (بالروسية 9б238).

**الضغط و الافلات: تتعرض الغازات عند ضغطها لدرجة السيلان ثم افلاتها لظاهرة فيزيائية ينجم عنها انخفاض حاد و شديد لدرجة حرارتها و يستفاد من تلك الظاهرة في الثلاجات في المنازل حيث يمرر غاز التبريد ضمن أنبوب شعري ثم يتعرض لتخفيض الضغط فجأة في ( قسم الثلاجة).

***النيتروجين السائل متوفر بكثرة فهو يستخدم طبيا لمعالجة بعض الأمراض الجلدية وبخاصة اللشمانيا وبعض أنواع سرطانات الجلد ومن السهل الحصول عليه .

يغلي النيتروجين السائل في درجة حرارة بحدود 196 مئوية (تحت الصفر).

****جهود التشغيل بناء على التفاصيل التقنية للصاروخ، ويمكن استخدام جهاز الافومتر والتضحية ببطارية وتشغيلها بدون ربطها مع القاذف لقياس الجهود الناتجة عنها عند تشغيلها اضافة لتوزع الأرجل بشكل دقيق.