تعرّف إلى حياة الطالب الجامعي " السوداء" في مناطق سيطرة النظام

تعرّف إلى حياة الطالب الجامعي " السوداء" في مناطق سيطرة النظام
(أم سالم)، كانت تحلم بيوم تخرج ابنها من الجامعة كباقي الأمهات اللواتي ينتظرن هذا اليوم بفارغ الصبر، لكنها وجدت نفسها عاجزة عن الفرح كحال السواد الأعظم من السوريين لاسيما أن هذا النجاح بات يخفي مصيراً مجهولاً. فقد تخرج سالم في الدورة الامتحانية الماضية من قسم الادب الإنكليزي في كلية الآداب بعد أن نجح بمادة يتيمة .

بدأت مخاوف (أم سالم) تقول أنه منذ اللحظة التي اتصل بها ابنها ليخبرها بتخرجه، وبدلاً من أن تغمرها سعادة لسماع هكذا خبر، بدأت الهواجس تراود مخيلتها حول مصير ابنها الذي سيذهب للخدمة العسكرية عند النظام، كونه أنهى دراسته الجامعية.تقول أم سالم: "ليته لم يتخرج من الكلية، ليته بقي طالبا الى أن ننتهي من هذه الحرب.فمن يلتحق بالخدمة العسكرية الآن لا يعلم سوى الله ما سيكون مصيره، فإن لم يمت ربما يعود لي بعاهة. وبالتأكيد ليس هذا هو المصير الذي أحلم به لابني ".

أما (سيف) الذي ينتمي لـ"عائلة مؤيدة" فهو يعيش صراعا بين حث أهله له على انهاء جامعته بسرعة للانضمام للجيش والدفاع عن الوطن حسب اعتقادهم، وبين عدم رغبته في التخرج لكي لايزج بنفسه في حرب من أجل نظام لايتدخل في تأمين وظائف للعديد من حملة الشهادات ممن لا يملكون واسطة.يقول سيف:" أبي رجل مؤيد للنظام وهو يريد أن يتفاخر بابنه الذي يدافع عن الواطن أمام أصاحبه ومعارفه دون أن يفكر للحظة بالمصير الذي ينتظرني لدى التحاقي بالخدمة بالعسكرية.وفكرة أن يأتي شخص يحمّلك تبعات اتجاهاته السياسية على حساب رأيك وموقفك الشخصي كافية لكي تجعلني أكره التخرج من الجامعة لأنها الحجة الوحيدة التي تحميني من رغبة عائلتي التعيسة...أنا لا اريد أن أتفاخر بحمل بندقية.. أريد أن أفخر بوظيفة تليق بشهادتي ".

في الرسوب السلامة !!

ووسط ارتفاع معدلات البطالة في سوريا لمستويات غير مسبوقة باتت فكرة التخرج من الجامعة بمثابة حكم غير قابل للطعن للالتحاق بركب العاطلين عن العمل.وهذا ما يدفع (هيثم) للمماطلة بتخرجه، هربا من واقع لا يريد مواجهته. يقول (هيثم)" التخرج هو بمثابة موت سريري بالنسبة لي...ففي بلد يختل فيه ميزان التكافىء ويغيب عنه القانون مقابل انتشار المحسوبيات والوساطات ما الذي يمكن أن انتظره بعد تخرجي؟؟عندما كانت حال البلد مستقرة أكثر لم يكن الخريجين يحظون بفرص للعمل إلا اذا كانت لديهم واسطة،فكيف سيكون الوضع الآن؟ "

ويتشارك (حسام) الرأي مع هيثم بمصير الخريجين من الجامعات وما ينتظرهم من هموم وعطالة عن العمل...وهذا ما دفعه لعدم تقديم عدد من مواده في الامتحان الفائت في محاولة منه لاطالة مدة بقائه في الجامعة ريثما يجد طريقة ليهاجر من البلد نهائيا. يقول حسام" أن ابقى طالبا جامعيا أفضل من أكون حامل شهادة عاطل عن العمل.ففي الحالة الأخيرة سيزداد الضغط النفسي علي أكثر،هذا عدا عن السؤال الذي سيقض مضجعي ليل نهار من قبل أي أحد يراني وهو: ألم تجد وظيفة حتى الأن؟"

فرحة في المجهول

بدورها تعرب (لانا) التي تستعد للتخرج من كلية التربية بعد شهرين تقريبا عن أسفها لما ينتظرها في مرحلة ما بعد التخرج، واصفة الحالة بالغيمة السوداء التي تبدد الفرح وتحجبه عن القلب... تقول" عندما كنت في السنة الأولى كنت أحلم باليوم الذي سأتخرج فيه من الجامعة أما الآن بات هذا الحلم كابوس يقض مضجعي كلما اقتربت من تحقيقه...ففكرة انتظار تعييني أوالسعي لتقديم طلبات العمل هنا وهناك في القطاع الخاص أمر ميؤوس منه وبلا فائدة.لاسيما أن أعداد الخريجين السابقين بالمئات والكل نال نفس المصير وهو الانضمام لركب العاطلين عن العمل،ولا أتوقع أن أكون أوفر حظا ممن سبقوني...بالمحصلة هذه الأفكار وغيرها الكثير يجعلني أشعر بالكآبة والحزن كلما اقتربت موعد تخرجي".

أما بالنسبة لفكرة الارتباط والزواج التي كانت غالبية الفتيات تحلم بها بعد التخرج فهي الآن فكرة جنونية وسط ارتفاع عدد الشباب العاطلين عن العمل...ولا تعتقد معظمهنّ أن شابا يعيش ضمن هذه الظروف سيفكر بالزواج وتحميل نفسه أعباء إضافية".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات