كانت تلك لقطة الختام في مناورات (الرسول الأعظم) التي انتهت حسب التوصيف الإيراني بالسيطرة على حاملة طائرات أمريكية بطائراتها ثم تفجيرها، حيث يحمل المشهد الختامي في المناورات الأخيرة (رغم كوميديته)* الكثير من الرسائل لدول الجوار .
أسلحة إيرانية "متطورة فريدة" :
تتحدث إيران عن مستوى تقني لأسلحتها يقارب المستوى التقني للدول الخمسة الكبرى، وعن إنتاج عسكري هائل في كل المجالات يشمل قائمة طويلة من الأسلحة المختلفة (قد تزيد عن ما صنعه طرفا الحرب الباردة) وعن تحديها لأمريكا واسرائيل عسكرياً، ولا يمر شهر أو اثنان إلا وتعلن إيران عن تطوير أو تصنيع سلاح جديد (متطور فتاك منقطع النظير) وتتراوح أسلحتها واختراعاتها ابتداء بالطائرات النفاثة الشبحية من الجيل الخامس والأقمار الصناعية انتهاء بالبنادق والمسدسات، مروراً بالزوارق الشبحية و(الزوارق الطائرة) وأنواع الرادارات والصواريخ الموجهة والصواريخ البالستية والطوافة وغيرها .
لو نظرنا للكلام الإيراني عن الأسلحة المتطورة التي يصنعونها والتقنيات المتقدمة التي يملكونها وقارناها بالأسلحة الإيرانية في المعارك في سوريا لوجدنا فرقاً كبيراً بين طائرات الجيل الخامس الشبحية (قاهر)** التي ادعت إيران تصنيعها وصواريخ (فلق أو فيل) التي تهدم بها المدن السورية و التي تعتبر مجرد صواريخ غراد أو الكاتيوشا أضيف له رأس حربي كبير .
أسلحة متخلفة لحرب مصيرية :
لم ينقطع الإمداد الإيراني لنظام الأسد بالرجال و العتاد يوماً واحدا،ً فطائرات النقل الإيرانية و السورية و غيرها تهبط بشكل شبه يومي في مطارات النظام المختلفة، حاملة معها الإمداد بالأسلحة وعناصر الميليشيات الشيعية لضمان استمرار بقاء نظام الأسد، فالحرب السورية حرب مصيرية للمشروع الإيراني وهذا ما يدفع الإيرانيين للاستمرار في القتال واستخدام كل ما في جعبتهم من تقنية ومقدرات عسكرية وتقنية وبشرية .
لكن خلال هذه الحرب ظهرت واستخدمت أنواع أسلحة إيرانية الصنع لا يمكن بمحل وصفها بالمتطورة أو المتفوقة، ومعظمها أسلحة تعود في أصولها لنسخ من أسلحة الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة فلم تظهر أسلحة ذكية أو مميزة أو متطورة مصنوعة في إيران، وتعتبر الأسلحة الإيرانية هي الأقل مستوى بين الأسلحة التي يستخدمها الأسد.
فعلى اعتبار أن اتجاه التطور التقني الإيراني موجه ضد الغرب وأمريكا وإسرائيل فأكبر تهديد يواجهه النظام (نظرياً) هو طائرات الناتو وإسرائيل، ومع ذلك لم يظهر لدى النظام أي بطارية صواريخ مضادة للطائرات (إيرانية الصنع)، على الرغم من تعرض النظام لأكثر من غارة إسرائيلية وتحول سماء سوريا إلى أكثف منطقة بالحركة الجوية للطائرات المقاتلة في العالم وتعرض شبكة الدفاع الجوي للنظام لضرر كبير.
فإيران حسب زعمها صنعت عدة أنواع من منظومات الدفاع الجوي الصاروخي مختلفة الأنواع وعدة منظومات مدفعية مضادة للطائرات منها ما يطلق أوتوماتيكياً، لكن أيا منها لم يثبت ظهوره في سوريا لدى النظام حتى الآن رغم أن النظام عرض خلال المناورات التي أجراها خلال عام 2012 عدة أنواع من دفاعه الجوي السوفيتي فقط .
كذلك لم تشاهد أي من الطائرات المروحية الهجومية المتطورة التي أعلنت إيران عن تصنيعها في المعارك في سوريا على الرغم من طبيعة المعارك والتي تتطلب هذا النوع وبشدة أضافة إلى تخلف المستوى التقني لطائرات النظام المروحية الهجومية طراز مي24 .
كذلك فلم يؤكد مثلاً حصول النظام على ذخائر جوية إيرانية متطورة وبخاصة أن إيران تدعي أنها تصنع عدة أنواع من الصواريخ جو أرض سواء الموجهة أو غير الموجهة والقنابل الموجهة بالليزر والموجهة تلفزيونياً وغيرها و لازال نظام الأسد يستخدم البراميل المحلية الصنع.
خسر النظام كماً كبيراً من الدبابات، ودباباته السوفيتية الموجودة تعاني من التخلف والقصور في عدة نواحي، ولكن لم تظهر لحد الآن أي دبابة من الدبابات المتطورة التي تدعي إيران أنها صنعتها كدبابة (ذي الفقار) التي أنتجت منها إيران عدة أجيال لحد الآن أو غيرها .
مدفعية صاروخية و ذخائر:
الكم الطاغي من العتاد (المصنوع في إيران) الذي يحصل عليه النظام هو المدفعية الصاروخية من راجمات صواريخ غير موجهة و صواريخها، فقد نسخت إيران مجموعة من أنواع المدفعية الصاروخية السوفيتية والكورية وأطلقت عليها تسميات فارسية مثل خيبر وفجر وزلزال وغيرها، والتي لا تحتوي أي شكل من أشكال منظومات التوجيه ولا تختلف إلا في الحجم والشكل الخارجي عن صواريخ الكاتيوشا (التي استخدمت في الحرب العالمية الثانية) والغراد، مع أنها تحمل نفس التصميم الأساسي (تطلق معظمها من قواعد أطلاق مثبتة على شاحنات مرسيدس).
إضافة للذخائر المختلفة للأسلحة تعطي إيران للنظام كذلك الأسلحة الفردية و الخفيفة من بنادق وقواذف وذخائرها التي تعتبر جميعاً نسخاً من أسلحة غربية أو شرقية وقاذفات القنابل وبنادق القنص وبعض القواذف والمدفعية عديمة الارتداد والهاون و الألغام والمواد المتفجرة ومواد تصنيعها.
وقد تكون من أشهر الأسلحة التي دعمت بها إيران النظام هي القناصات عيار 12.7 والتي تصنع إيران بعضها وهي نسخة من قناصة نمساوية عيار 12.7 (أعطت إيران النظام كلا النسختين ).
أكثر أسلحة إيران تطوراً في سوريا :
أكثر الأسلحة (المصنوعة في إيران) تطوراً التي يحصل عليها النظام من إيران هي الطائرات بدون طيار بأنواعها والتي انحصر دورها على الاستطلاع على الرغم من زعم إيران تصنيعها لطائرات من دون طيار مسلحة بقنابل وصواريخ موجهة جو-أرض وجو-جو .
اضافة لصواريخ (فاتح 110) البالستية التي تحتوي منظومة توجيه ومحركات صينية (نسخة من صاروخ صيني )، بجانب الدعم التقني في تطوير صواريخ سكود بتقنيات صينية وكورية شمالية وبعض التجهيزات الإلكترونية الأخرى مثل بعض أجهزة الاتصالات ويعتقد بتزويد ايران للنظام بتجهيزات سطع وتشويش راديوي إيرانية الصنع وبعض التجهيزات البصرية من مناظير ومقدرات مدى ليزرية وغيرها .
كما أن النظام حصل مسبقا على النسخة الإيرانية من صواريخ c802 الصينية المضادة للسفن والمسماة نور .
يعتقد كذلك أن إيران دعمت النظام بتقنيات تصنيع الدروع القفصية التي بدأ بنشرها مؤخراً على دباباته وجرافاته والتي تعتبر حاجة ماسة لقوات النظام وبالأخص أن دروعاً مشابهة ظهرت خلال عروض إيران العسكرية سابقاً.
تعتبر الأسلحة المنتجة في إيران أسلحة أقل مستوى بكثير من النسخ الأصلية على الرغم من التطابق في الشكل الخارجي لهذه الأسلحة فإيران تنسخ أو تحور عدداً من الأسلحة التي حصلت عليها من أمريكا والاتحاد السوفيتي والصين وكوريا الشمالية وإسرائيل وغيرها لكن نسخها تعتبر منخفضة المستوى التقني لعدة أسباب أهمها استخدام تكنولوجيا مدنية لتصنيع تجهيزات عسكرية .
فإيران تستخدم تكنولوجيا مدنية أو تشتري تكنولوجيا عسكرية منخفضة المستوى بسبب عجزها عن تصنيع الكثير من مكونات الأسلحة بسبب تخلفها التقني في عدة مجالات أساسية هي صناعة الإلكترونيات (المقصود هنا العناصر الإلكترونية من ترانزستورات ودارات متكاملة وعناصر إلكترونية أخرى)، وقسم كبير من الصناعات الكيماوية اللازمة للإنتاج العسكري والصناعات المعدنية، ويساهم الحصار النظري المفروض عليها في عرقلة حصولها على هذه التجهيزات والمواد لكنه لا يوقفه، فإيران تحصل على قسم كبير مما تحتاجه بوسائل متعددة ومن دول متعددة وأكبر دليل على ذلك أن طائرات F14 الأمريكية لدى إيران ماتزال تعمل .
الهامش :
لا تعمل حاملة الطائرات منفردة ويحتوي تشكيل العمل الخاص بها عدداً كبيراً من القطع البحرية والطائرات والغواصات والحوامات وطائرات الاستطلاع و الحرب الإلكترونية , ويمتد النطاق الدفاعي لحاملة الطائرات إلى أكثر من خمسمائة كيلومتر ومكون من عدة طبقات، إضافة لكون حاملات الطائرات الأمريكية في الخليج العربي موجودة بالقرب من العديد من القواعد البحرية والجوية لدول الخليج .
كما أن عملية تحشد هذا العدد الكبير من المراكب قبل الهجوم يستحيل أن يتم بسرية، وخصوصاً في بيئة مملوءة بوسائط الاستطلاع المتعددة (تدعي إيران أنها ستقوم بهجوم بعشرة ألاف زورق سريع).
التعليقات (11)