ما هو "الصيد الثمين" للمخابرات الذي طبّل له الإعلام اللبناني؟

اتّحدت وسائل الإعلام اللبنانية في اليومين الماضيين بالتغنّي والثناء على الإنجاز العظيم الذي حققته مخابرات الجيش اللبناني بإلقاء القبض على أحد السوريين الذي وصف بأنه من أخطر الإرهابيين، في حين تبيّن أن ذلك الإرهابي ليس إلا لاجئاً مسكيناً ومريضاً في القلب، حسبما كشف المحامي نبيل الحلبي مدير المؤسسة اللبنانية للديمقراطية وحقوق الإنسان، الذي تحدص لـ(أورينت نت) عن حقيقة "الصيد الثمين" اللجيش اللبناني.

سيل من الاتهامات الباطلة!

وكانت العديد من وسائل الإعلام اللبنانية ومن ضمنها قناة المنار التابعة لحزب الله والمستقبل التابعة لسعد الحريري، قد أعلنت أن مخابرات الجيش اللبناني تمكنت من إلقاء القبض على أحد أهم المطلوبين في قضايا إرهابية، ويدعى حسن حربا.

واستفاضت الصحف والمواقع اللبنانية في شرح ووصف وتعداد الجرائم والانتهاكات التي قام بها "الصيد الثمين"، ومن تلك الاتهامات: (الاعتداء على جنود لبنانيين وتنفيذ عمليات ضد الجيش، الانتماء لمنظمات إرهابية، الاعتداء على حاجز وادي الحصن، تقديم الدعم للمجموعات الأخرى التي كانت تستهدف المراكز العسكرية، خطف العسكريين، محاولة السيطرة على حاجز وادي حميّد، الهجوم على حاجزي وادي سويد ووادي حميّد التابعين للجيش، مبايعة أحد التنظيمات الإرهابية وتعينه من قبل هذا التنظيم مسؤولاً أمنياً داخل عرسال، ترؤس مجموعة مسلّحة كانت تتنقّل بين جرود فليطا وبلدة عرسال وجرودها.)... واتهامات أخرى كثيرة تحتاج لذكرها إلى ملف من عة حلقات.

حقوقي لبناني يفنّد الأكاذيب!

في مقابل ذلك فنّد المحامي نبيل الحلبي مدير المؤسسة اللبنانية للديمقراطية وحقوق الإنسان ما ورد في وسائل الإعلام من اتهامات ضد حسن حربى، وكتب الحلبي عبر حسابه في "فيسبوك": "حسن حربا " لاجئ سوري بسيط يبيع الحليب في عرسال، ذهبَ إلى مكتب الأمن العام في عرسال لتجديد إقامته فإذ بهم يعتقلونه و يضربونه بعنف بسبب تشابه إسمه مع إسم شخص له ملف أمني خاص و يعتقلونه بدلاً عن مفقود".

وتابع الحلبي: "تمَّ تسليم حسن حربا إلى مخابرات الجيش حيث قامت العناصر الأمنية بتعذيبه بشدّة وأرغمَ على توقيع على إعترافات لا علاقة له بها، و أرسلت اعترافاته بمحضر إلى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية الذي لم يحضر تحقيقاً للمخابرات يوماً , لكن يتواصل معهم عبر الهاتف من مكتبه و يتبنى ما جاء في المحضر بإعتبارها جهة أمنية رسمية ".

وأضاف الحلبي: "اليوم مساءً أسمع نشرات الأخبار اللبنانية، كلها تعمم المصدر الامني لمخابرات الجيش المعنوَن تحت إسم " الصيد الثمين ."

وختم الحلبي قائلاً: "لكم الله أيها اللاجئون القُصيّريون و كأن ما أصابكم في أرضكم لم يشفِ غليل البعض بعد."

الحلبي لـ(أورينت نت): الأجهزة الأمنية انتزعت اعترافات حربا بالقوة وهي تتحمل مسؤولية ما حدث!

في حديث خاص لـ(أورينت نت) قال المحامي نبيل الحلبي أن القصة بدأت بعد أن توجه اللاجئ السوري حسن حربا لتسوية وضع إقامته عند مركز الأمن العام في عرسال، حيث تم اعتقاله بعد ضربه، ومن ثمّ تسليمه إلى مخابرات الجيش اللبناني حيث جرى تعذيبه وإرغامه على التوقيع على محضر اعتراف".

وأوضح الحلبي أن حربا إنسان بسيط لا يتعاطى بأي شأن سياسي، ويعمل في بيع الحليب لينفق على أهله، وكان يسعى لجمع ثمن عملية قسطرة لقلبه هو في أمس الحاجة لها، وأكّد الحلبي: "كل الاتهامات التي كيلت بحق حسن كاذبة ونحن متأكدون من براءته".

وأشار المحامي المعروف بمناصرته لقضايا السوريين عموماً واللاجئين خاصةً أن المشكلة في مسألة حسن حربا أن مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية ادعى عليه بجناية وإرهاب، ما يعني أنه أصبح متهم لدى المحكمة العسكرية.

وأكّد الحلبي أنه سيقوم بمتابعة الموضوع من خلال اتصالاته، حيث لفت أنه تحدث مع مسؤولين في جهاز معلومات الأمن العام و شرح لهم الأمر لكنهم أخبروه أن القضية لم تعد عندهم، إنما لدى المؤسسة العسكرية، محملاً مسؤولية ما حدث للأجهزة الأمنية، لاستخدامها التعذيب وسيلة لانتزاع اعترافات غير صحيحة ثم البناء عليها.

في سياق متّصل، قال الحلبي أن الكثير من الاعتقالات التي يتابعها تتشابه مع حالة حربا، واعتبر "إن قلة الاحترافية لدى بعض الأجهزة الأمنية واستخدام التعذيب كوسيلة في التحقيق تقود إلى نتائج كارثية".

وفي إجابته عن سؤال عما إذا كان هناك أي دور للتيارات السياسية المعروفة بدعمها للثورة في هذه القضية أو غيرها، قال الحلبي خاتماً: "هؤلاء أصبحوا يطبّلون للجيش على العمياني.. الله يرحم"!

اعتقال اللاجئ السوري إنجاز كبير للأمن اللبناني!!

احتفى الإعلام اللبناني بالانتصار الكبير الذي حققه جهاز الأمن باعتقال اللاجئ السوري حسن حربا، وفي تصريح لصحيفة الحياة وصفت مصادر أمنية توقيف حربا بأنه جاء ثمرة متابعة دقيقة من الأجهزة الأمنية، وتنسيق وثيق بينها، في ملاحقة المنتمين إلى المجموعات المسلحة التي تتمركز في منطقة القلمون السورية.

وعلى الرغم من أن الحلبي وغيره كثيرون أكدوا أن الموقوف حسن حربا ليس إلا لاجئ سوري يبيع الحليب في عرسال وأن اعتقاله جاء بالخطأ نتيجة تشابه في الأسماء، إلا أنه لم يظهر حتى الآن أي توضيح أو اعتذار من قبل جهاز المخابرات أو القضاء أو من وسيلة إعلامية لبنانين، لا سيّما ممّن تغنّى بالصيد الثمين للجيش، ويبقى مصير حربا مجهولاً..!