ليل آذار الطويل-7: حماة تنتفض ضد دستور حافظ الأسد 1973

ليل آذار الطويل-7: حماة تنتفض ضد دستور حافظ الأسد 1973
يرتبط تشكيل (الطليعة المقاتلة) قيادة وتوجيهاً وتنظيراً بالشيخ (مروان حديد) المهندس الزراعي الحموي الحائز على ليسانس بالفلسفة.

وقد تشكل هذا التنظيم في أوائل عام 1975م، وتعارف كوادره فيما بينهم على التسمي باسم (الطليعة المقاتلة لحزب الله). وقد ولدت فكرة تشكيل هذا التنظيم الطليعي من خلال أحداث الاحتجاج على دستور حافظ الأسد عام 1973م الذي ركز السلطات بيد رئيس الجمهورية وجعل نفسه فوق المحاسبة والمراقبة!

خداع حافظ الأسد للمحتجين!

حرك الاحتجاج على دستور حافظ الأسد مركز حماة بقيادة (مروان حديد) والشيخ (سعيد حوى)، ومثّل هذا التحرك أخطر اختبار لقوة مجموعة حديد المسيطرة على مركز حماة وعناصره في المحافظات الأخرى، إذ تمكنت من القيام بإضراب عام في حماة، شارك فيه الاشتراكيون (جماعة أكرم الحوراني) والناصريون (جماعة محمد الجراح)، وتحول الإضراب إلى أحداث شغب ضد مراكز حزب البعث الحاكم والمنظمات الشعبية التابعة له، وبعض المقاهي وأماكن بيع الخمور.

طوق (الرئيس) حافظ الأسد هذا الانفلات الأمني بإرضائه للإسلاميين بأن طلب من مجلس الشعب المؤقت أن ينص مشروع الدستور على أن يكون دين رئيس الدولة هو الإسلام، وأدى هذا إلى فتح الباب أمام إمكانية مشاركة بعض الشخصيات الإخوانية التقليدية في انتخابات مجلس الشعب التي تمت في أيار عام 1973م، والتي قابلها أنصار المدرسة الراديكالية بالنقد الشديد. في حين قامت السلطات باعتقال عدد من الإخوان المسلمين والناصريين والاشتراكيين الذين شاركوا بالإضراب العام في حماة، إلا أنه تم الإفراج عن معظمهم بعد عشرة أشهر، باستثناء مجموعة محدودة على رأسها الشيخ (سعيد حوى)، أحد أبرز الناشطين في ذلك الإضراب، ولم يطلق سراحه إلا عام 1978م بعد حبس دام خمس سنوات في سجن المزة. أما (مروان حديد) نفسه فقد توارى عن الأنظار إلى حين اعتقاله في 30 حزيران عام 1975م بعد اشتباك مع رجال الأمن في دمشق.

خلال تواري مروان حديد عن الأنظار وجه رسالة مطولة إلى العلماء والشخصيات والجماعات الإسلامية يطلب فيها منهم إعلان الجهاد المسلح ضد السلطة، واعتباره فرض عين على كل مسلم ومسلمة. وأعلن تحديه للقيادة الإخوانية التقليدية التي حولت الجماعة – كما جاء في رسالته – إلى أشبه بجماعات التبليغ والدعوة.

حاولت قيادة الجماعة تطويق مجموعة حديد ففصلته كما فصلت عدداً من المرتبطين معه مثل: (عبد الستار الزعيم، وحسني عابو، وعدنان عقلة، وزهير زقلوطة) وغيرهم، وهددت بفصل كل عضو يثبت استمرار صلته بمروان حديد.

وعلى إثر وفاة مروان حديد في مستشفى سجن المزة عام 1976م انتقلت قيادة هذه المجموعة إلى عبد الستار الزعيم، وقامت هذه المجموعة بأول عملياتها ضد أجهزة الأمن في 8 شباط عام 1976م فاغتالت الرائد (محمد غرة) رئيس فرع المخابرات العسكرية في حماة.

ومن هنا تم لاحقاً اعتبار هذه العملية فاتحة أعمال العنف والعنف المضاد في سورية، وراحت مجموعة مروان حديد تنفذ عملياتها ضد أجهزة الأمن السورية دون الإعلان عن اسمها إلا بعد ثلاث سنوات ونيف، عندما نفذت عملية (مدرسة المدفعية) في 16 حزيران عام 1979م في مدينة حلب، مفصحة عن تبنيها للعملية تحت اسم (الطليعة المقاتلة للإخوان المسلمين).

جماعة الإخوان المسلمين ترفض العمل المسلح!

لقد كانت مرامي جماعة (مروان حديد) من تغيير اسمها من (الطليعة المقاتلة لحزب الله) إلى (الطليعة المقاتلة للإخوان المسلمين) جر الجماعة إلى الانخراط في العمل المسلح الذي ترفضه بشدة، وتنأى بنفسها عنه، ويؤثر عن مروان حديد قوله: (لئن أخرجني الإخوان من الباب فسأدخل من الشباك وسأجرهم إلى الجهاد جرا).

لم تتصور قيادة التنظيم العام أن نشاط (الطليعة) لن يكون أكثر من ردود أفعال يمكن أن يوصف بنزق الشباب، يمكن احتواؤه والسيطرة عليه وتوجيهه بما ينسجم مع السياسة الإخوانية التي تنبذ العنف وترفض أي مواجهة مع السلطة، وهو خط سيرها العام الذي اعتمدته في كل صراع بينها وبين خصومها منذ نشأتها.

ومن هذه المنطلقات أيدت حافظ الأسد في الاستفتاء المقرر إجراؤه في 8 شباط 1978م مقابل الإفراج عن معتقليها الذين كانوا دائماً ضحية حماقة أبناء المدرسة الراديكالية المروانية.

وبالفعل أفرج عن الشيخ سعيد حوى عضو مجلس شورى الجماعة، وفتحت السلطة حواراً مع المعتقلين الإخوانيين، بهدف الوصول إلى مصالحة مع السلطة، وقد تكون هذه المفاوضات نوعاً من الخديعة حتى يمرر الاستفتاء بأجواء هادئة.

في تلك الأثناء أقدمت الطليعة على اغتيال الدكتور (إبراهيم نعامة) نقيب أطباء الأسنان، واعتبرت السلطة أن هذا الاغتيال بمثابة فسخ لاتفاق المصالحة، وهذه نقطة تسجل على السلطة كونها استجابت لأهداف الطليعة بنزق ودون تفكير، فأوقفت السلطة كل حوار مع الجماعة، وأقدمت على اعتقالات واسعة وعشوائية في صفوف الإسلاميين.

ويبدو أن رئيس الأمن القومي السوري الذي تولى إدارة ملف التسوية بين جماعة الإخوان والسلطة، لم يكن يدرك طبيعة تنظيم الطليعة الذي كان يخطط لاستجرار الجماعة إلى العمل المسلح الذي ترفضه جملة وتفصيلا.

من جهة أخرى فتح المراقب العام عدنان سعد الدين حواراً مع عبد الستار الزعيم بهدف احتوائه، ولكن الزعيم كان ماضياً بمشروعه إلى النهاية، والذي يتلخص في احتواء الجماعة وتحييد القيادة التقليدية وزج كوادرها في العمليات المسلحة، وقد نجح في جر البعض من الشباب إلى صفوف طليعته.

يتبع.....

تقرؤون غداً في سلسلة (ليل آذار الطويل):

- حافظ الأسد ينحني أمام العاصفة ويتقدم ببرنامج مصالحة وطنية

- إضراب النقابات المهنية يشل الحياة العامة في سورية.. والأسد يكشر عن أنيابه!

التعليقات (3)

    د. عطا كامل العطا

    ·منذ 9 سنوات 11 شهر
    ألفان والإنسان السوري الكبير مكسيم خليل هو اليوم بمثابة مثل أعلى لدى الشباب الس العز والكرامة. سوري الحر وقدوة حسنة بالسلوك و الرسالة الإنسانية التي يحملها, طوبى لك مكسيم أنت تشرف ثورة

    الاخوان المفلسين

    ·منذ 9 سنوات 11 شهر
    الاخوان تنظيم سياسي منافق متاجر بالدين والمسلمين للحصول على مكاسب حزبية وشخصية وقد افلس في سوريا منذالثمانينات عندما خذلوا الشعب وغدروا بالطليعه المقاتلة امافي بقية الدول فقد كانت الثورات في تونس ومصر وليبيا دليل واضح على كذب ونفاق الاخوان واستغلالهم للاسلام للمصالح الحزبية وتنكرهم للاسلام والمسلمين عند التمكين واوضح مثال اخوانىتونس ومصر المنافقين خدعوا الناس بانهم اصحاب مشروع اسلامي لكن غدروا بالاسلام
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات