فلم يحصل الجيش الحر على أي تجهيزات ملائمة لطبيعة المهام العسكرية التي تتطلب سرية الاتصالات وأمنها، فأفضل ما حصل عليه الجيش الحر هو كم محدود من القبضات المدنية التي يمكن أن تعمل مشفرة، لكنها ليست كافية بسبب وجود تجهيزات تفكيك تشفير هذه القبضات وبخاصة أنها تعمل بتردد ثابت وليس بتردد متغير الموجات (قفّاز) .
حتى التجهيزات شبه العسكرية والمخصصة للشرطة والاطفاء والمعروفة بتجهيزات (تيترا) والتي تعتبر آمنة نسبياً، لم يحصل عليها الجيش الحر، وعلى النقيض من ذلك حصل عليها النظام بكثافة ويحملها معظم ضباط الأمن وقسم كبير من ضباط الجيش .
كما لم يستفد الجيش الحر بشكل كافي من تجهيزات الاتصالات العسكرية التي غنمها لعدة أسباب أولها الصعوبة النسبية للتعامل معها، والحاجة لدورات تدريبية ولكون التجهيزات المدنية أسهل استخداما بكثير .
كل هذ العوامل تعبر عن ضعف المستوى التقني لتجهيزات الاتصالات التي يمتلكها الجيش الحر والذي جعلها عرضة للاختراق العميق جداً، حيث تعتبر مكشوفة بالكامل تقريباً لجيش النظام وليس التطور التقني للنظام هو سبب ذلك، بل تجهيزات الاتصال لدى الجيش الحر التي تعتبر بسيطة جداً ولا تلائم خوض حرب.
فمثلاً يعرف عناصر الجيش الحر كيف استخدم النظام المعلومات عن مكان سقوط القذائف التي يتبادلها عناصر الجيش الحر أثناء المعارك في تصحيح الرمايات بعد تحديد عناصر الجيش الحر لموقع سقوط القذائف بشكل دقيق عفوياً خلال المحادثات .
فالاتصالات لدى الجيش الحر هي نقطة ضعف كبيرة لعدة أسباب أولها عدم وجود تجهيزات مؤمنة ومشفرة ونقص التدريب على أمن الاتصالات اللاسلكية وطريقة التعامل مع التنصت والتشويش المعادي، فقد طور عناصر الجيش الحر تكتيكاتهم بناء على الخبرة خلال المعارك معتمدين جداً على الحدس والبديهة .
كيف يتنصت جيش النظام على الجيش الحر؟
اضافة للأعمال الفردية التي يقوم بها عناصر النظام سواء بشكل ذاتي أو منظم للتنصت على محادثات الجيش الحر، يمتلك جيش النظام (نقطة سطع الكتروني) واحدة على الأقل في كل جبهة أو مطار أو وحدة عسكرية رئيسية وبخاصة في مراكز القيادة، غالباً ما تكون عربة أو مركز ثابت مهمتها استطلاع الاشارات اللاسلكية التي يستخدمها الجيش الحر والتي تعتبر فعلياً محدودة وغير مؤمنة، وتنحصر في الحيز الترددي (135 إلى 180 ميغا هرتز) و(400 إلى 480 ميغا هرتز) FM وتعاني من ضعف المناورة بالترددات ومواقع تجهيزات الاتصالات الرئيسية (وحدات مكررات الإشارة أو ما يعرف بالربيترات والتي توضع عادة في مكان ثابت ويرتبط القطاع الذي تغطيه بعدة عوامل منها الارتفاع وطبيعة التضاريس في المنطقة ).
تحدد تلك النقطة أيضا مصادر الإشارات عن طريق الرواشد وتسجيل المحادثات والتشويش عليها عند اللزوم، وغالباً ما يعمل فيها عناصر تابعون للأمن العسكري أو المخابرات الجوية.
حافظ النظام على (عقد) اتصالات الجيش الحر شبه سليمة، مع أنه قادر عل التشويش عليها بشكل دائم أو تدميرها نارياً، لأنه يستقي منها كما كبيراً من المعلومات من التنصت على الرسائل اللاسلكية فيها ولذلك فإنه تركها على الرغم من معرفته بمواقعها من عدة طرق أهمها (العملاء)،إضافة لخشيته من تطوير الجيش الحر لأساليب يعجز عن التعامل معها.
عادة ما يشوش النظام على الاتصالات اللاسلكية في اللحظات الحرجة أو المواقف التي يتطلب فيها التسبب بإرباك للجيش الحر كهبوط أو اقلاع طائرات الشحن العملاقة في المطارات، وتتراوح تقنيات التشويش المستخدمة من التشويش البسيط القائم على إرسال إشارات صوتية (صفير)على التردد نفسه إلى أمور أعقد حيث يستخدم النظام تقنية متطورة لحد ما فهو يقوم أحيانا بقفل إشارة الريبيترات بدون أن يحس المشغلون.
يملك جيش النظام كما كبيراً من تجهيزات السطع الراديوية التي تنتشر على ثلاثة ألوية للحرب الالكترونية ويملك عدة مراكز للسطع الالكتروني أشهرها (المركز C) في (تل الحارة)، الذي سيطر عليه الجيش الحر والذي كان بشكل فعلي تحت إدارة المخابرات العسكرية على الرغم من تبعيته الظاهرية لإدارة الاستطلاع.
كما تمتلك جميع أفرع الأمن لدى النظام عناصرها المختصين بتشغيل المقاسم وتجهيزات الاتصالات اللاسلكية بأنواعها والمواسح الراديوية والرواشد، ومما يعرف عن النظام قبل الحرب أنه كان يسير دوريات منتظمة بسيارات خاصة مموهة للسطع اللاسلكي، تحتوي رواشد تجوب المدن بشكل دوري للبحث عن مصادر الإشارات الراديوية أو أجهزة الاتصالات .
حاليا يقوم على مهمة الاستطلاع الالكتروني وبشكل أساسي عناصر من الأفرع الأمنية وبخاصة الأمن العسكري والمخابرات الجوية، اضافة لتوافد خبرات كبيرة سواء من إيران أو من غيرها.
معظم التجهيزات التي استخدمها النظام سابقا للسطع والتشويش الالكتروني سوفيتية الصنع، و يعتقد بحصوله على كميات كبيرة من هذه التجهيزات من روسيا و الصين خلال الثورة ومنها التجهيزات التي استخدمها للتشويش على بث القنوات الفضائية، اضافة لأن النظام يملك ما يطلق عليه الفرع 211 فرع الاتصالات والذي يعتقد بعلاقته المباشرة بمراقبة الاتصالات بأنواعها.
فقد بدأ النظام بتطوير شبكات الاتصالات عنده قبل حوالي عامين من بداية الحرب حيث استبدل الكثير من تجهيزات الاتصالات لديه خاصة بتجهيزات صينية، ويتوقع أن يكون حصل على تجهيزات سطع وتشويش مصدرها الصين أيضا اضافة لمحاولة البحوث العلمية تصنيع جهاز سطع الكتروني لكن تجربتها منيت بالفشل فالجهاز الذي صنع يعتبر فاشلاً ويعتمد على البحث اليدوي.
التعليقات (4)