ومنذ الغزو العراقي لدولة الكويت بداية التسعينات من القرن الماضي والذي أدى إلى دخول قوات الولايات المتحدة الأمريكية إلى العراق وإطاحته بالنظام العراقي الأسبق المتمثل بـ "صدام حسين "من سدة الحكم , ما أدى أيضاً إلى ظهور أول حكومة شيعية استلمت مقاليد السلطة في العراق، في الوقت الذي انشغل فيه الجيش الأمريكي بمحاربة التمرد وإخماد الحرب الأهلية في محاولة منه نزع فتيل المشكلة العراقية.
واستغلت إيران الفوضى في العراق أثناء تلك المرحلة لمد نفوذها من خلال التنظيمات الشيعية داخل العراق من خلال تقديم الدعم والتدريب لتلك الجماعات تحت راية لواء الحرس الثوري الإيراني , كما أن إيران ذاتها تعلم جيداً أن العراق له العمق الاستراتيجي في عدة قضايا هامة تخصّها في بلاد الرافدين وخاصة أنها منطقة مفصلية مع الدول العربية السنية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية التي تمثل القطب السني منافساً لطهران , وبالتالي فأن دولة العراق أصبحت بوابة لتمرير مشروع الهلال الشيعي إلى سوريا ولبنان وباقي دول الخليج العربي .
وبالفعل تمكنت إيران من توسيع نفوذها عسكرياً وسياسياً , وتحركت بشكل سريع ضمن البلاد التي تعيش حرباً أهلية أو نزاعات طائفية بين سكانها مثل العراق وسوريا عن طريق استخدامه المجال الجوي العراقي بإرسال السلاح والمعدات العسكرية على متن طائرات مدنية إلى نظام الأسد وكذلك إرسال الآلاف من الجنود الشيعية عبر الأراضي العراقية للقتال إلى جانب النظام السوري بغية قمع الثورة الشعبية في سوريا بحجة حماية مزار السيدة زينب في دمشق منذ الوهلة الأولى لانطلاقة الثورة السورية التي قامت من أجل الحرية والكرامة.
وهنا يتبين لنا، أن نظام الملالي في إيران يشارك وبشكل مباشر في رسم هيكلية سياسة في العراق باستخدامه للورقة الشيعية بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية ‘‘داعش‘‘ على الموصل أكبر المدن العراقية بعد العاصمة ‘‘بغداد ‘‘ وتهديده لمصالحه , حيث وجهت إيران أصابع الاتهام نحو الدول الإقليمية بدعم الجهاديين في سوريا , في إشارة منها إلى المملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج العربي بعد أن قام سلاح الجوي الإيراني بشن ضربات عسكرية على معاقل لتنظيم الدولة الإسلامية على شريطها الحدودي مع العراق بهدف إبعاد خطر تنظيم الدولة عن نفسه .
وبالتالي أصبحت سوريا والعراق ساحة تدار عليها حروب بالوكالة نيابة عن نظام الملالي وتتمثل الأدوار فعلياً بين ميليشيات حزب الله اللبناني ونظام الأسد وبذلك يمكننا القول إن كل تلك الحروب التي دارت في المنطقة العربية سابقاً كانت حروب ايرانية ـ سعودية (سنيّة / شيعية) بدءاً من حرب تشرين والاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان في 1982 و 2006 بهدف فرض هيمنته في تلك المنطقة وتمرير مشروع الهلال الشيعي , وبذلك فرضت إيران نفوذها على الخليج العربي كي لا يتحول العراق مرة أخرى إلى مصدر خطر يهدد مصالحه كما كان في عهد الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين في ثمانيات القرن المنصرم , لذلك فأن إيران سوف تفعل كل ما هو ممكن من أجل إبقاء السلطة في يد الطائفة الشيعية في العراق.
ومن خلال كلّ ما سبق، نرى أن النظام الإيراني تجاوز الأعراف الدولية بتدخله في الشؤون الداخلية لبعض الدول العربية بمحرك طائفي من الخليج العربي واليمن مروراً بسوريا والعراق ولبنان وكذلك المملكة الأردنية الهاشمية والسعودية وغيرها لبسطت نفوذه وإعادة الإمبراطورية الفارسية بعد سيطرتها على العراق وكذلك سوريا التي أصبحت محافظة إيرانية بعد إعدام ثلاثة عشر ضابطا في الصنمين بريف درعا على يد حرس الثوري الإيراني من الجيش السوري على خلفية اتصالهم مع المعارضة السورية , كما أن إيران أقامت قاعدة عسكرية في مدنية تدمر الأثرية وكذلك في الحسكة شمال شرق محافظة سوريا تحت اسم الاتحاد الثوري .
وفي المحصلة نجد بأن كل الدول العربية في سبات العمق بينما الخطر الإيراني يهدد المنطقة برمتها مثل سوريا والعراق ولبنان والبحرين مروراً باليمن والأردن والسعودية .
الأهم من هذا كله، السؤال الذي يطرح نفسه , لماذا تقف كل هذه الدول العربية مكتوفة الأيدي تجاه مد النفوذ الإيراني الذي يعاني من مشاكل داخلية كثيرة يمكن لهم أن يستغلونها لصالحهم من خلال وجود الكثير من العرب الأحواز والكرد والبلوش والأزرية , حيث يشكل الإيرانيون 40% من نسبة البلاد , فكيف تتوقف معظم الدول العربية التي تشكل ضعف هؤلاء عشرات المرات أمام هذه القلة القليلة من الفرس وهي مرشّحة لقيام ثورة شعبية في أي لحظة!!
التعليقات (5)