بهذه الكلمات بدأ عالم الرياضيات السوري جمال أبو الورد – الذي بات معروفاً هذه الأيام – حديثه لصحيفة أورينت نت ، والذي يعد أول عالم سوري معاصر في علم الرياضيات ؛ كلماته التي امتزجت بالحرقة على الإهمال الذي طاله - بقصد أو غير قصد- على مدى سنوات في عهد النظام كغيره من العلماء والمبدعين، الذين لم تنفتح أمامهم آفاق الإبداع إلا بعد خروجهم من سوريا، ليس لأنهم لم يحبوا بلدهم ولم يعطوه حقه ، بل لأن قيود الجهل والعبودية كانت مفروضةً عليهم داخل وطنهم المحكوم من ثلة طائفية، لا تعرف عن العلم سوى العلوم العسكرية التي سخرتها للإجرام والقتل، فيما كان أبرز علمائها، ضباط قتلة علقت لهم النياشين والأوسمة التي حرم منها علماء حقيقيون.
ما لم يره نظام الأسدين من إبداع في عقل العالم ( أبو الورد ) على مدار عشرين عاماً أو أكثر ، تمكن الأتراك من اكتشافه في عامين أو أقل ، خلال فترة وجوده في تركيا نازحاً من بلاده التي دمرها الأسد، ولم يكتفِ الأتراك بتقدير العالم السوري بتخصيص مساحة من إعلامهم للحديث عنه، بل وصلوا أبعد من ذلك، وبقرار من الرئيس التركي ( رجب طيب أردوغان )، ألذي أوصى بمنح الجنسية التركية للعالم السوري تقديراً لإبداعه وجهوده في خدمة العلْم.
وعن قصة منح الجنسية يقول السيد جمال أبو الورد: حصلت على الجنسية التركية بقرار من الرئيس التركي ( رجب طيب أردوغان )، استناداً على القانون رقم 5901 المادة 12 ، والتي تمنح العلماء أومن يقدم عمل فكري غير مسبوق يفيد البشرية واﻷمة التركية، كونني قمت باكتشاف 42 قانون وقاعدة علمية في جبر الأعداد ( الرياضيات)، علماً أنني ضمن اﻷوراق قدمت قانون واحد فقط، ما كان كفيلاً لاعتباري عالماً مفيداً للعالم والأمة التركية.
أما عن تجربته سابقاً مع النظام يقول أبو الورد: بالرغم من أن ظروفي المادية لم تسمح لي في إكمال التعليم الجامعي بعد الثانوية العامة، إلا أنني اجتهدت على نفسي في علم الرياضيات والخوارزميات طيلة سنوات، وحصلت على أول ملكية فكرية في مجال الرياضيات عام 2003، حينها نشرت عني العديد من وسائل الإعلام العربية والعالمية، وبدا للنظام أن هناك اهتمام بي كعالم من وسائل إعلام عالمية، فمنعني من السفر والتواصل مع الإعلام الغربي، وحتى لم يكن لي وظيفة أو عمل بحجة عدم وجود شاغر ، حتى استضافني الإعلامي الحر ( توفيق الحلاق ) في برنامجه المعرف (إبن البلد) وسألني في المقابلة، أين أنت موظف؟ وتفاجئ بأني ليس لدي وظيفة، عندها حاول الضغط على المسئولين لتعيني في وظيفة، وقال لبعضهم : " أكثر 165 دولة حول العالم تتمنى استقطاب مثل هكذا شخص، وفي بلده لا يوجد له وظيفة يقتات منها "، حينها شعروا بالخجل والحرج من كلامه، وعيّنت كرئيس ديوان لفرع الحزب في إدلب!! تخيل عالم رياضيات يعيّن في فرع حزب مهمته إدارة إجراءات روتينية لا تسمن ولا تغني في سبيل تقدم وطن وأمة، رغم انه وباعترافهم على لسان رئيس قسم الرياضيات بجامعة حلب قال: ما قدمه العالم جمال هو علم غير مسبوق في الرياضيات!!
وعن المكافآت أو التكريم الذي حصل عليه أبو الورد من النظام يقول: كافئني النظام بقصف بيتي في معرة مصرين ببرميل متفجر، والملاحقة ومحاولة الاعتقال والاغتيال مرتين، هذا في زمن الثورة، أما قبلها فكان هناك التهميش والقمع الفكري الذي تعرض له العديد من العلماء والمفكرين السوريين من قبل نظام حافظ الأسد وابنه بشار، فلا مزايا ولا فرص إلا لإمعات محسوبين على الطائفة والنظام، وهؤلاء لا يقدمون في سبيل تقدم العلم أدنى شيء، بل كانت أكبر إنجازاتهم للوطن، أغانٍ لتمجيد " القائد " ( فنانين )، أو كلمات تمدحه وتزيد من طغيانه كـ ( شعراء وكتاب ) من طينته.
ويضيف : مع بداية الثورة عندما شعروا بعدم ولائي الكامل للحزب ، تم نقلي لقسم المعلومات ومن ثم أمين سر مكتب التربية في محافظة إدلب، ومعها كنت عضو مجلس محافظة، ومع الثورة فقط تذكر النظام بأنني عالم سوري، عندما طلبت مني جهة أمنية أن أوجه بيان لوسائل الإعلام بصفتي عالم أقول فيه، أن ما يجري في سوريا مؤامرة ، وأعترف بوجود عصابات إرهابية مسلحة وحتى طلبوا مني أن أقول ، أن من قصف بيتي هم عصابات إرهابية وليست طائرات النظام، وأن أشكر القيادة على سعيها للحفاظ على الأمان، وكانت محاولة إغرائي بأنني ظلمت وسوف أأخذ حقي كعالم بعد صدور البيان.
ويتابع : كتبت بيان مقتضب قلت فيه "رحم الله شهداء سوريا، وأشفى جرحاها، وطالبت بسوريا جديدة يعمها العدل والمساواة، ووقف نزيف الدماء.. ولم أكتب أي حرف مما طلبوه، وأرسلت البيان إلى قناة ( الخبر )، ومن ثم خرجت من ادلب باتجاه المناطق المحررة".
وعن انشقاقه يقول أبو الورد: قلت أنني كنت عضو مجلس محافظة ورئيس قسم معلومات و أميناً لسر مكتب التربية في ادلب وغيرها من المناصب التافهة ، التي ﻻتساوي دمعة أم أو ابن شهيد سقط على تراب سوريا، ولن أكون مع من يقتل شعبه ولو وضعني رئيسا للوزراء، ﻷن من فيه ذرة كرامة أو حتى شيء من بقايا الضمير ﻻيبقى مع نظام مجرم ، لذلك قررت الانشقاق ، وجلست فترة في المناطق المحررة ومن ثم إلى تركيا وأنا الآن في مدينة بورصة التركية.
ويختم بالقول : سأحاول قدر الإمكان على إقناع الحكومة التركية بإنشاء مراكز أبحاث للطلاب السوريين، وتوفير مقاعد دراسية لهم في الجامعات وحتى افتتاح جامعات خاصة للطلبة في تركيا وداخل المناطق المحررة , ولن أدخر جهد من شأنه رفع سوية الطالب أو العالم السوري وزيادة تحصيله وإبداعه .
يشار إلى أن العالم جمال أبو الورد من مواليد 1971 قرية ( كفرجالس ) في ريف إدلب ، متزوج من السيدة صبا نداف ( معلمة ) ولديه ولدان خديجة وعبد الرحيم.
التعليقات (7)