شهدت محافظة السويداء حالة من الهدوء بعد الأحداث الأخيرة التي عصفت بالمحافظة وتمثّلت بمواجهات غير مسلّحة بين جماعة (مشايخ الكرامة) والأجهزة الأمنية، لا سيّما بعد إزالة المشايخ لحاجز الجوية على أطراف محافظة السويداء، إثر قيام عناصره بتوجيه إهانات لفظية ضد ركاب حافلة مدنية، وإطلاق النار باتجاهها.
انتشر بعد ذلك مقطع فيديو على مواقع التواصل هاجم خلاله الشيخ وحيد البلعوس الفساد المستشري في النظام الحاكم والانتهاكات داخل المحافظة، مسنكراً الاتهامات التي سيقت ضد مشايخ الكرامة بأنهم "دواعش" الدروز، ما دفع البلعوس إلى الرد بعبارات عنيفة ضدّ رأس النظام مباشرة.
على إثر ذلك اجتمعت اللجنة الأمنية بالسويداء لمواجهة ظاهرة مشايخ الكرامة، وبعد ذلك مباشرة أصدرت الرئاسة الروحية للدروز _بإيعاز من الأمن_ ممثلة بمشايخ العقل الثلاثة بياناً استنكرت فيه ما جاء في خطبة البلعوس واتهمته بالطائفية والفتنوية، ثم أتبعت ذلك بقرار الحرم الديني ضده.
تعامل البلعوس مع القرار بمنتهى الحكمة والوعي، كما يرى مراقبون، ورغم توافد الكثير من أنصاره إلى منزله دعماً له، لكنه أعلن قبوله لقرار الحرم الديني، ونشرت صفحة مقربة منه أنه قام بزيارة شيوخ العقل الثلاثة كلّ على حدا في محاولة لرأب الصدع وتوضيح موقفه.
وفي الأمس قام وفد رسمي من المشايخ ممثلاً لشيخ العقل حكمت الهجري بزيارة البلعوس في منزله بقرية المزرعة وإعلامه بفك "البعدة" عنه وعن رفاقه.
وعلى الرغم من تأكيدات البلعوس المستمرة بأن جماعته لا تتبنّى أي موقف سياسي في سورية، ولا تتبع لأي فريق إن كان من المعارضة أو الموالاة، إلا أن ظهوره كصوت متمّرد على تجاوزات الأجهزة الأمنية، في محافظة لا تزال تحت سيطرة النظام، ينذر بأن انتفاضة قد تنفجر في أي لحظة داخل السويداء، كما يتوقّع بعض أبناءها.
بيد أنّ فريقاً آخر يستبعد أي انفجاراً في السويداء، لا سيّما بعد محاولة مشيخة العقل إرضاخ البلعوس وجماعته بتهديدهم بالبعد الديني وهو ما نفذوه، قبل إلغاءه أخيراً، الأمر الذي يعتبره البعض تحولاً في موقف مشايخ الكرامة وتراجعاً عن الخط الذي ساروا عليه بشكل تصاعدي خلال السنوات الماضية، ما يعني التبعية للمؤسسة الدينية الرسمية التي تسيّر بقرارات من الأجهزة الأمنية.
ستكون الأيام القادمة كفيلة بإيضاح الوجهة التي سيعتمدها البلعوس وجماعته، وعما إذا كان هناك تغييراً في المسار، على الرغم من تأكيده على عدم التخلي عن السلاح، حسبما نقلت وفود شعبية زارته مؤخراً، حيث قال: "حملنا السلاح مجبرين.. بعد تراجع الأمان وضعف قدرات الدولة وانتشار الفوضى والتعديات، ووجدنا أنفسنا أمام واجب حماية أرضنا وعرضنا، في وجه العربدة والإرهاب معاً، ولن نتخلى عن السلاح طالما لم تزل الأسباب الموجبة لوجوده في أيدينا، وتحت أية ذريعة كانت.. سلاحنا وأرواحنا فداء لأرضنا وعرضنا وأوطاننا."
وعما إذا كان ينوي زيارة القصر الجمهوري للقاء الأسد، تلبيةّ لدعوة وجهها الأخير، قال شيخ الكرامة: "مهما حاولوا لن أخرج من الجبل إلى مقابلة الرئيس بشار الأسد، وسأبقى ضمن حدود الجبل، لحماية أهلي ولصون الأرض والعرض، التزاماً بموقف ديني وأخلاقي ثابت".
التعليقات (3)