سورية: انتهت لعبة الصغار!

سورية: انتهت لعبة الصغار!
يسير العالم اليوم وراء قاطرة شارلي ايبدو، حيث تشكل باريس مركز صياغة التوجهات وصناعة القرارات، تماما كما كانت واشنطن عشية أحداث 11 سبتمبر، فعاصمة النور المجروحة وهي تستعيد وعيها بعد العاصفة التي ضربتها، تضع يدها على الجرح مباشرة، وها هو الرئيس فرانسوا اولاند يصوّب إتجاه البوصلة العالمية من على ظهر حاملة الطائرات " شارل ديغول" المتجهة الى المنطقة ويعلن أنه ما كان " للسياسة الأمريكية التراجع في اللحظة الأخيرة عن القيام بعمل عسكري في سوريا صيف 2013 بعد استخدام السلاح الكيماوي فيها"

وكانت لحظة وقوع الحدث قد إزدهرت في سماء بعض العواصم المأزومة" موسكو وطهران" فكرة أن يعيد الغرب ترتيب أولوياته السياسية والإستراتيجية ويتقاطع معهما عند نقطة أنّ الإرهاب هو أس المصائب، وأن الأنظمة، مهما كان شرها، تبقى أفضل بكثير من الفوضى التي لا رأس لها، وفي إطار الأحلام المستعجلة التي نسجها هؤلاء عن اليوم التالي لواقعة شارلي ايبدو، اعتقدوا ان ازماتهم ستلملم أذيالها وتندحر، وانهم سيتحولون الى مركز إستشاري للعالم، " ألم نقل لكم"؟ هكذا سارع بشار الاسد، من مخبأه، موبخا الغرب!، في حين خرج وكيل إيران في لبنان حسن نصر الله يهذي بإحتلال الجليل في محاولة لإخفاء رعبه المتفاقم من نار القلمون!.

ليست الأمور بخير على جبهات الاسد ومشغليه، ومن الواضح أن فرنسا تقود العالم لإعادة رسم أولويات الأزمة السورية، وعلى وقع هذا التوجه تشهد دول المنطقة وعواصم غربية عدة تحركات ولقاءات سياسية وأمنية وديبلوماسية كثيفة لا سابق لها، ينصب محور تلك التحركات على طريقة إدارة الأزمات المندلعة في منطقة الشرق الاوسط من العراق وسورية وصولا الى ليبيا، وحسب تسريبات عديدة بدأت ترشح أن الموقف من نظام الاسد يقع في صلب تلك التحرّكات.

إنّه وقت الحصاد، ولحظة إعادة رسم الخيوط السياسية، في جغرافيا الاحداث وعلى مستوى الفاعلين أنفسهم، ستتكفل التداعيات برسم خريطة التطورات القادمة، ذلك أن حادثة شارلي نبهت " حلف الأطلسي" والغرب من خلفه أنهم باتوا يقعون في دائرة إستسهال إستهدافهم والتأمر عليهم نتيجة تركهم لساحة الشرق لعبث قوى، غير مسؤولة، في تفاعلاتها وإطلاق ديناميات الحروب فيها وتشكيل جيو إستراتيجيتها على مقاس طموحاتهم وأحلامهم النزقة.

إرفعوا أيديكم عن الشرق الأوسط، ذلك هو الشعار الذي من المتوقع أن يحكم علاقات العالم في الفترة القريبة جدا، فلم يعد ممكنا إستمرار إدارة أزماته بالطريقة السابقة، وإلا فإن أوروبا ستكون على خط أحداث كبيرة ومؤلمة كنتيجة طبيعية للفوضى الحاصلة على تخومها الجنوبية، ولعل من مقدمات هذا الشعار تسريبات لعروض تم طرحها على ايران وروسيا على أن يكون لهما حصة في كعكة النظام القادم لحكم سورية وليست كل الكعكة ولا حتى أغلبها.

هل هذا ما يفسر جزءا من مشهد الغضب الروسي والمكر الإيراني والتشاطر الحزب اللاهي؟، انه وقت الصبر " شمس سورية تسطع من صبر الثوار" انه زمن وضع الخواتيم، الحذر كل الحذر ان تغدركم الصورة، انهم راحلون غارقون عصابة الأسد وروسيا وايران، لأول مرة مصير هؤلاء بأيدي ثوار سورية، لن يأخذوا الا ما ستتنازلون عنه، الحذر كل الحذر ألا تدركوا قيمة تضحياتكم في هذه اللحظة، ايران تنزف قادتها على جبهات القتال وتنزف ثرواتها في الميادين المحطمة ، كل المؤشرات تدلل على أنها باتت تقف على عتبة ثورة الخبز ، الأخطاء الاستراتيجية تراكمت حتى كسرت ظهر الجمهورية الإسلامية، تراكمات الخسائر في طريقها للإنفجار، الأحياء الفقيرة وحواضر الطبقة الوسطى باتت تتحضر للانفجار، المفاوضات مع الغرب مزقت الرداء الايديولوجي المهترئ لنظام الملالي، نظام لا مبادئ لديه مستعد بيع كل شيئ في سوق العلاقات الدولية من أجل الحفاظ على رأسه، لم يعد صالحاً للعمل ولا يمكن معه عبور المستقبل.

في روسيا ظهر عجز النظام وفشله الاقتصادي، مشروع بوتين يترنح وبات مادة للتندّر، لم يكن هذا القائد سوى جندياً على لوحة شطرنج القوى المالية العالمية، ومجرد لاعب إحتياطي يجري إزاحته في اللحظة التي تحتاج فيها تلك القوى للفوائض التي جمعها من بيع الغاز والنفط والسلاح، لم يكن في الإقتصاد والسياسة أكثر مما كانه في الدبلوماسية، جرى توريطه بمبادرة دبلوماسية تشبه الفضيحة أبطالها مجد نيازي ورندة قسيس!.

أما الحزب اللاهي فالواضح ومن كلام زعيمه أنّه دخل مرحلة الهذيان التي تسبق مرحلة التلاشي بخطوة، ولكي يخرج من حالة التناقض ما بين محاولة إستثمار إدانة حادثة شارلي ايبدو وما بين أنه يسخر نفسه لحماية زينب حفيدة محمد، فإنه يهد بالإنتحار عبر قذف نفسه من شرفة الجليل!.

انتهت اللعبة، أو إنتهى زمن لعب الصغار فيها، بعد أن أنهتكهم تعقيداتها، المطلوب اليوم تسليم المفاتيح والركون جانبا ليحصي كل طرف خسائره، لكن التاريخ الذي ستشرق شمسه من سورية سيذكر أن السوريين رغم كل جراحهم ورغم قسوة الموت الذي واجهوه صمدوا في وجه كل العواصف العاتية ومضوا في ربيعهم حتى نهايته.

التعليقات (4)

    احمد الدمشقي

    ·منذ 9 سنوات 3 أشهر
    ان شاء الله بصمود الثوار سننتصر

    ما حدث في اليمن أثبت عبقرية الثورة السورية

    ·منذ 9 سنوات 3 أشهر
    بإذن الله سيقترب موعد حصاد رؤوس العهر والطغيان المجوسي النصيري ولن يقبل ثوار سوريا وشعبها بأقل من ذلك ولن نخطئ خطأ الأخوة اليمنيين الذي قبلوا بأنصاف الحلول تحت مسميات كثيرة مثل حقن الدماء والمحافظة على مؤسسات الدولة .. وفي النهاية هزمت ثورتهم وخسروا بلدهم لصالح الحوثة أحذية خامنئي... لن نقبل سوى بنصر كاااامل والقصاص لدماء الشهداء وأنّات الثكالى وآلام المشردين... بإذن الله قريباً ستشرق شمس الشام بعد خمسين سنة من الظلام

    أيمن

    ·منذ 9 سنوات 3 أشهر
    المقال جيّد ولكنّ الأمور ليست بهذه السهولة ، وإن شاء الله ستشرق شمس تاريخ النصر من سورية عمّا قريب ولكن هناك سنن لله في أرضه لابدّ أن تتم .

    سوريا الأسد تَعُجُّ بالإنتحاريين

    ·منذ 9 سنوات 3 أشهر
    كيف تصنع إنتحاري؟ إسألوا بشار الأسد و تخاطروا مع روح أبوه فكلاهما خبراء في هذا المجال؟ والمفتي حسّون هدد العالم بذلك أوائل ثورة من فقد أحباءه واسودّت الدنيا في عيناه وإن كانوا مُلْحِدين فروح الإنتقام الحبيسة في فؤاده أو فؤادها تتبعرص في تلافيف دماغه أو دماغها إلى أن تجد مخرجاً لتضرِبَ أيَّ سببٍ كان مُولِّداً أم مُؤَدِّيَاً للمأساة التي واجهها أو واجهتها فطظ ـ يعني طز عالشهادة ـ والمصير في الجنة فهو آخر ما يخطر بالبال ـ خاصة ببرد الشتاء القارس و افتقاد المازوت ـ الإنطلاق إلى جهنّم أولى الأوليات
4

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات