يدشن رحيل سيدة الشاشة العربية (فاتن حمامة) مساء يوم السبت (17/1/2015) أولى اهم الأحداث الفنية في العام الجديد 2015.. فقد رشحها بعض المنجمين في تنبؤءات أواخر 2014 أن تكون بين "ملوك الموت عام 2015" هي وعادل إمام ومحمد حسنين هيكل وحسني مبارك! ورغم أن هذه التنبؤات لا تعدو كونها فرقعات صحفية يكذب فيها المنجمون "ولو صدقوا" إلا أن رحيل فاتن حمامة ينهي مشواراً شخصيا استثنائيا في عمر السينما... فالسيدة التي بدأت التمثيل وهي طفلة في السابعة من عمرها عام 1939 بدور قصير في فيلم (يوم سعيد) أمام المطرب محمد عبد الوهاب، ناهزت أم كلثوم في رحلتها مع فن الغناء... إذ قضت فاتن حمامة مع فن التمثيل (75) عاماً. قدمت خلالها (103) أفلام.
بيان رئاسي يصفها بالرمز!
وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية، قالت إن فاتن حمامة التي توفيت «إثر أزمة صحية مفاجئة». كانت قد نقلت منذ إلى مستشفى دار الفؤاد بمدينة السادس من أكتوبر تحت إشراف زوجها الدكتور محمد عبدالوهاب، وخرجت بعد أن تماثلت للشفاء ثم تعرضت إلى وعكة صحية مفاجئة توفيت على إثرها مساء أمس في منزلها بالتجمع الخامس بمنتجع القطامية.
وكانت أسرتها قد تكتمت على خبر وفاتها، وصرحت بأنها بصحة جيدة، انتظار لقدوم باقي الأسرة الموتواجدة خارج مصر، ما أحدث حالة من الجدل والارتباك حول وفاتها الذي بدا شائعة، ثم تحول إلى حقيقة مؤكدة.
ونعت رئاسة الجمهورية المصرية الفنانة الراحلة ببيان جاء فيه "ببالغ الحزن والأسى الفنانة الكبيرة فاتن حمامة، التي وافتها المنية اليوم، وتتقدم لأسرتها وذويها وكافة محبيها من أبناء مصر والوطن العربي بخالص التعازي والمواساة."
وأضاف البيان الرئاسي "أن مصر والعالم العربي فقدا قامة وقيمة فنية مبدعة، طالما أثرت الفن المصري بأعمالها الفنية الراقية. وستظل الفقيدة التي أضفت السعادة على قلوب جموع المصريين والمواطنين العرب بإطلالتها الفنية وعطائها الممتد وأعمالها الإبداعية، رمزاً للفن المصري الأصيل وللالتزام بآدابه وأخلاقه."
أما إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء الوزراء المصري، فقد قال في نعيه: "برحيل سيدة الشاشة العربية، فقد الفن الراقى أحد أعمدته الأساسية، فقد أثرت الراحلة ذاكرة الفن المصرى بل والعربى، بأعمالها التى ستظل راسخة فى الأذهان.. كما كانت الراحلة ذات موقف وطنى واضح، برز فى حواراتها الصحفية الأخيرة، التى عبرت خلالها عن عشقها لتراب هذا البلد".
وكانت فاتن حمامة قد انتقدت في حوارات صحفية لها العام الماضي حكم الإخوان وأبدت دعمها المطلق للسيسي!
نجمة كل المخرجين!
ولدت فاتن أحمد حمامة في السابع من مايو 1931 في المنصورة، وكان والدها احمد حمامة يعمل موظفا في وزارة التربية المصرية. وبعد فوزها بمسابقة لجمال الاطفال، ارسل والدها صورتها الى المخرج محمد كريم الذي كان يبحث عن طفلة لتمثل دورا في فيلم (يوم سعيد) من بطولة الموسيقار محمد عبدالوهاب. فكان ذلك اول ادوارها في السينما. وعن ذكرياتها في هذا الدور قالت فاتن حمامة في آخر حوار صحفي أجرته معها جريدة (الأهرام) المصرية بتاريخ 21/3/2014:
"كنت صغيرة للغاية ، و كانوا يقولون لى ممنوع الكلام فى الاستديو .. فكنت «أفتن «على عبد الوهاب بعفوية الاطفال وأقول للمخرج محمد كريم ، عبد الوهاب يتكلم كثيرا ..لابد ان يترك الاستديو..!!وكان عبد الوهاب يضحك على كثيرا.. فى كل مشهد اقوم به أمامه".
في عام 1946، انتقلت فاتن حمامة مع اسرتها الى القاهرة حيث بدأت دراستها في المعهد العالي للتمثيل. وقد اتيح لها أن تعمل مع معظم مخرجي السينما ابتداء من محمد كريم في (يوم سعيد) ثم يوسف شاهين في أول أفلامه (بابا أمين) عام 1950، ثم (صراع في الوادي) عام 1954، إلا أن لقاءها مع المخرج هنري بركات كان الأهم في مسيرتها الفنية، إذ قدم لها (21) فيلماً، بدءا بقيلم (الهانم) عام 1946 ومرورا برائعة طه حسين (دعاء الكروان) ورائعة إحسان عبد القدوس (الخيط الرفيع) و(أفواه وأارنب) 1977 (ولا عزاء للسيدات) 1979، وانتهاء بـ (ليلة القبض على فاطمة) 1984 وصلاح أبو سيف في أفلام (لا أنام – الطريق المسدود – لاتطفئ الشمس) وانتهاء بخيري بشارة في (يوم مر.. يوم حلو) عام 1988 وداود عبدالسيد في آخر أفلامها (أرض الأحلام) عام 1993.
قاسم مشتركً لنجوم الطرب المتنافسين!
جمعت فاتن حمامة في الفيلموغرافيا المئوية التي أنجزتها، تذكارات مع عمالقة نجوم الغناء في العصر الذهبي للأغنية العربية، فمثلت أمام مطربين كانوا متنافسين حتى العداوة فيما بينهم.. وكان بعضهم يضرب تحت الحزام.. فوقفت أمام كل من: محمد عبد الوهاب ومحمد فوزي وفريد الأطرش وعبد الحليم حافظ.
كما وقفت أمام أبرز نجوم التمثيل في مصر ابتداء من أحمد مظهر وزكي رستم وعمر الشريف ويوسف وهبي ويحيى شاهين ووأنور وجدي ورشدي أباظة وفريد شوقي وانتهاء بمحمود ياسين ومحمد منير ويحيى الفخراني.
ومن أشهر أفلامها أفلامها (ابن النيل) و(الأتساذة فاطمة) و(المنزل رقم 13) و(صراع في الوادي) و(دعاء الكروان) و(الحرام) و(إمبراطورية ميم) و(أريد حلاً). و(أفواه وأرانب)
تزوجت فاتن حمامة ثلاث مرات... الأولى عام 1947 من المخرج المصري عز الدين ذو الفقار (1919-1963) الذي أخرج لها بعض الأعمال، وأنجبت منه ابنتها ناديا ذوالفقار التي شاركتها فيلم (موعد مع السعادة) من إخراج أبيها.
والثانية عام 1955 من الممثل المصري جورج شلهوب الشهير بـ (عمر الشريف) الذي أشهر إسلامه وتزوج منها واستمر زواجهما حتى عام 1974 ومن هذا الزواج أنجنبت ابنها الوحيد (طارق عمر الشريف) أما زواجها الثالث فكان من الطبيب المصري محمد عبد الوهاب محمود، وكانت قد تجاوزت الخامسة والخمسين من العمر.
مبارك يفهم الأصول والسيسي أنقذ مصر!
كُرمت فاتن حمامة في كل العهود السياسية التي عاصرتها في مصر، فقد منحت ميدالية الشرف من قبل جمال عبد الناصر، ثم من قبل محمد أنور السادات، وعندما احتدمت المنافسة أواخر حكم مبارك بينه وبين محمد البرادعي، في مواجهة إعداد نجل مبارك (جمال) لوارثة أبيه، ظهرت فاتن حمامة في حوار مع صحيفة (المصري اليوم) عام 2010، لتقول أنها تحب الرئيس حسني مبارك لأنه "يفهم الأصول"، ولا تعرف الدكتور محمد البرادعي المدير السابق لوكالة الطاقة الذرية.
ولم تبدِ فاتن حمامة رأياً واضحاً في ثورة (25) يناير 2011 التي أنهت حكم حسني مبارك، لكنها ظهرت في عهد الرئيس الانتقالي عدلي منصور، حين كرمت في (عيد الفن) كما ظهرت في الحملة الانتخابية للمشير عبد الفتاح السيسي.. وقد تركت فاتن حمامة في حوارها الأخير مع (الأهرام) في مارس من عام 2014 إجابات واضحة على مواقفها السياسية، ودعمها لنظام الحكم الجديد، حيث قالت رداً على سؤال كيف ترين حدث يوم (30) يونيو / حزيران:
" 30 يونيو طبعا أنقذ مصر، كادت الهوية و العادات المصرية تضيع، واكثر ما يؤكد ذلك ان المصريين كانوا يباركون لبعضهم البعض بالشوارع لانهم شعروا أن مصر تحررت ، وانا شعرت ان مصر التى كادت ان تخطف رجعت مرة أخرى لنا ". وعندما سئلت عن أكثر الصفات التى تتمناها فى رئيس مصر القادم ؟ أجابت:
" أنا لا أعرف السيسى ، لكن موقفه وسرعته فى إنهاء الازمة.. فى ليلة واحدة أمر عظيم. استطاع أن ينتشلنا من هذا الطريق الصعب، أتذكر آخر خطاب للرئيس مرسى كان المشير السيسى من ضمن الحضور ، لاحظت صمته وتجهمه وأنه غير مندمج .. فاعتقدت أن هناك أمرا ما، وشعرت أن هذا الرجل قائد من طراز مختلف".
رأت فاتن حمامة أن السيسى "مناسب للفترة الحالية" وصوتت له... ثم رحلت عن (83) عاماً، مطمئنة على مستقبل مصر في عهده!
التعليقات (11)