ولن اناقش موضوع صحة الخبر من عدمه لأن هذا الأمر يختص به القضاء التركي الذي أثبت في أكثر من موقف حياديته ونزاهته، وأنه لن يتوارى عن ملاحقة المُفسدين مهما ارتفعت مكانتهم، والدلائل على ذلك كثر وربما أكثرها وضوحاً جر كبار جنرالات الجيش إلى السجن بتهمة التآمر على الدولة دون أن يخشى القضاء التركي بذلك لومة لائم.
ولكن إعلاماً قال عنه الكاتب الراحل ممدوح عدوان أنه يكذب حتى في نشرة أخبار الطقس فكيف لنا أن نصدقه؟ ومن ناحية ثانية ألم يرَ هذا الإعلام مافيات المال السوري وهي تسرق قوت الشعب وتُسمسر به عبر قروض وهمية وبرعاية وحماية من السلطات الرسمية، وطبعاً كُل ذلك يجري في وضح النهار وتحت أعين ورقابة الدولة وبمباركتها، كل ذلك وتقوم قناة الأخبار السورية بتعريف المستمع في نهاية خبرها معنى الديون المعدومة، وكأن المواطن السوري لم يعش مع هذا المصطلح أكثر من خمسين عاماً في ظل هذا النظام.
وفي حال كانت ذاكرة وكالة الأخبار السورية ضعيفة دعنا ننعش هذه الذاكرة المريضة ببعض الذكريات الأليمة في واقع مصارفنا وبالتحديد المصارف العامة.
(دعبول)!
فتح قانون الاستثمار رقم /10/ في عام 1991 الباب على مصراعيه لمنح القروض للصناعيين بحجة تمويل مشاريع تنموية، فإذا بفئة قليلة من رجالات المال، تستحوذ على أكثر من 99% من حجم القروض التي تسمح بها القوانين والأنظمة، مع مراعاة تعديل تلك القرارات حسب مصالح هؤلاء. فها هو رجل الأعمال (دعبول) يقترض من المصرف الصناعي قرضاً قيمته /18/ مليار ليرة سورية، والهدف إقامة مجمع صناعي لتصنيع المواد الفعالة اللازمة لمواد التنظيف على اعتبار أنه ملك المنظفات في سوريا، طبعاُ أقام الرجل منشأته التي هي عبارة عن أرض في منطقة الكسوة بريف دمشق، وأنشأ عليها ألواح معدنية على شكل مداخن وغرف وصالات، ولكنها هياكل فقط، وطبعاً لم ينسَ الرجل الإنارة المُبالغ بها ليراها كل من هب ودب على طريق دمشق عمان الدولي وذلك لذر الرماد في العيون.
منشأة بهذا الحجم وبهذه التكلفة ألم يرها مراسلو وكالة الأخبار السورية ويروا فسادها، أم أن مراسلي هذه الوكالة مختصون بإجراء لقاءات مع امرأة سورية من داريا، تلفظ أنفاسها الأخيرة دون التفكير بإسعافها وتحت حماية جيشهم الباسل.
(حميشو)
قصة أخرى بطلها رجل الأعمال عماد حميشو صاحب شركة لصناعة السيارات في المدينة الصناعية في حسياء بحمص، والذي اقترض مبلغ /3.8/ مليار ليرة سورية من المصرف العقاري. وتخلف عن السداد فقامت وزارة المالية بواجبها وأصدرت قراراُ بالحجز على أمواله وأموال عائلته، إلا أن قضاءنا المُسيس قرر رفع الحجز عنه بموجب قرار المحكمة رقم 160/ج ع تاريخ 5/2/2014 لصالح القضية الجزائية رقم 2013/3 حسياء، وأكثر من ذلك كوفئ الرجل على حساب دمار بيوت المواطنين، حيث منحه وزير حكومة النظام وائل الحلقي موافقة حصرية لشركته للعمل على تجميع الحديد بكافة أنواعه من حديد بناء لحديد سيارات وحديد أثاث، والمنتشر بين أنقاض الأحياء المدمرة من حمص من جراء قصف النظام.
(غريواتي)
أما رجل الأعمال عماد غريواتي فقد بلغت قروضه /850/ مليون ليرة سورية منها /94/ مليون ليرة سورية من أحد المصارف الخاصة، ولم يتم تسديد القرض ومعامله ما تزال تهمل داخل سوريا دون أي مانع قانوني سوى ما صدر من تصرفات تشبيحية تجاهه في أول الثورة، ولكن بعدها تمت تسوية وضعه مع النظام وبدأ يدفع ما عليه ليس لصالح البنوك المُقترض منها بل على شكل إتاوات لصالح ما يسمى لجان الدفاع الوطني او الشبيحة والتي تقتل أهلنا، ولعل المواطن السوري يرى الاستعمال الواسع لسيارات من نوع /كيــا/ التي تباع عن طريق شركات غريواتي وكيلها الحصري.
قروض كثيرة لا مجال لحصرها ولكن يقدر المراقبون قيمتها بمليارات الليرات السورية، استفاد منها كثير من رجال الأعمال المتنفذين شركاء السلطة في السلب والنهب، وربما ليسوا شركاء بمعنى الكلمة بل هم أقرب إلى الدمى التي يحركها النظام كيفما شاء.
تلك القروض كانت تمنح لهؤلاء الحيتان بينما محاسبو الإدارات في وزارات النظام تعتذر عن منح سلفة بسيطة لموظف حكومي، لا تتعدى مقدار راتب شهرين بحجة تجاوز سقف السلف وأن القرارات لا تجيز ذلك، فقرارات وقوانين النظام السوري تسمح لضخ الأموال في جيوب هذه المافيا، ولكنها لا تسمح بأن يعالج موظف ذو دخل محدود زوجته أو أحد أطفاله، أو أن يبني فوق السطح مأوى لتلبية حاجات اسرته.
وأخيرا لابد بأن نعود لوكالة أخبار النظام السوري السورية التي نشرت خبر البنوك التركية متناسية كوارث بنوك نظامها لتتشبه بالفعل بالمومس عندما تحاضر عن الشرف والأخلاق.
التعليقات (0)