مع غياب القانون وفقدان الأهل.. تعنيف النساء يعود الى الواجهة

مع غياب القانون وفقدان الأهل.. تعنيف النساء يعود الى الواجهة

تعنيف النساء من قبل أزواجهن ليس بظاهرة جديدة على مجتمعنا السوري، ولكن مع استمرار الحرب في الداخل السوري لما يزيد عن ثلاث سنوات وظروف اللجوء في الخارج جعلت الأمور أكثر انفلاتاً من السابق مع غياب الحماية القانونية للمرأة والرقابة في ظل هذه الظروف.. صباح (35سنة) من ادلب تحدثت عن حياتها التي انقلبت لجحيم بسبب تعنيف زوجها لها لا سيما بعد أن فقدت أخويها في معارك ضد قوات النظام، وفقدت بالتالي مصدر قوتها الذي كانت تحتمي به من غضب زوجها. تقول صباح:

"بعد استشهاد شقيقاي فقدت سندي وقوتي ولم يعد يوجد ما قد يردع زوجي عن أذيتي، فهو يعرف بأني أصبحت وحيدة ومن كان يحسب حساباً لهم قد فارقوا الحياة".

صباح واحدة من مئات النساء اللواتي يتم استغلال ضعفهن وظروفهن من قبل الأزواج بشكل سيئ ومهين, فلا أمن ولا قانون يحميهن إضافة لفقدان معظمهن للأهل الأمر الذي يزيد من مرارة معاناتهن.

ورغم أن أشقاء هنادي مازالوا على قيد الحياة خلافا لقصة صباح، إلا أن ذلك لم يحميها من عنف زوجها وثورات غضبه عليها. هنادي نازحة من حي الاشرفية بحلب وهي تقيم حاليا في حي الميدان بغرفة مستأجرة مع زوجها وأولادها الثلاثة، تقول هنادي:

"بعد خروجنا من منزلنا ونزوحنا لحلب المدينة ازدادت حدة المشاكل بيني وبين زوجي أكثر من السابق، وأصبح يضربني ويضرب الأطفال لأي سبب تافه دون خوف أو رادع. والأسوء من ذلك بأني عندما أفكر بشكواه لأهلي يهددني بأنه سيلفق تهماً لأخوتي ويشتكيهم للأجهزة الأمنية أو الشبيحة المتعاونين معهم, وطبعا في وقتنا الحالي لا يوجد أسهل من أن تلفق تهمة لأي شخص لتوقعه بأيدي النظام وكلابه المسعورة". وتضيف بحسرة:

"خوفي على اخوتي من تهديد زوجي جعلني وحيدة وضعيفة وبلا سند.. ماباليد حيلة سلمت أمري لله".

اشتكته للهيئة الشرعية فكسر يدها

هيام من حي الهلك في حلب قررت أن لا تسكت عن إهانة زوجها المستمرة لها وقررت أن تشتكيه للهيئة الشرعية في حلب كونها المرجع الوحيد حاليا الذي يمكن أن تلجأ له، فكانت النتيجة مؤلمة بصورة غير متوقعة. تروي لنا هيام القصة قائلة:

"ذهبت للهيئة الشرعية وشرحت للقاضي عن معاناتي وتعنيف زوجي لي وتم استدعائه من قبلهم ومكث قرابة ال24 عندهم. وبعد عودته إلى المنزل انهال علي ضرباً وكسر يدي من شدة الضرب ولاذ بالفرار وإلى الآن لم يعرف أحد عنه شيئا. أنا لم ارتكب ذنباً استحق عليه كل هذا العذاب والإهانة، كنت أريد حماية نفسي فقط".

ورغم أن هيام كانت ضحية لعنف زوجها إلا أن ذلك لم يمنع أهل الزوج من التعرض لها واتهامها بأنها السبب وراء هربه واختفائه. تضيف هيام:

"بعد هروب زوجي بأيام جاء أخاه للمنزل وشتمني بأقذر الألفاظ أمام أطفالي وهددني في حال عدم عودة أخاه فسيكون عقابي كبيراً".

لقد فاقمت الحرب من عذابات المرأة السورية, فبالاضافة للتهجير والنزوح وصعوبة تأمين لقمة العيش، أصبحت عرضة للبعض من الرجال ذوي النفوس الضعيفة الذين استغلوا الانفلات الأمني والفوضى ليمارسوا سلطتهم الذكورية بدون خوف أو رادع.

المرأة اللاجئة ليست أفضل حالاً

في تركيا والتي تحوي العدد الأكبر من اللاجئين السوريين تعاني بعض النساء أيضا من ظروف عائلية سيئة مليئة بالتعنيف الجسدي والنفسي وانتهاك للحقوق, ورغم عدد وجود إحصائيات دقيقة عن عدد النساء المعنفات بتركيا إلا أنه وبحسب مشاهدات البعض والقصص التي يتناقلها السوريون فيما بينهم فالعدد يتزايد يوما بعد يوم.

سلام امرأة ثلاثينية من مدينة حلب تعيش في تركيا مع زوجها وبناتها الثلاثة منذ سنتين، وهاهي الآن تعيش وحيدة مع أولادها بعد أن قرر زوجها تركها والزواج بفتاة لم تتجاوز العشرين من عمرها بحجة رغبته بأن يكون لديه صبي يحمل اسمه وعجزت سلام عن منحه إياه.

تتحدث سلام عن وضعها قائلة:

"لم تكن حياتي مع زوجي مستقرة ابداً، وغالبا ما كان يفتعل المشاكل ويهددني بالزواج ولكنه لم يكن يقدم على هذه الخطوة لأنه سيفتح على نفسه باباً جديداً من المعوقات التي تتعلق بالمهر وتكلفة الزواج وما إلى ذلك من أمور, أما الآن ومع سهولة الحصول على زوجة بدون أي تكاليف نتيجة اقدام الكثيرين على تزويج بناتهم للتخفيف من الاعباء المالية نفذ تهديده وطلقني ليتزوج مرة ثانية".

ربما يكون الطلاق هو وسيلة سلام للخلاص من مشاكلها مع زوجها، ولكنها لم تستطع المطالبة بحقوقها المادية ونفقة أطفالها لعدم وجود جهة قانونية تلجأ لها في تركيا, وتُركت وحيدة لتواجه صعوبة الغربة واللجوء في بلد لا تعرف كم ستطول مدة اقامتها فيه.

ماهو دور وزارة العدل في الحكومة المؤقتة؟

في المادة السابعة لوثيقة حقوق اللاجئين من ميثاق الأمم المتحدة وضمن الفقرة (ب) جاء: "تعترف السلطات في الدولة التي يقيم فيها اللاجئ الحاصل على اقامة رسمية في تلك البلد بذات الحقوق والواجبات التي تنجم عن التمتع بجنسية البلد".

ووفقا لتلك المادة يستطيع السوريين الحاصلين على اقامة في تركيا من اللجوء للمحاكم التركية ويطبق عليهم قانون الاحوال الشخصية التركي.أما بالنسبة للمقيمين بطريقة غير شرعية ولا يملكون اقامة فلا يوجد أي قانون يحتكمون به لأنهم بالأصل غير مسجلين في سجلات المقيمين.

ووفقا لما ذكر سابقا كل لاجئة لاتحمل اقامة لا يمكن لها أن تطالب بحقوقها بشكل قانوني. والسؤال هنا أين هو دور وزارة العدل في الحكومة السورية المؤقتة من هذه المشاكل؟؟ ولماذا لا تقوم جهات تابعة للوزارة بتنظيم هذه المشاكل وتوثيقها وايجاد مرجعية قانونية تضمن حقوق الزوجة وحقوق أطفالها؟؟

لابد وأن يلتف اصحاب الشأن الى تزايد هذه المشاكل ومحاولة ايجاد تدابير لها. فهذا الأمر لا يتعلق بحوادث ومشاكل استثنائية، بل نحن أمام حالات فردية ستتحول بشكل تدريجي لظواهر عامة اذا لم يتم ضبطها وقوننتها.

التعليقات (1)

    عقلية حقوق المراءة من اسباب الثورة

    ·منذ 9 سنوات 3 أشهر
    حتى بشارون يحكي في اعلامه عن تعنيف المراءة شنو تبون اتجلون
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات