مستشفيات دمشق تفتقد أدوية السرطان وكوادرها الطبيةتتعرض للعنف

مستشفيات دمشق تفتقد أدوية السرطان وكوادرها الطبيةتتعرض للعنف
وصل عبد الله (27 عاما) إلى بيروت في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بغرض تلقي العلاج من مرض السرطان، فالأدوية المخصصة لعلاج هذا المرض باتت نادرة جدا في دمشق، كما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مؤكدا أنها «تكاد تكون فقدت من السوق، وسط اهتمام وزارة الصحة والمستشفيات بجرحى الحرب، وبالإصابات الناتجة عنها، وإهمال المصابين بالسرطان».

وعبد الله، واحد من العشرات الذين باعوا ممتلكاتهم، بهدف دفع بدل العلاج في مستشفيات خارج سوريا، وسط تأكيدات بأن هذه البلاد قادمة على معاناة إنسانية كبيرة جدا، نظرا لغياب الأدوية، وخصوصا في حلب التي «باتت تفتقد لكل شيء»، بحسب ما تؤكد مصادر بارزة في المعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط».

وحذر أطباء سوريون مجتمعون في باريس، مساء أول من أمس، من الكارثة الطبية والإنسانية في بلادهم التي تشهد حربا مستمرة منذ نحو 4 سنوات، مع نقص في الأطباء والمعدات والأدوية وعودة ظهور أمراض سبق أن تم استئصالها، بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية. وخلال لقاء مع الصحافة مساء الاثنين في وزارة الخارجية الفرنسية، قال عبيدة المفتي، الطبيب الفرنسي السوري العضو في اتحاد المنظمات الطبية الإغاثية السورية، وهو شبكة من الأطباء من داخل وخارج سوريا مدعوم من عدة بلدان ولا سيما فرنسا، أن «الوضع لا يحتمل، كارثي، ولم يعد هناك وجود طبي في الكثير من المناطق السورية».

وقال عبد الله، الذي يعاني من مرض السرطان لـ«الشرق الأوسط» في بيروت، إن «الأدوية التي يتناولها مرضى السرطان في دمشق، باتت، إلى جانب العلاج الكيميائي، شبه مفقودة».

وفي السياق نفسه، أكد عضو اتحاد تنسيقيات الثورة بريف دمشق إسماعيل الداراني لـ«الشرق الأوسط»، وفاة طفل مطلع العام الحالي في دمشق جراء إصابته للسرطان في ظل غياب العلاج، كما توفيت امرأة تبلغ من العمر 54 عاما في الشهر الماضي في مستشفى المجتهد في دمشق، بسبب غياب العلاج.

ويتلقى مرضى السرطان في دمشق العلاج في مستشفيين، هما «المجتهد» و«المواساة» الحكوميين، فيما يتلقى القادرون على دفع تكاليف العلاج، علاجهم في مستشفيات خاصة.

هذا الواقع، ينسحب على فقدان أدوية أخرى، يتلقاها المصابون بأمراض مزمنة، في ظل النقص في الدواء. ويعود ذلك، بحسب ناشطين، إلى ضعف القدرة على إنتاج تلك الأدوية نتيجة الحرب. ويقول هؤلاء إن «مصانع الأدوية القائمة في مناطق عدرا وحرستا وعلى الأوتوستراد الدولي في الغوطة الشرقية لدمشق أغلق بعضها وتراجع إنتاج بعضها الآخر نتيجة المعارك المتواصلة في الغوطة الشرقية، والاشتباكات المتبادلة، مما خلق تلك الأزمة في سائر مناطق وجود النظام في جنوب ووسط سوريا».

أما الشمال، فإن الحال بات أصعب، بحسب ما تؤكد مصادر بارزة في المعارضة لـ«الشرق الأوسط»، إذ «تعاني حلب من أزمة إنسانية كبيرة، نتيجة فقدان الأدوية من مناطق سيطرة النظام، وافتقادها لمواد أساسية يحتاجها المواطنون في الشتاء»، مؤكدة أن الأزمة الإنسانية تجددت في حلب.

واقتصر عمل المستشفيات في حلب، ثاني مدن سوريا، على 3 تعمل بشكل جزئي، من أصل 5 مستشفيات، وتوجد في الشطر الشرقي الخاضع لسيطرة المعارضة الذي يقيم فيه 360 ألف شخص تحاصرهم قوات النظام.

وقال الدكتور عبد العزيز الطبيب الحلبي الذي لم يكشف سوى عن اسم عائلته لدواع أمنية: «لم يعد هناك سوى 30 طبيبا على اختلاف اختصاصاتهم. إضافة إلى جرحى الحرب، نرى عودة لأمراض مثل شلل الأطفال والسل والجرب والتيفوئيد».

وفي مناطق سيطرة تنظيم داعش، قال أحد الأطباء إنه «بوسع الأطباء العمل، لكنهم لا يحظون بأي دعم من المنظمات غير الحكومية لأنها غادرت جميعها هذه المناطق». وأوضح في هذا السياق أنه في الرقة، معقل التنظيم في شمال سوريا البالغ عدد سكانه 1.6 مليون نسمة، ليس هناك أي قسم للتوليد والأمراض النسائية وطب الأطفال، والأقسام محدودة للغاية.

وقال عبيدة المفتي إن «80 في المائة من عمليات التوليد في سوريا باتت تجري في المنازل وقسم كبير من الأطفال لم يعد يتم تلقيحه».

ويحاول أطباء (اتحاد المنظمات الطبية الإغاثية السورية) الذي يعد أكثر من 300 مركز طبي و12 مستوصفا موزعة على كامل الأراضي، للعمل في جميع المناطق سواء التابعة منها لدمشق أو التي تسيطر عليها المعارضة أو تنظيم داعش، مؤكدين «أننا محايدون لكننا نتعرض للعنف من الجميع، ولا يوجد أحد منا يحظى بضمانة من أي جهة كانت».

ووضع الاتحاد قائمة بـ250 طبيبا قتلوا منذ 3 سنوات. وقال الطبيب توفيق شمعة ممثل الاتحاد في سويسرا، إن «هذه الحرب تسببت بأضرار وبقتلى مدنيين - يتراوح عددهم بين 30 و60 - كل يوم»، منددا بـ«الصمت» الدولي عن معاناة السوريين اليومية. وأضاف مستنكرا: «لم تعد وسائل الإعلام تتحدث سوى عن التطرف وعن (داعش)، وليس عن النساء والأطفال القتلى والأجساد الممزقة والبطون المشقوقة، وكل ما يترتب علينا التعامل معه يوميا بصفتنا أطباء».

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات