وتضمن القانون ترهيباً بأسلوب ترغيب حيث صرح القانون بأنه إذا عمد مالكو هذا النوع من الذهب إلى تسديد الرسوم المحددة لن يتعرضوا للمساءلة القانونية عن عدم تصريحهم بهذا الذهب عند المنافذ الحدودية، أي إدخاله بطرق غير شرعية حيث يذكر بأن المرسوم التشريعي رقم 53 لعام 2012 قد أجاز إدخال سبائك الذهب إلى سوريا مقابل رسم مالي قدره /100/ دولار أمريكي عن كل واحد كيلو غرام من هذا الذهب.
ولعل أي متابع للشأن الإقتصادي السوري يرى في سن مثل هذه القوانين خطوات حثيثة وتخبط إقتصادي من قبل النظام السوري لمواجهة الإنهيار الإقتصادي الذي سببته الحرب الشعواء التي يشنها النظام السوري ضد الشعب، ويعود ذلك لتوقف معظم القطاعات الإقتصادية في سوريا عن الإنتاج مما تسبب في تراجع إيرادات الدولة المتمثلة بشكل رئيسي من الإيرادات الضريبية والجمركية إضافة لإيرادات النفط حيث خرجت كافة مناطق إنتاج النفط في سوريا من تحت سيطرته، أما الإيرادات الضريبية فمع توقف عجلة الإنتاج في معظم المنشآت الإنتاجية أدى إلى خسائر كبيرة في القطاع الضريبي، ناهيك عن فقدان النظام سيطرته على معظم المعابر الحدودية الأمر الذي أدى لفقدانه لمصدر مهم من مصادر تمويل الخزينة العامة وهي الرسوم الجمركية. ورافق كل هذا الإستنزاف لموارد الخزينة العامة إستنزاف آخر يتمثل بزيادة نفقات الحرب من ناحية وزيادة مستحقات قطعان الشبيحة أو ما يسمى بجيش الدفاع الوطني بالإضافة لزيادة الرواتب لموظفي الدولة لمواجهة غلاء المعيشة التي سببتها الحرب.
أما بالنسبة لإستزاف إحتياطي القطع الأجنبي فقد عمد النظام على ضخ كميات من هذا الإحتياطي بين الفينة والأخرى لمواجهة تدهور سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي، في ظل توقف عمليات التصدير الرافدة لهذا الإحتياطي والإستمرار غير الممنهج للإستيراد المستنزف للقطع. حيث بين تقرير اللجنة الإقتصادية والإجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) بأن نسبة الصادرات قد تراجعت 95%، وأضاف التقرير المذكور بأن خسائر الإقتصاد السوري بلغ حوالي 140 مليار دولار أمريكي وتراجع الناتج المحلي من 60.15 مليار دولار أمريكي عام 2010 ليصل إلى 33.45 مليار دولار أمريكي عام 2013، وإرتفعت نسبة التضخم إلى ما يقارب 90% في عام 2013 بينما كانت 4.4 % في عام 2010.
وهذه الإجراءات تعيد إلى الأذهان تلك القرارات التي كان يصدرها حافظ الأسد في ثمانينيات القرن الماضي خلال الأزمة الإقتصادية التي سببتها سرقة إحتياطي القطع الأجنبي من قبل رفعت الأسد خلال ما بات معروفاً بصراع الأخوين على سوريا مثل فرض ما سمى ضريبة رسم الإنفاق الإستهلاكي الكمالي بموجب القانون رقم 18 لعام 1987، وتعديل رسوم الأجهزة التلفزيونية بموجب القانون رقم 28 لعام 1986، وتعديل رسوم السيارات بالمرسوم التشريعيي رقم 15 لعام 1988.
ولكن عندما لجأ حافظ الأسد لتلك الإجراءات كان منتشياً بنصره على أخيه رفعت الأسد، وعلى مدينة حماة, وكان الشعب وقتها في قمة رُعبه من إرهاب الأسد الأب فسارع إلى الإلتزام بتلك القوانين، ولعل الذين عايشوا تلك الفترة يتذكرون تدافع الناس على كوات مديريات المالية في مختلف المحافظات لدفع تلك الرسوم، أما الآن فالسؤال يكمن هل لشعب كسر حاجز الخوف وتحدى الموت بصدور عارية أن يلتزم بتلك القرارات والقوانين التي تصدر عن رئيس فاقد للشرعية بالنسبة له وهو مدرك كل الإدراك بأن مثل هذه الإجراءات ما هي سوى حلول إسعافية لإطالة عمر النظام وبالتالي إطالة معاناة هذا الشعب الصامد.
لا أعتقد ذلك...
التعليقات (4)