باسل الخطيب يجرّد "الأمّ" السورية من جنسيتها

باسل الخطيب يجرّد "الأمّ" السورية من جنسيتها
"أطلقت المؤسسة العامة للسينما العرض الرسمي لفيلم "الأم" للمخرج باسل الخطيب عند الساعة الخامسة من مساء يوم الأحد في مجمع "سينما سيتي" وسط مدينة دمشق (....) وعن هذا الفيلم قال مدير المؤسسة العامة للسينما محمد الأحمد في بيان صحفي: احتفاؤنا اليوم بإطلاق فيلم "الأم" هو احتفاء بالوطن والجمال والسينما".

ينتهي الخبر هنا، إلا أن الاحتفال لم ينته.

ثمة صور تأتينا من دمشق، تظهر فيها مجموعة من الممثلات والممثلين، يقفون صفّاً مرصوصاً إلى جانب بعضهم البعض، وكأنهم مازالوا يقفون منذ العام 2011 وحتى اليوم. كأن سنوات أربع لم تمرّ. مازالوا يحتفظون بالملامح ذاتها، يرتدون الملابس نفسها، يقفون هناك، ينظرون إلى عين الكاميرا أو يرنون إلى الموكيت الملوّن تحت أقدامهم.

ينتهي الخبر. العينان لا تتسعان لفيض من العبث. والقدرة على التسامح تصبح هشة كالركام وتلال أبنية كانت عمارات فصارت كومة حجارة ترقد تحتها ذاكرة سوريين. الخبر وحده، يفقأ العين ويثقب المخيلة. بعد أربع سنوات من الإجرام، بعد أن زهقت أرواح مئات الآلاف من السوريين، لايزال هناك "مؤسسة سينما" في دمشق، يرأسها كائن وحش، وتنتج أفلاماً، وتقيم احتفالات. بعد أربع سنوات، أعيد افتتاح "سينما سيتي" التي أغلقت أبوابها بعد عام تقريباً على بداية الثورة. والفيلم يحمل إسم "الأم". هل ينتمي إلى أدبيات الحزب الشيوعي؟ أم أنه يحاكي الأم السورية المنكوبة؟

يقول خبر آخر إن الفيلم يحكي قصة ستة أخوة تموت أمهم دون أن يتمكنوا من حضور مراسم دفنها. حتى هذه اللحظة، يبدو الفيلم ثورياً، أو على الأقل واقعياً. كل سوري اليوم، معرّض للموت وحيداً، بعيداً عن أهله وأصدقائه. كل سوري اليوم، معرّض لفقدان قريب أو صديق من دون أن يتمكن من وداعه أو حضور دفنه. لماذا لم يتمكن ستة أبناء من حضور مراسم دفن أمهم؟ لو كان الفيلم من إنتاج مؤسسة سورية بالفعل (سورية بالمعنى الوطني للكلمة) ولو أن المخرج كان سورياً أيضاً، والممثلين كذلك، لكانت أسباب عدم حضور الأبناء لدفن أمهم، تنتمي إلى واقع يعيشه السوريون منذ أربع سنوات. أحدهم يقبع في سجون النظام منذ أشهر ولم يعرف أن أمّه ماتت أصلاً. مراسم الدفن أقيمت في إحدى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، وإبن آخر لم يتمكن من الحضور لأنه معارض واضطر على مغادرة بلده ولن يتمكن من الرجوع قبل أن يسقط النظام. أما الإبن الثالث فليس معارضاً بالقدر ذاته، لكنه سافر إلى لبنان لإكمال دراسته، ولم يتمكن من العودة بعد أن أصدروا قراراً يمنع الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين الثامنة عشر والثاني والأربعين، من مغادرة الحدود إلا بموافقة شعبة التجنيد. لديهم أخت لم تتجرّاً على الحضور لأن عائلتها قاطعتها بسبب مواقفها السياسية. وأخت أخرى مختفية منذ أشهر لا يعرفون عنها شيئاً. وأخت ثالثة قتلت تحت القصف. أليست هذه قصص السوريين؟ أليس هذا هو حال الكثير من الأمهات السوريات؟

إلا أن الفيلم الذي صوّرت مشاهده في "سوريا الأسد" فقط، يحكي قصة عائلة لم تمرّ الثورة من بيتها، ولم تعبر أصوات الموت والدمار شبابيكها، لأنها ربما تسكن في إحدى المناطق التي اختارها باسل الخطيب لتصوير فيلمه (دمشق وطرطوس وصافيتا وريفيهما). لماذا لم يصوّر الخطيب في ريف دمشق أيضاً؟ ألا توجد أمهات في الغوطة وجوبر وداريا ودوما؟ هل ماتت كل الأمهات هناك بحيث يبدو الفيلم غير واقعي؟ أم أنهن نزحن إلى مناطق أخرى بعد أن نحر النظام بيوتهن مرّات ومرّات ولايزال ينخر الرماد هناك؟ أم أنهن انتحرن بعد فقدان أولادهن تحت التعذيب؟ كيف يجرؤ المخرج ومعه مؤسسة السينما على إضافة "ال التعريف" على مفردة "أم"؟ عن أي أم يتحدثون؟ وأي زمن ذلك الذي تدور فيه كاميرا الفيلم؟ ألم تعترض طريق فريق التصوير أبنية مدمّرة أو هدير الطائرات؟ يصحّ هنا إضافة "ال التعريف" على طائرات، لأنهم وحدهم "يملكون" السماء.

التعليقات (4)

    خيانة ووطاوه

    ·منذ 9 سنوات 3 أشهر
    قبل يومين كان هذا الخطيب في ضيافة تلفزيون النظام ولازال يكيل المديح , بعد هذا أنسوا أنسانية هؤلاء المجرمون القتلة الفاسدين الدمويين الأنتهازيين , أتفوه على كل خائن لعين

    ابوعبدالله

    ·منذ 9 سنوات 3 أشهر
    هذا إنسان انسلخ من إنسانيته ويعيش أوهام النصر والاستقرار، إنسان خيالي بعيد عن الواقع، همه المال

    ابو حديد الشامي

    ·منذ 9 سنوات 3 أشهر
    انت الصادق هو يعرض ام لسة شبيحة الاول محقق بأحد المعتقلات مشغول برفس المعتقلين مثل الحمار و يصرخ فيهن بدكن حرية و الثاني واقف على حاجز المليونين و نازل تشبيح على ابو موزة و الثالثة عاملة قنّاصة على أطراف داريا و الرابع راكب الهلوكبتر و مشعل سيكارته نمشان يشعل فيها فتيل البراميل المتفجرة و يرميها على أطفال و نساء أهل حلب و الريف الشمالي و الخامسة منتظرة طفل من أطفال الوعر رائح يجيب ربطة خبز حتى تنقصه و السادس قاعد ورا المدفع و نازل قصف بأهل درعا بربك هدول فاضيين يدعوا هل الفطيسة

    عصام

    ·منذ 8 سنوات 6 أشهر
    مع العلم أنه سني أيضا. فاعتبروا وقفوا عن تطييف الثورة
4

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات