وبحسب تقرير «معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث» فان المناطق التاريخية في حلب التي يعود تاريخ السكن فيها الى سبعة الاف سنة ودمشق وقلعة الحصن في وسط البلاد والرقة شرقاً «دمرت او أصيبت بأضرار كبيرة»، تضاف الى أضرار بشرية تشمل 200 الف قتيل ومليون جريح ونصف مليون مهجر. وأفادت «فرانس برس» ان صور الأقمار الصناعية حددت اضراراً لحقت بـ 290 موقعا اثريا مختلفا، اذ تعرض 24 منها للتدمير و104 لأضرار جسيمة و85 لأضرار متوسطة و77 لأضرار مختلفة.
وتضم سورية نحو أربعة الاف موقع اثري، بينها ستة ادرجتها منظمة «يونسكو» على قائمة التراث العالمي وتشمل المدن القديمة في حلب وبصرى الشام جنوب دمشق.
النظام يقصف الآثار بلا أسف!
وقال رئيس «فريق الحفاظ على التراث» السوري عمر العظم في اتصال هاتفي مع «الحياة» أمس ان قوات النظام تحصنت في قلعة حلب وانتشر القناصة على أبراج عالية تطل على المدينة فتحوّلت الى نقطة استهداف لمقاتلي المعارضة. وأشار الى تجربة مناقضة، حيث تمترس «الجيش الحر» في قلعة الحصن وسط البلاد، وقامت مقاتلات سورية بقصف الحصن. وتابع: «مع استمرار الصراع عادت بعض المواقع الى دورها الذي أسست لاجله، حصوناً عسكرية بسبب تربع هذه المواقع على تلال وهضاب عالية».
وفي حلب، دمرت المعارك المئذنة السلجوقية للجامع الاموي الذي يعود تاريخ بنائه الى القرن الحادي عشر، إضافة الى الحريق الهائل الذي اندلع في أسواق حلب القديمة. وبث نشطاء شريط فيديو قبل فترة اظهر مقاتلي «الجبهة الإسلامية» يدمرون نفقاً قرب قلعة حلب.
وفي تدمر في وسط البادية، حيث يقع احد اهم المعالم باعمدته الرومانية، تمركزت دبابات النظام بين المقابر التاريخية والأعمدة وقصفت مناطق مجاورة، معرضة ارث الملكة زنوبيا لمخاطر جنبتها إياها زلازل وهزات أرضية عبر مئات السنين.
وفي شمال شرقي البلاد، تولى تنظيم «داعش» نسف الآثار من منطلقات دينية، وبث نشطاء صوراً لتدمير ضريح اوس القرني والصحابي عمار بن ياسر في مدينة الرقة، معقل التنظيم. وقال العظم ان آثار «دورا اوروبوس» قرب دير الزور شرق البلاد «باتت اثراً بعد عين»، اضافة الى تدمير الجسر المعلق الذي يربط طرفي دير الزور فوق نهر الفرات.
هربا من البراميل المتفجرة!
وفيما تعرضت مدينة افاميا التاريخية في حماة للنهب الى جانب قصف وحرق جامع خالد بن الوليد في حمص وسط البلاد، فان اضراراً مختلفة لحقت بـ «المدن المنسية» في شمال غربي البلاد. اذ تحول بعض الانفاق والكهوف الى منازل للنازحين والهاربين من «البراميل المتفجرة» او مقرات قيادة للفصائل المعارضة، كما حصل مع قادة «احرار الشام» بزعامة «ابو عبد الله الحموي» الذين قتلوا خلال وجودهم في مغارة في الخريف الماضي. وبث نشطاء صوراً لمقر قائد «جبهة ثوار سورية» جمال معروف في موقع اثري تحت الارض، وصوراً لأهالي بنوا بيوتاً وخيمأً بين الاثار والكهوف.
وعن حضارة ايبلا في تل مرديخ التي تعود الى الاف السنين وتضم اول مكتبة واتفاق سلام، قال لـ «الحياة» احد النشطاء ان الاهالي يحفرون في الليل بحثاً عن «الكنوز وجرار الذهب لبيعها لتوفير لقمة العيش ومقاومة الحصار». وتمكن العظم بالتعاون مع نشطاء مدربين من حماية متحف معرة النعمان الذي يضم احد اهم لوحات الفسيفساء في العالم. وزاد: «منذ البداية لفوا قطع الفسيفساء بالقماش، لكن القصف الذي تتعرض له معرة النعمان عرّض جدران المتحف للانهيار وتخريب اللوحات... ونفكر الآن في طمرها بالرمل».
وازدهرت في الفترة الأخيرة تجارة الاثار والقطع الذهبية وتأسست شبكات لتهريبها من المناطق التي يسيطر عليها النظام او المعارضة الى الدول المجاورة. وبينما «يتعاون» عناصر القوات النظامية في أفاميا مع المهربين لتمرير الكنوز، بدأ «داعش» أولاً بفرض ضريبة الخمس على كل شخص يجد آثاراً في ممتلكاته الخاصة ثم أسس التنظيم شبكات التنقيب التابعة له. وقال خبير: «في منبج في ريف حلب، هناك سوق لبيع جميع أدوات التنقيب عن الاثار وشبكات سرية للتهريب».
وعلى غرار العراق الذي لم يظهر حجم الاضرار الذي لحقت بإرثه التاريخي الا بعد عقد من الغزو الأميركي في 2003، فان «معرفة حجم الكارثة التي تعرضت لها سورية تتطلب عقداً»، بحسب العظم الذي أشار الى ان «امراء الحرب والاثار يقومون بتعتيق ممتلكاتهم وتداولها بهدوء لتوفير بطاقة تعريف لها... قبل طرحها بقوة في الأسواق».
*المصدر: صحيفة (الحياة) اللندنية 24/12/2014
**العناوين الفرعية لأورينت نت
التعليقات (0)