الشللية الثقافية بين المفضوح والمسكوت عنه!

الشللية الثقافية بين المفضوح والمسكوت عنه!
العلاقة التي تجمع مجموعة من المثقفين مع مجموعة من الصحافيين أو المؤسسات الثقافية، تسيطر على الساحة الثقافية عقب الثورة السورية، حال السيطرة التي دامت قبيل ذلك عقوداً طويلة!

الشللية بوصفها تجمعاً لشخوص ينتمون لنفس البيئات والثقافات الاجتماعية الواحدة، يجمعهم التفاهم الكبير على المصالح والأهداف، المقدمة على التفاهم الإنساني والاجتماعي، وهو ما يساهم في تكريسهم كمؤسسة ثقافية بديلة لمؤسسات النظام الثقافية، إنما بنفس الصيغة السلطوية، ككما نرى في إحدى المجموعات بديلة عن إتحاد الكتاب، ومجموعة أخرى خلفاً للمؤسسة العامة للسينما، وثالثة بديلة لمؤسسة الوحدة وأخواتها الصحافيات، حيث التناغم الذي يضمن السيطرة على كافة مصادر التمويل المادي والمعنوي!

الشللية التي أعنيها هنا هي سلوك مجموعة من المثقفين السوريين، الذي كانوا في أحضان المؤسسة الثقافية للنظام حتى الأمس القريب، واستقر بهم المطاف في العاصمة الفرنسية (باريس)؛ فالذات الثقافية التي أدمنت التسويق الثقافي، لا يمكنها تفويت الاستراتيجية الجديدة للتسويق وإن تحت شعارات مختلفة، حيث كانت السابقة في انتحال مواقف وهمية حيال المؤسسة الثقافية للسلطة، وتسويقها دعائياً، لتكون هي البديل عن المؤسسة المنحلة!

إحدى الكاتبات السوريات اللواتي استقر بهن المطاف في باريس مع بداية اندلاع الثورة، نتفاجئ أنها نسجت للصحافة الفرنسية قصصاً تشبه الخيال العملي عن نضالها الوهمي، علماً أنه لم يدوم بقائها في البلاد عقب تفجر الأوضاع سوى بضعة أسابيع، لتكون إحدى النجمات الثقافيات، بفضل الظهورات المتلفزة ومواقع التواصل الاجتماعي، ثم تمسي النجومية هوساً لديها، حتى لو كذباً أو على حبل غسيل متسخ، ويكون حضور المثقف بديلاً عن قيمة الفعل الثقافي، والنقل الإخباري بديلاً عن الإنجاز الثقافي، في تهديد واضح للقيم الأخلاقية والحضارية للثقافة!

العيب ليس في التسويق الثقافي، التسويق الثقافي من حق الجميع لإيصال المنتج للقارئ والمشاهد والمتلقي، ولكن أن يكون على أسس بنائية لا عبر ممارسات مافياوية مشابهة لصناعة المثقف في النظام السابق، حيث يكون مصير المثقف غير الملتحق بهذه الاستراتيجية التهميش والعزل، حتى لو كان لديه إنجاز ثقافي يستحق الاحترام، وحظ من يلتحق بهذه الشللية الاستراتيجية أفق واسع من التسويق حتى لو كان حضوره مجرد إخبار ثقافي خالٍ من المنجز، متمتعاً الأول بجمهور محروماً منه الثاني!

لا بد هنا من الفضح الثقافي على حساب المسكوت عنه ثقافياً، حينما نجد كما في الأيام الغابرة، شقيقتان يشتغلان بتناغم عائلي حائزتان على كم يفوق الخيال من الفرص، والتفرد بها على أسس تفكير بدوي يضمن للمقربين والأصدقاء والعائلة، الحظ الأوفر من المنافع، وتجسيد، هذه السلوكيات،يظهر حينما تجد الحاصلين على منح ثقافية وفرص تمويل وعمل يحتج لكفاءات خاصة ومنح دراسية وما شابه ذلك، بمحض الصدفة الانتقائية، لنفس المتناغمين في فكرة الشللية.

التلاعب في المشهد الثقافي عقب الثورة، لا يقل عن ذلك التلاعب الذي كان يمارسه النظام قبيل الثورة، إن لم نقل بشكل أبشع، وغياب المهنية الصحافية جعلت كل شيء يغيب عن فعل الفضح الثقافي لصالح فعل المسكوت عنه ثقافياً، نتيجة غياب الفكر الثقافي والمهنية الثقافية لدى غالبية ممتهني الصحافة، متحولين إلى ما يشبه الدمى التي تتحرك وتتصرف كيفما شاء في أيدي أصحاب فكر الشللية، حينها يغدو الصحافي من صنع المثقف، متناسياً دوره كجزء من صناعة مؤسسة المثقف، هنا تغيب المهنية الصحافية نتيجة هيمنة أصحاب فكر الشللية على الصحافي.

أمام حالة تسويق الذات الثقافية المبالغة بها، أختار الكثير من المثقفين الملتزمين، التزام الخرس الثقافي، لا عن ضعف ذكاء أو خجل او عدم قدرة على تكوين علاقات نفعية، وإنما إلى معرفة بالثرثرة الإعلامية والشبكات النفعية القبلية، والثرثرة الثقافية، ووجود خبرات سابقة عن فساد مشابه للفساد المنتفض ضده.

ربما الخرس الثقافي والإعلامي الذي يدفع إليه خبرة المثقفين السوريين، ركوناً للاعتدال واحتراماً للثقافة وقيمتها وعدم ابتذالها، وغياب العدالة الصحافية، أمور ساهمت في الإبقاء على الشللية، وضمان السيطرة على التغييرات الثقافية العميقة في ظل المتغيرات الأخيرة.

التعليقات (1)

    واحد

    ·منذ 9 سنوات 5 أشهر
    والله و تالله ما فهمت شو بدك، عم تكتب وكأنك خايف ع أسلوب الصحافة تبع النظام، وضح وهات الأدلة كون بسيط بتعاطيك مع الموضوع حتى توصلنا الفكرة فوراً بدل أسلوب الشيوعية بالتورية
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات