الدولار "القوي" يواصل رحلة صعوده للشهر الخامس..!

الدولار "القوي" يواصل رحلة صعوده للشهر الخامس..!
يواصل الدولار رحلة صعوده للشهر الخامس على التوالي بختام تعاملات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، في حين تكبدت عملات الدول المصدرة للنفط خسائر كبيرة مقابل سلة العملات الرئيسية مع تهاوي أسعاره إلى أدنى مستوى في عدة سنوات.

وعزى محللون استمرار الأداء القوي للعملة الأميركية إلى أداء جيد لمؤشرات الاقتصاد الكلي واقتراب موعد رفع أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ عام 2006. وتظهر حسابات «الشرق الأوسط» ارتفاع مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية أمام سلة العملات الرئيسية، نحو 2 في المائة في شهر نوفمبر الماضي.

وارتفع مؤشر الدولار نحو 7 في المائة بالربع الثالث من العام الحالي ليصل إلى أعلى مستوى له منذ الأزمة المالية العالمية في 2008. ويقارن مؤشر الدولار الأميركي الدولار باليورو، والين الياباني، والجنيه الإسترليني، والدولار الكندي، والكورونا السويدية، والفرنك السويسري.

وبدأ العمل بمؤشر الدولار الأميركي عند 100 نقطة في عام 1973، ووصل إلى أعلى رقم له في عام 1985، وهو 148.12 نقطة، وانخفض في 2008 حتى وصل إلى أدنى مستوى له وهو 70.698 نقطة، ويمثل اليورو نحو 58 في المائة من مكونات المؤشر.

كما ارتفع مؤشر بلومبيرغ الذي يقيس أداء الدولار خلال الشهر الماضي نحو 2.4 في المائة عند أعلى مستوى له منذ مارس (آذار) 2009، وفي أول موجة صعود منذ مارس 2013.

وفي مقابل العملة اليابانية، ارتفع الدولار 5.6 في المائة الشهر الماضي، مغلقا عند مستوى 118.63 في أعلى مستوى له منذ نحو 7 سنوات، مع دخول الاقتصاد الياباني في دائرة الانكماش خلال الربع الثاني من العام المالي الحالي في الـ3 أشهر المنتهية بسبتمبر (أيلول) الماضي.

وقال فيكتور لي كينغ، خبير أسواق العملات لدى «إتش إس بي سي»، لـ«الشرق الأوسط»: «استمرار الأداء القوي للدولار يعكس بصورة قوية حال الاقتصاد الأميركي الذي يغرد منفردا بعيدا عن بقية اقتصادات دول العالم».

وأضاف كينغ، أن «ارتفاع قيمة الدولار أمام العملة المحلية مفيد للدول المصدرة. ولكن في حالة الدول المستوردة ينتظر أن ترتفع فاتورة وارداتها، وبالأخص في الدول التي تعتمد على النفط وتشهد عجزا في ميزان مدفوعاتها». ويتابع كينغ: «سيواصل الدولار أداءه القوي في العام المقبل مع اقتراب موعد رفع أسعار الفائدة من قبل المركزي الأميركي».

ولم يقم الفيدرالي الأميركي برفع أسعار الفائدة منذ عام 2006، ولكن مع تحسن مؤشرات الاقتصاد الأميركي وإنهاء برنامجه للتيسير الكمي يرى الكثير من المحللين أن البنك قد يتخذ تلك الخطوة في أبريل (نيسان) من العام المقبل.

وعلى مدار سنوات، سمحت الولايات المتحدة بارتفاع قيمة عملتها أمام سلة من العملات الرئيسية بما يعطي الفرصة لدفع عجلة الاقتصاد قدما في تلك البلدان.

ويعكس الصمت الحالي حقيقة أن الاقتصاد الأميركي بدأ يسترد عافيته بقوة، حيث نما الاقتصاد الأميركي بمعدل سنوي بلغ نحو 3.9 في المائة في الربع الثالث من قراءة أولية بلغت 3.5 في المائة متجاوزا توقعات بنمو قدره 3 في المائة.

وإلى عملات الدول المصدرة للنفط، حيث شهدت عملات عدد كبير من الدول تراجعات كبيرة خلال الشهر الماضي مع انخفاض البيزو المكسيكي لأدنى مستوى له في نحو أكثر من عامين مقابل الدولار، متراجعا بنسبة بلغت 3.5 في المائة على مدار تعاملات الشهر الماضي.

كما هبطت العملة البرازيلية، الريل، بنحو 2 في المائة إلى أدنى مستوى لها في نحو عام ونصف العام، وفقا لبيانات عملت «الشرق الأوسط» على تحليلها من مواقع البنوك المركزية.

وفي روسيا، هبط الروبل الروسي بأسوأ وتيرة تراجع في نحو 5 أعوام مع هبوطه إلى أدنى مستوى له على الإطلاق أمام الدولار الأميركي وسط عقوبات مفروضة على النظام الروسي من قبل الولايات المتحدة والدول الغربية.

وفي الشهر الماضي، خسر الروبل 26 في المائة من قيمته أمام اليورو، و27 في المائة أمام الدولار، وفقا لحسابات «الشرق الأوسط».

وارتفع العائد على السندات الروسية المقومة بالدولار، والتي تستحق في عام 2018، إلى 10.42 في المائة بختام تعاملات الشهر الماضي.

وقال بنك الاستثمار العالمي مورغان ستانلي، في مذكرة بحثية حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، إنه «يتوقع هبوط الناتج المحلي الإجمالي لروسيا إلى 0.4 في المائة فقط من توقع سابق بلغ 0.8 في المائة».

وأضاف البنك في مذكرته أنه يتوقع أن يقبل البنك المركزي الروسي على رفع أسعار الفائدة بواقع 50 نقطة أساس إلى 10 في المائة في الربع الأول من العام المقبل مع توقعات بهبوط حاد في الإنفاق الحكومي.

أما فيما يتعلق بوتيرة النمو العام المقبل، فقد توقع البنك انكماش الاقتصاد الروسي، الذي يحتل المرتبة الـ11 في تصنيف أكبر اقتصادات العالم، بنسبة تبلغ 1.7 في المائة العام المقبل من توقع سابق بانكماش تبلغ نسبته 0.5 في المائة فقط.

وتقول فريناندا كايلوكس، خبير أسواق الفوريكس لدى «بي إن بي باريبا»: «الملاحظ الآن هو إسراع المستثمرين في التخلص من عملات الدول المصدرة للنفط، ويمكنا أن نضرب المثل هنا بالدولار الكندي الذي يرتبط بسلعة البترول، والاستثمار في عملات الملاذ الآمن على غرار الدولار الأميركي القوي».

وتظهر حسابات «الشرق الأوسط» هبوط الدولار الكندي في مقابل الدولار الأميركي بواقع 3 في المائة في تعاملات الشهر الماضي في أسرع وتيرة هبط بـ3 أعوام.

ويعتبر الدولار الكندي إحدى العملات التي ترتبط بأسعار النفط بقوة، وخصوصا أنها العملة الوحيدة الرئيسية التي تقوم بلدها بتصدير البترول، كما أنها تمتلك ثاني أعلى احتياطي في العالم بعد السعودية.

تضيف كايلوكس: «لا يتوقف الأمر على العملة فقط، بل قد يمتد إلى السندات التي تصدرها تلك الدول على غرار ما يحدث في فنزويلا التي ارتفع العائد على سنداتها القياسية في أعقاب قرار (أوبك) بالإبقاء على سقف الإنتاج دون تغيير».

وارتفع العائد على سندات فنزويلا المقومة، والتي تستحق في عام 2017، إلى 19.9 في المائة في ختام تعاملات الشهر الماضي من مستوى بلغ نحو 10 في المائة فقط في أواخر أغسطس (آب) الماضي.

وإلى الصين، حيث هبط اليوان الصيني مقابل الدولار لأول مرة منذ تعاملات أبريل الماضي، منهيا أطول موجة صعود مقابل الدولار في نحو 3 سنوات، وفقا لبيانات مستقاة من موقع بنك الشعب الصيني (البنك المركزي).

وفي خطوة مفاجئة الشهر الماضي، خفض المركزي الصيني أسعار الفائدة بواقع 40 نقطة أساس إلى 5.6 في المائة. وتراجعت العملة الصينية مقابل الدولار في تعاملات الشهر الماضي بنحو 2.8 في المائة.

وإلى منطقة اليورو، انخفض اليورو مقابل الدولار الأميركي في تعاملات الشهر الماضي بواقع 1 في المائة تقريبا عند أدنى مستوى له في نحو عامين مع بيانات سلبية بشأن انكماش نمو الاقتصاد بالربع الثالث من العام وتباطؤ التضخم. وينتظر أن يواجه اليورو مزيدا من التراجعات في مطلع العام المقبل مع استعداد المركزي الأوروبي لضخ حزمة من التحفيز لمساعدة دول اقتصاد المنطقة على تفادي الدخول في دائرة الركود خلال العام المقبل.

* الوحدة الاقتصادية بـ«الشرق الأوسط»

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات