مصر: استنفار حكومي وترقب شعبي لـ "الانتفاضة الإسلامية"

مصر: استنفار حكومي وترقب شعبي لـ "الانتفاضة الإسلامية"
استنفرت الحكومة المصرية في شكل لافت تحسباً لـ «انتفاضة الشباب المسلم» التي دعت إليها «الجبهة السلفية» وأيدتها جماعة «الإخوان المسلمين» والتحق بها «تحالف دعم الشرعية» المؤيد للرئيس السابق محمد مرسي، فيما يترقب الشارع ما ستؤول إليه تلك التظاهرات، في ظل تحريض على الصفحات المؤيدة لمرسي في مواقع التواصل الاجتماعي على العنف خلال تلك التظاهرات، في مقابل تحذيرات أطلقتها الجهات الأمنية وتوعد بـ «التعامل بالرصاص الحي» مع أي محاولة للاعتداء على المنشآت.

وظهر أن أنصار مرسي يراهنون إلى حد كبير على تلك التظاهرات التي انطلقت الدعوات إليها منذ فترة، وأخذت إلى حد كبير بعداً دينياً، بأن أعلن منظموها أن الهدف الرئيس منها «الانتصار للهوية الإسلامية» للبلاد، داعين المتظاهرين إلى رفع المصاحف في مواجهة قوات الأمن.

وقال القيادي السابق في «الجماعة الإسلامية» ناجح إبراهيم لـ «الحياة» إن «رهان الإخوان هو على إظهار أن لا استقرار لأي حكم في مصر من دونهم. هم يعلمون أن تلك التظاهرات لن تسقط النظام، لكنهم مصرون على اللعب بورقة الاستقرار». وأضاف: «لو مرت تلك التظاهرات من دون حشد، وكذلك ذكرى الثورة المقبلة، نكون قد تجاوزنا جماعة الإخوان».

وانتشرت عناصر من الجيش بآليات ثقيلة أمس في محيط كل المنشآت الحيوية في العاصمة، فطوّقت منشآت عسكرية عدة في حي كوبري القبة (شرق القاهرة)، حيث مقر وزارة الدفاع التي يشهد محيطها استنفاراً غير مسبوق، وأيضاً مقر جهاز الاستخبارات العامة في حي حدائق القبة، ومقر الاستخبارات الحربية في حي مصر الجديدة، واتحاد الإذاعة والتلفزيون والبنك المركزي في وسط القاهرة، وتم إغلاق ميدان التحرير في وسط القاهرة وميدان «رابعة العدوية» في شرق القاهرة، وميدان «النهضة» في الجيزة. وانتشرت قوات الجيش أمام مقرات البنوك العامة ومحطات الكهرباء والمياه.

وقال الجيش إنه «دفع بتشكيلات مدربة على مستوى كل الجيوش الميدانية والمناطق العسكرية إلى محافظات الجمهورية المختلفة من أجل مواجهة أي طوارئ أو أعمال عنف من شأنها التأثير على الأمن والسلم العام».

وأكد الناطق باسم وزارة الداخلية اللواء هاني عبداللطيف أن الوزارة «استعدت جيداً لمواجهة الدعوات التخريبية التي أطلقتها بعض الجماعات المتطرفة للقيام بأعمال عنف وتخريب» اليوم. وقال إن «هناك حالاً من الانضباط في الشارع المصري، ورجال الشرطة لن يسمحوا بأي تهديدات تمس أمن المواطن»، مشيراً إلى أنه «كانت هناك الكثير من الدعوات المماثلة على مدار العام الماضي، سواء قبل الانتخابات الرئاسية أو قبل الاستفتاء على الدستور، ولكنها لم تمثل أي تهديد أو تأثير على الأوضاع الأمنية في الشارع».

وأضاف أن «التقارير الأمنية تؤكد أن التيارات الإرهابية فقدت قدرتها وتأثيرها على الشارع المصري، وأنها تلجأ حالياً إلى محاولة إثارة الفتنة كبديل عن الحشد والتأثير، وذلك على غرار دعوة رفع المصاحف، وما رصدته المعلومات عن اعتزامهم حرق وتمزيق عدد كبير من المصاحف وإلقائها أمام قوات الأمن للزعم بأن القوات هي التي قامت بحرقها وتمزيقها، بدعوى عدم احترامها حرمة القرآن الكريم».

وجالت قيادات أمنية على القوات في محافظات عدة للتأكد من جاهزيتها للتصدي لأي أعمال عنف محتملة اليوم. وتسلمت الشرطة مقر جامعة الأزهر في القاهرة، وتمركزت آليات للجيش والشرطة بأعداد كبيرة أمام المدينة الجامعية قربها، لمنع خروج تظاهرات منها اليوم.

وحذرت وزارة الأوقاف من استغلال الصلاة في المساجد اليوم للحشد، مؤكدة أن ذلك «اعتداء على حرمة المساجد لأنها ليست ساحة للصراعات الحزبية أو السياسية أو تحقيق المطامع الشخصية». وقالت الوزارة في بيان إن «الدعوة إلى رفع المصاحف أو الاعتصام بالمساجد تؤكد أن هؤلاء العابثين المأجورين لا يحترمون قدسية مصحف ولا مسجد ولا يعظمون شعائر الله، فقد أعمتهم مطامعهم وعمالتهم لمن يريدون إسقاط كل دول المنطقة للسيطرة على خيراتها ومقدراتها عن الرشد والصواب، وإنها لتدفعهم دفعاً إلى ارتكاب الحماقات والمخالفات الشرعية». وأكدت أنه «لن يتم السماح لهؤلاء المأجورين ولا لغيرهم من أعداء الدين والوطن باستباحة حرمة بيوت الله».

وأكدت وزارة النقل أن لا تعطيل للقطارات اليوم وطمأنت إلى تأمينها، فيما نفت وزارة البترول ما تردد عن تعطيل محطات الوقود اليوم. وقالت في بيان إن «جميع المحطات مؤمنة تماماً، وفقاً لخطة موضوعة مع الجهات الأمنية لحماية المنشآت والمستودعات البترولية»، تحسباً لوقوع أي أعمال عنف. وأضافت أن «شركات البترول مستمرة في عملها وتقديم خدماتها للمواطنين كما هو معتاد». وطمأنت إلى توافر المنتجات البترولية في محطات الوقود، مناشدة «عدم الانقياد وراء إشاعات مغرضة من شأنها إحداث بلبلة في ظل الظروف الحالية التي تمر بها البلاد».

ونصحت السفارة الأميركية في القاهرة موظفيها ورعاياها بـ «توخي الحذر عند التحرك الشخصي» اليوم. وقالت في بيان: «بالنظر إلى الدعوات العامة للتظاهر في جميع أنحاء مصر، نصحنا الموظفين بتجنب مناطق التظاهرات». وطلبت من المواطنين الأميركيين في القاهرة مراجعة خطط تأمينهم الشخصية، وأن يظلوا متأهبين لمحيطهم طوال الوقت.

وأهابت الخارجية البريطانية بمواطنيها في مصر «تجنب جميع التظاهرات». وقالت في بيان: «هناك دعوات إلى التظاهر وبعض دعوات العنف ننصح بتجنب التحرك في المدن في شكل عام في منتصف النهار غداً باستثناء منتجعات البحر الأحمر».

وسجلت «الجماعة الإسلامية»، ثاني أكبر مكون في «تحالف دعم الشرعية»، موقفاً لافتاً بأن دعت أنصارها إلى عدم التظاهر اليوم. وقالت في بيان: «تؤكد الجماعة ما سبق أن أعلنته من أنها لا تتفق مع الدعوة التي أُطلقت تحت مسمى انتفاضة الشباب المسلم، وتشدد على أنها لن تشارك في فاعليات اليوم كافة، كما تؤكد أن هذا البيان من دون غيره هو الذي يعبر عن موقفها»، ما بدا رداً على بيان التحالف الذي دعا إلى تنظيم مليونية اليوم تحت شعار «الله أكبر. يد واحدة».

وكانت مصادر أكدت لـ «الحياة» أن الجماعة رفضت تبني التحالف الدعوة إلى تظاهرات «انتفاضة الشباب المسلم»، فخرج بيان التحالف داعياً إلى تظاهرات من دون ذكر هذا الشعار. وقالت إن الجماعة «اقتربت من إعلان انسحابها من التحالف، بسبب إصرار بعض مكونات التحالف على إنفاذ إرادته رغماً عن بقية مكوناته. رفضنا تظاهرات اليوم، فخرج بيان من التحالف يدعو إلى التظاهر، ولما استفسرنا، وجدنا رداً غير مقبول. أبلغنا بأن التحالف اعتاد على الدعوة إلى التظاهر كل جمعة، وفي البيان الأخير دعا إلى التظاهرات المعتادة من دون ذكر للثورة الإسلامية، وهذا التفاف على إرادتنا، فأردنا تسجيل موقف بأننا لن نتظاهر تحت دعوة الجبهة السلفية وجماعة الإخوان إلى انتفاضة إسلامية، ولا تلبية لدعوة التحالف المعتادة».

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات