النهوض بالاقتصاد السوري في المناطق المحررة!

النهوض بالاقتصاد السوري في المناطق المحررة!
بعد دخول الثورة السورية عامها الرابع وشلل معظم المنشآت الاقتصادية السورية وتدمير النظام للبنى التحتية في المناطق المحررة، لابد من طرح أفكار جديدة تساعد المجتمع السوري على الخروج من هذه الأزمة الاقتصادية، حيث ارتفعت أسعار كافة السلع الأساسية التي يحتاجها المواطن السوري، وبرزت ضعف مقدرته على تأمين مستلزماته اليومية، مما خلق كارثة إنسانية، يحتاج السوريون إلى حلها وخصوصاً مع ظهور نتائج غير متوقعة يصعب حلها فيما بعد.

 جمود انتاجي!

لعل أبرز الصعوبات الاقتصادية التي تواجه السوريين القاطنين في المناطق المحررة، الانعدام شبه الكامل للصناعات السورية، واستيراد معظم المنتجات من دول أجنية وبالأخص تركيا، ودخول المساعدات المتنوعة للشعب السوري بطريقة فوضوية وغير منظمة، ما خلق جموداً لدى العاملين والمنتجين السوريين، وأصبح الموضوع يتعلق فقط بالبيع والشراء وتحقيق الربح الزهيد من فروق الأسعار؛ إضافة إلى الاتجار بالعملات الاجنبية واكتناز الذهب وغيرها من أساليب الكسب غير المشروع.. وغير المنِتج!

إن القضية الجوهرية التي تطرح نفسها على من تبقى في المناطق المحررة، هي التفكر ملياً بالاعتماد على أنفسنا بالإنتاج واستيراد المواد الاولية غير المتاحة فقط، لأن المشكلة تتعلق استراتيجياً بالاقتصاد الوطني. هفذا الجمود الاقتصادي سيخلق فجوة كبيرة لا يمكن تفاديها بسهولة مستقبلاً، في حين تشهد فعالية المجتمع السوري وحيويته على قدرته الدائمة على الاعتماد على نفسه ولو بأبسط الوسائل المتاحة، وفي أحلك الظروف!

مقترحات وحلول!

علينا تأسيس جمعية مؤقتة تهتم بالعمل على صناعة السلع والمنتجات المطلوبة وتقليص استيراد السلع الاجنية إلى الحد الادنى، وذلك كله يصب في صالح المواطن السوري والمجتمع ككل، ومحاولة إيجاد آليات عمل إنتاجية صغيرة، تشجع الشباب السوريين على العمل، مع التفكير بإيجاد بدائل للبني التحتية التي دمرتها آلة النظام الحربية.. ولا شك أن العقل السوري المبدع قادر على تخطي هذه الصعاب، إذا آمن بالهدف أو المسار... ألا وهو حماية المناطق المحررة من الاعتماد على الغير والوقوع في فخ الاستهلاك غير المنتِج.... ذلك أن استهتارنا بهذا الموضوع واعتمادنا على الخارج بكل شيء، سيبقينا في حالة انقياد تام للدول المساعدة ولن يكون لنا نصيب بتحقيق ازدهار لهذا البلد العريق والذي عانى ما عاناه على مر العصور.

البطالة والعمل تحت الخطر!

قد يتساءل أحدهم كيف نقوم بالإنتاج ونحن تحت القصف اليومي والقتل العشوائي؟

هناك مصطلح يسمى اقتصاد السوق ويعني تدخل الدولة في الاقتصاد من خلال مراقبة آليات السوق، من دون أن يتحول هذا التدخل إلى سيطرة مركزية مطلقة على الاقتصاد كما هو الحال في الصيغة الاشتراكية أو لدى اليسار غير الديمقراطي...

الآن الدولة غائبة... لكن إطلاق الصفة الاجتماعية على اقتصاد السوق لا يكفي أن يأتي بقرار سياسي مسبق بل يفترض أن تكون العمليات أو الوقائع التي تم تحقيقها على الأرض هي المعيار في عملية تحديد ماهية الاقتصاد. فالاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق اجتماعي على المستوى النظري فقط أما الواقع الاقتصادي القائم فهو أقرب إلى الاقتصاد الرأسمالي منه إلى الاقتصاد الاشتراكي أو الاجتماعي فدخل المواطن السوري هو دخل اشتراكي لكن الأسعار هي أسعار رأسمالية بامتياز، وآليات العمل والمنافسة تكاد تكون مافياوية وليست رأسمالية فقط!

لكن اقتصاد السوق اليوم، يمكن أن يكون اليوم نواة لحالة اجتماعية فاعلة، تنظم نفسها بنفسها... لن تكون البطالة تحت القصف، أكثر أمناً من العمل في ظروف القصف... ففي كلتا الحالتين: معايشة مع الخطر اليومي.

بكل بساطة كل مواطن سوري شريف يؤدي عمله من موقعه وحسب اختصاصه والاهم هو عدم جلوسه وانتظار تتالي الأحداث كي يستطيع استغلالها لصالحه الشخصي. للأسف الشديد شاهدنا مؤخرا العديد من الاشخاص الذين استغلوا الشعب السوري وتاجروا بدمائهم الطاهرة (تجار الثورة )..ولكن على النقيض الاخر يوجد الكثير من الاشخاص الذين دعموا وساعدوا وقدموا الغالي والرخيص وبدون أي مقابل كي تكون سورية حرة .. وأعتقد أن هؤلاء المخلصين سيتحمسون لشراء ما نتنجه المناطق المحررة، فيما لو بادرت، أو كانت المبادرة في خطي الإنتاج والتسويق.

لن نحقق النصر إلا باعتماد الشعب السوري الحر على نفسه.. ولن يكون للنصر السياسي أو العسكري من معنى بلا انتصار اقتصادي على اليأس والبطالة والاعتماد المطلق على الآخرين، وبيع أسواقنا لهم بالمجان.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات