آثار دير الزور: فصائل وأجانب للنهب.. وشعوذة للبحث عنها

آثار دير الزور: فصائل وأجانب للنهب.. وشعوذة للبحث عنها
أصبحت آثار دير الزور، كغيرها من آثار سورية، عند تحرر المحافظة، عرضة للنهب والسرقة، وباتت المواقع الأثرية مسرحاً للتنقيب العشوائي غير المشروع، والذي يسبب أضرار بالغة في تلك المواقع، فضلاً عن فقدان قطع أثرية باتت في أيادي تجار أجانب يدفعون أموالاً طائلة مقابل الحصول عليها.

توجد في دير الزور العديد من المواقع، ذات الأهمية التاريخية الكبيرة، كموقع ماري (تل الحريري)، الواقع في قرية السيال الشرقي قرب البوكمال، التي تعتبر أهم مملكة سورية تعود للألف الثالث قبل الميلاد، بالإضافة إلى موقع دوراأوربوس الواقع في منطقة صالحية البوكمال، التي اكتشف فيها أقدم كنيس يهودي معروف حتى الآن في سورية، بالإضافة إلى مواقع أخرى، ونظراً لحالة الحرب الدائرة حالياً لا توجد أرقام مؤكدة عن حجم المسروق من الآثار، بسبب طبيعة مهنة تجارة الآثار التي تحاط بكثير من السرية، من قبل التجار والمنقبين على السواء .

آليات حديثة للتنقيب... وشعوذة!

لم يتوان المنقبون قي ورشات التنقيب العشوائي عن استخدام كل الوسائل المتاحة من أجل الحصول على الآثار، ويدفعهم إلى ذلك الطمع بالأرباح الهائلة.

يقول (حمد.س) أحد المنقبين عن الآثار من ريف دير الزور "كل ما يساعد على الوصول إلى الآثار من الأدوات يستخدم حتى الآليات الثقيلة، وإلى جانب ذلك استخدمت أجهزة حديثة مصدرها العراق بشكل كبير في الريف الشرقي، وهي قادرة على كشف المعادن والآثار عن مسافة تصل إلى عشرين متراً تحت الأرض، خصوصاً مع رخص ثمنها بالنسبة للمنقبين، الذي لا يتجاوز المليون ونصف المليون ليرة سورية".

ولجأ بعض المنقبين إلى استخدام السحر والشعوذة في التنقيب، وهذا ما يؤكده أحد عناصر الهيئة الشرعية التابعة لجبهة النصرة، في ريف دير الزور الغربي فيقول "قمنا بالقبض على مشعوذ وعميد متقاعد من ريف دير الزور، بالإضافة إلى ثلاثة أفراد آخرين، في موقع بالقرب من بلدة الجزرة غربي دير الزور، بحوزتهم كتب شعوذة وأشياء غريبة، وبالتحقيق معهم اتضح، أنهم يبحثون عن آثار عن طريق الشعوذة".

ملايين الليرات مقابل الآثار

تنشط حركة بيع الآثار المسروقة في تركيا، ويؤكد نايف. س 35 عام وهو أحد الوسطاء الذين يعملون في هذه المهنة أن تاجراً من دير الزور يحاول الآن في تركيا بيع قطعة أثرية لإنجيل مكتوب باللغة الآرامية ويقدر عمره بـ 1500 عام، وهو يتفاوض مع تجار هولنديين، لبيعه مقابل مليون دولار أمريكي، ويشير نايف.س إلى أن الانجيل سرق من أحد المواقع الأثرية في ناحية مرقدا بين دير الزور والحسكة.

كما وتتم حالياً صفقة أخرى بين تاجر آثار من ريف دير الزور الشرقي وآخر لبناني على الأراضي التركية، وذلك بحسب باسم .ح أحد مقاتلي الجيش الحر من دير الزور، والموجود حالياً في تركيا.

وعن طبيعة الصفقة يقول "القطعة التي يريد التاجر السوري بيعها، هي مومياء بطول 45 سم محنطة بشكل جيد، ومطلية بعض أجزائها بالذهب، وتوجد معها قلادة ذهبية عليها صورة ملك كما أظن، وقد سرقت من منطقة صالحية البوكمال، والسعر المدفوع من أجلها من قبل التاجر اللبناني 260 ألف دولار أمريكي".

تجار أجانب وفصائل عسكرية تنقب عن الاثار

وعملت بعض القصائل الإسلامية في عمليات التنقيب والاتجار بالآثار، وذلك بحسب ما يؤكده نور.س أحد العاملين في هذه المهنة من أبناء ريف دير الزور الغربي، لافتاً إلى أن غايتهم كانت الحصول على المال.

وقامت إحدى الفصائل الإسلامية ذات السلطة القوية في منطقته سابقاً، في نهاية الشهر الأخير من العام الفائت، بجلب تاجر جزائري إلى المنطقة، عاين القطع الآثرية الموجودة لدى الفصيل، واشترى عدة قطع منها.

فيما يقول سالم .م 30 عاماً، من ريف دير الزور الشرقي إن "الفصائل التي كانت تعمل في هذا العمل قليلة جداً، ولكن مع بداية الشهر السادس من عام 2013 بدأ الانتشار الواسع لهذه المهنة، مع قدوم منقبين عراقيين إلى الريف الشرقي بدير الزور كما جاء أجانب منهم أتراك وأوكرانيون، إلى بلدة (العشارة) التي يتواجد بالقرب منها موقع ترقا الأثري، بغرض شراء قطع أثرية، ولكن لم يكن للجيش الحر دور في ذلك، فقد استغل التجار الانفلات الأمني الواقع في المنطقة للعمل واستدعاء التجار الأجانب".

الشرع يبيح

الهيئات الشرعية كانت الجهة القضائية الوحيدة الموجودة في ريف دير الزور، وحاولت حينها أن تقف بوجه تجارة الآثار، إلى أنها فشلت في ذلك، بحسب الناشط محمد حسان من ريف دير الزور، الذي اعتبر أن آلية عمل الهيئات الشرعية قاصرة، في هذا المجال لاعتمادها على الشرع الإسلامي، الذي يبيح التنقيب عن الآثار بوصفها لقية، مقابل نسبة من الأرباح تعطى لبيت مال المسلمين.

ورغم ذلك يوضح عمار.ش عنصر في الهيئة الشرعية في ريف دير الزور الغربي، أن عناصر جبهة النصرة، قبضوا على أربعة منقبين عن الأثار، من مدينة حلب، قاموا بالتنقيب بموقع قرب بلدة الكسرة، بالريف الغربي لدير الزور، حيث كانوا يحملون جهاز مرنان لكشف المعدن، ومعهم بعض القطع الأثرية، وتم الإفراج عنهم بعد أسبوع، بقرار من الهيئة.

فيما يجد ساري 28 وهو ناشط وإعلامي أن الهيئات الشرعية تركز بمكافحتها تجارة الآثار، على الآثار الإسلامية خصوصاً العملة مثل الدينار الأموي والعباسي، وذلك بعد ما أشيع بين أوساط تجار الآثار، عن وجود قطع نادرة منها بدير الزور، أما عداها فتعتبرها أوثان لا أهمية لها.

تزييف الآثار

وترافقت عمليات سرقة الآثار بنشاط لافت لسوق الآثار المزورة وخاصة في الفترة الأخيرة، حيث يعمد اللصوص إلى صنع قطع أثرية طبق الأصل بحرفية عالية، ويسوقونها على أنها قطع أصلية.

عباس.ك من التجار الذين "خدعوا" بشراء قطعة مزورة، وعما حدث معه يقول "اشتريت خاتماً من مزور آثار مقابل ثمانية آلاف دولار، وأوهمني حينها أنه يعود للحقبة الفارسية، وبعد أن أرسلت الصور لتجار في تركيا ولبنان عن طريق البريد الالكتروني، أخبروني أنه مزور، وبعد تهديدات مني ولعدة أشهر، استطعت استعادة المبلغ منه".

تخريب للآثار وسبل استعادتها

ورغم المخاطر الناتجة عن سرقة الآثار والعبث بها إلا أن الدكتور شيخموس علي رئيس جمعية حماية الآثار السورية، وجد أن للتزوير ميزة إيجابية واحدة تتجلى في عرقلة عملية بيع القطع الأصلية.

أما الأضرار الناجمة عن العبث بالمواقع الأثرية، فتتجلى بالدرجة الأولى، بحسب الدكتور شيخموس، في تخريب سويات أثرية لمواقع تاريخية في غاية الأهمية، فعلى سبيل المثال تعرض موقع دورا أوروبوس، لعمليات حفر رهيبة من قبل اللصوص أدت إلى تخريب 90% من القطاعات الموجودة فيه، وبالتالي فقدت سويات كانت ستقدم معلومات في غاية الأهمية عن الموقع، وكذلك حصل في قلعة الرحبة حيث استخدم اللصوص الجرافات للبحث عن الآثار.

والسبيل الوحيد حالياً لاستعادة القطع المسروقة، بحسب الدكتور شيخموس، هي الحصول على صور للقطع المسروقة، لتسليم نسخة منها إلى الانتربول الدولي، وعند ظهورها في إحدى المزادات العلنية يتم استعادتها وبشكل قانوني، أما في حال غياب أية وثيقة تثبت أنها من سورية، فمن الصعب استرجاعها.

التعليقات (4)

    اللاعنف

    ·منذ 9 سنوات 4 أشهر
    صدقو حين قالوا ان هناك اتفاق مباشر او غير مباشر بين دول التحالف وبين النظام السوري الارهابي السرطاني وايران لتدمير البلاد العربية وخاصة سوريا وشعبها من اجل امن اسرائيل(وزير خارجية ايران ومخلوف). ان امريكا بعثت مسؤول عراقي قبل البدا في القصف الى سوريا بان دول التحالف ستدمر ما تبقى في الشمال السوري بحيلة داعش الارهابية التي صنعها انظمة المخابرات الايرانية والمالكي وبشار الاسد السفاح اما النظام السوري الارهابي يستمر في تدمير وقتل الاطفال والنساء بالبراميل والصواريخ ويحرق البلد ثم يهربو لايران

    مرحبى آثار

    ·منذ 9 سنوات 4 أشهر
    وقف الامر عالآثار الانسان اللي هو اهم شي بالوجود لم يعد له قيمة شوية حجار ما بتقدم ولا تأخر

    ابو محمد

    ·منذ 9 سنوات 4 أشهر
    انا عندي نفس القطعه الموجوده بالصوره على شكل حورية البحر بس ما بعرف اذا اثار او مزورة انا اشتريتها من سوق شبيه لسوق الجمعه وهلق تفاجائة بالصورة

    اسد الغابة

    ·منذ 8 سنوات 11 شهر
    لماذا لاتذهبون وتردون الأثار التي نهبتها نفيسى وابنها بشار وعائلتهم ومن جملتهم الرئيس خدام ...ولا البابا مانوا شاطر إلا على الماما ؟!لعنت الله عليكم جميعا يا اولاد متعت المال...!
4

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات