وتفتش سياراتهم.
لكن هناك سطوة أمنية أكثر رعباً، تتقاسمها الأجهزة الأمنية والميليشيات الحديثة التي شكلها النظام وسمح لها بالتشكل. منظمات أمنية بديلة، لها مستقبل ضمن الأوضاع المستجدة داخل سوريا. هذه المنظمات الأمنية الكلاسيكية والمستحدثة وسعت من مهامها، فمعرفة (مالية) الناس وحقوقهم الاقتصادية عادة كلاسيكية ضمن سطوة النظام الأمني للأسد. إلا أن الاستغلال الحديث لها يبدو واسع الأفق، ويخضع لآلية الارتزاق الأسدية الحديثة والتي تكشفت حقيقتها أثناء الثورة السورية.
فما إن يسحب أحدٌ ما رصيداً مالياً كبيراً من البنوك حتى تُسارع المليشيات الارتزاقية لخطف قريبٍ له أو خطفه هو نفسه. فمنذ 4 أسابيع سحبت سيدة في اللاذقية مبلغاً مالياً كبيراً، ولم يحل المساء حتى اقتحم منزلها من قبل ميليشا مسلحة وسُرقت أموالها ووجدت مقتولة أيضاً.
ومنذ أيام اختطف نجل أحد الذين باعوا عقاراً ضخماً في مدينة اللاذقية، وتم وضع فدية مقدارها خمسة آلاف دولار أمريكي. في مجالٍ آخر تقف سيارات مسلحة مشبوهة بقرب مراكز التحويل المالي تُراقب الناس والأكياس التي يحملوها.
البعض منهم يدعي أنه للحراسة لكن في الغالب هم منظمات ميليشوية تنتظر وتراقب خصوصيات الناس وذممهم المالية ومقدراتهم الشرائية. كل هذا ينعكس بخطف كل من يملكُ سمعةً مالية تروق الخاطفين والمرتزقة من أتباع الأسد.
الابتزاز مفتوح والشكاوي للجهات الجنائية المختصة لا تفيد. ولا يستبعد المواطن أن يُعطيه المسؤول الأمني أو الجنائي محاضرة عن مساوئ المؤامرة وانعكاسها على تفتت المجتمع وانفلاته. حيث يتحول المركز الأمني الجنائي الحكومي إلى مركز إرشادي وداعم نفسي. وتُقتبس الجملة التاريخية التي يحفظها كل تابع أسدي " كلو من الحرية بدهم حرية قام خربوا البلد".
لا تكتفي المراقبة الأمنية على أموال الناس وتحويلاتها المالية ضمن البنوك ومراكز التحويل، بل هناك جانب أكثر سوءاً، مراقبة ذمم الناس في الهيئات العقارية، والهيئات التابعة للمالية العامة، وبات كُل ميسور يشعر بأنه عرضة لاقتناص لحظي إزاء أي صفقة رابحة أو منتجة، والتخليص الجمركي أيضاً لا يَخلص من الرقابة المالية. على كل مالية أن تكون تحت العين، أو عينين بالأحرى المنظمات الأمنية والمستحدثون الأمنيون المرعبون.
يخضع السؤال ها هنا عن مدى التقاطع بين عمل الشبيحة والمنظمة الأمنية التقليدية فالمعلومات يحصل عليها الأمنيون ويعطونها للمرتزقة الشبيحة ويتقاسمون الحصة فيما بينهم. هذا ما يتضح من خلال صعوبة وصول صغار المرتزقة إلى الحسابات المالية و طبيعة المعاملات التجارية التي تخضع لبيروقراطية الدولة. وما ينتج عنه من أعمال ارتزاقية يبدو مبهماً، فلا أحد يعرف الساعة التي يحين فيها اختطافه أو سرقته.
الجدير بالذكر ان أعمال السرقة باتت أمراً مألوفاً، فكبار شبيحة الأسد يديرون أعمال السرقة، وعناصرهم مقدسيين ومنزهين عن الشك أو المساءلة. من يقتل من أجل الأسد عليه أن يأخذ راتبه من الناس الذين لا يتجاوزون العبيد في الرؤية العامة للأسد أعوانه. المئات توقفوا عن تداول الأموال الكبيرة وبعض العائلات بدأت تبيع عقاراتها ومتاجرها بطريقة مضحكة عن طريق تسليم الأموال وتأجيل كتابة العقد، إن أي ورقة مالية قد يدفع موقعها حياته أو حياة أحد أبنائه من أجلها. الموت يحين كلما أراد الأسديون ذلك، البطل من يخرج من مركز مالي وهو محملٌ بالأموال. كل مليون ليرة سوري قد يساوي حياة كاملة.
التعليقات (2)