استتابة أم إذلال ؟
وأفاد مصدر من أبناء المنطقة لـ (اورينت نت) أنه بعد جهود استمرت لأكثر من ثلاثة أشهر ، سعى خلالها وجوه بعض العشائر التي بايعت التنظيم، الى وضع آلية تعيد أهالي الشعيطات الى قراهم ، جاءت موافقة داعش على عودة هؤلاء، بشروط مذلّة في مقدمتها "التوبة "، حيث يعتبرهم البغدادي وتنظيمه كفاراً لأنهم (شقوا عصى الطاعة على أمر الخليفة) المزعوم و تنظيمه المجرم .
وجاءت شروط (داعش) للقبول بعودة أهالي عشيرة(الشعيطات)على الشكل التالي:
1 – تسليم السلاح كاملاً ( بارودة – جفت – فرد ) .
2 – الشخص الذي يثبت أن لديه سلاح يقتل بسلاحه .
3 – عودة المهجرين على دفعات حيث تقسم إلى :
آ – عودة المهجرين من خارج القرية ( اللاجئين ) .
ب – عودة المهجرين اللذين لم يثبت قتالهم لـ " الدولة " .
ج – عودة اللذين ثبت قتالهم " للدولة " بعد التوبة ويتم تهجيرهم خارج المنطقة بعلم من "الدولة " إلى مكان تختاره "الدولة " .
4 - الشخص الذي يتستر على شخص مطلوب يهدم منزله فوق رأسه هو وعائلته .
5 - حضور دروس شرعية يوميا في المسجد من عمر 16 سنة فما فوق و هو أمر إجباري .
6 - تسليم صورة شخصية لكل شخصية " تائب " من عمر 16 سنة وما فوق وهو أمر إجباري .
ويبدو أن أهالي ( الشعيطات ) باتوا مرغمين على القبول بشروط التنظيم ، الذي شرّد أكثر من مئة ألفٍ منهم معظمهم من النساء والأطفال , بعد المواجهات التي شهدها ريف دير الزور بين التنظيم وفصائل أخرى منها كتائب للحر والجبهة الإسلامية وحتى جبهة النصرة , تكمن التنظيم في نهايتها من بسط السيطرة على معظم دير الزور ، لتبدأ مرحلة من التكفير والاتهام بالردة للأهالي وتنفيذ اعدامات ميدانية ، بالإضافة لتهجير السكان من القرى .
ألف شهيد و1800 مفقود
وتنتشر عشيرة الشعيطات في ثلاث قرى من الريف الشرقي لدير الزور ،هي ( الغرانيج - أبو حمام - الكشكية )، ويبلغ تعداد أفراد العشيرة ما يقارب 130 الف نسمة، يتوزعون على القرى الثلاثة يربط بينهم القرابة تحت غطاء العشيرة التي اشتهرت بمعارضتها لنظام الأسد، والذي لم يستطع عقاب أبنائها الخارجين على حكمه بقدر ما فعله البغدادي وتنظيمه ,حيث يقدر عدد الشهداء الذين قتلهم عناصر التنظيم من الشعيطات أكثر من الف شهيد معظمهم من المدنيين، 700 منهم قتلهم عناصر التنظيم خلال أسبوعين فقط، بالإضافة إلى 1800 مفقود لا يزال مصيرهم مجهولا، كان عناصر داعش خطفوهم سراً أو جهراً واقتادوهم إلى أماكن غير معلومة، مع ترجيح إعدام العديد من منهم دون الإعلان عن ذلك كما حدث في أغلب المناطق، أما الأفظع فهو تشريد جميع الأهالي في القرى الثلاثة والذين ذكرنا عددهم سابقاً، حيث هام أغلب هؤلاء على وجوههم في الصحراء مع الأطفال والنساء، وأما من تيسر به الحال فر الى تركيا طلباً للجوء من بطش عناصر التنظيم، وتحوي مدينة (أورفة) التركية الحدودية العديد من أبناء الشعيطات).
400 شهيد بفتوى من المخابرات الأمريكية
وفي 28 من أيلول المنصرم، أعدم التنظيم مسؤوله الشرعي في دير الزور ( أبو عبد لله الكويتي ) بتهمة التخابر للتحالف الدولي والتعامل مع المخابرات الأمريكية، وتم تنفيذ الإعدام في مدينة معدان التابعة للرقة القريبة من دير الزور ، ويعلم أبناء دير الزور وأبناء الشعيطات تحديداً أن ( الكويتي ) أفتى بقتل أكثر من 400 مدني من أبناء الشعيطات في أماكن وأزمان مختلفة، توزعت على ثلاثة قرى ومثلها من الشهور ، خلال حملة التنظيم لتطهير القرى التي تقطنها العشيرة، بتهمة الردة أو الانتماء لصحوات أو التعامل معهم، أغلبهم أمر (الكويتي) بذبحهم أمام ذويهم، قبل اكتشاف أمره من قبل التنظيم.
ثورة شعبية وليست حرب فصائل
وليس غريباً على التنظيم وعناصره كل ماسبق ذكره من جرائم بحق أبناء الشعيطات ودير الزور عموما، وهو الذي بدأ ببسط سيطرته تدريجيا على ريف دير الزور في النصف الثاني من حزيران المنصرم، في محاولة للسيطرة على آبار النفط، ما اضطر ثوار المنطقة للانسحاب الى القلمون بعد نفاذ الذخيرة بين أيديهم وقطع كافة خطوط الإمداد أمامهم، في حين كان خط العراق والرقة مفتوحاً أمام التنظيم الذي كان يفرط في استخدام القوة بغية السيطرة على الدير، نظراً لتوفر العتاد والعدد الذي يساعده على ذلك .
ومع انسحاب الثوار بدأ التنظيم مرحلة من الإجراءات التعسفية والإجرامية بحق المدنيين، فأعدم وخطف وهجّر الكثير منهم، وكانت مشاهد الذبح أمام الأهالي أكثر ما يستشيط غضبهم، وهم الذين تغلب عليهم (الحمية) العشائرية، فلم يسرهم البقاء على هذا الحال، ما أدى الى انتفاضة أهالي الشعيطات وبعض مناطق دير الزور بوجه التنظيم، أخذت حينها طابع الثورة الشعبية أكثر مما هي حربٌ بين فصائل، كان ذلك في بداية شهر آب الماضي حين ما داهم عناصر التنظيم عرساً لأهالي الشعيطات واعتقلوا بعض الشبان، أتبعه اعتقال آخرين عند حاجز للتنظيم، لتندلع مواجهات بين شباب الشعيطات وعناصر داعش تمكن حينها شباب الشعيطات من قتل 11 عنصراً من داعش، واستمرت هذه الانتفاضة حوالي العشرة أيام قبل وأدها من قبل التنظيم، الذي حشد في سبيل ذلك الكثير من المقاتلين بعد طلب المؤازرة من الرقة المجاورة، عاصمة داعش.
أثناء ذلك كانت عدد من فصائل دير الزور التي تقاتل في القلمون قد أصدرت بياناً اعلنت فيه توحدها للعودة لدير الزور وتطهيرها من عصابات الأسد والبغدادي على حد سواء، كما جاء في بيانها، إلّا أن أخبار التوحيد والعودة انقطعت بعد اعلان هذا البيان .
ويبدو أن أهالي الشعيطات قد سلموا أمرهم في نهاية المطاف، بعدما حاولوا مراراً التخلص من غطرسة البغدادي وعناصره المجرمين، مقدمين في سبيل ذلك أثمانا باهظة من أرواح أبناء العشيرة، التي لم تبخل بتقديم التضحيات خلال حربها ضد نظام الأسد ودحره من مناطقها في سبيل الحرية، التي جاء عناصر داعش لتسلبهم الانتصار.
التعليقات (11)