حرب الأنفاق بين درايا والنظام: تفوق للجيش الحر ووحشية للنظام

حرب الأنفاق بين درايا والنظام: تفوق للجيش الحر ووحشية للنظام
حاولت ميليشيات الأسد والميليشيات الطائفية التي تقاتل معه، بعدة محاولات، اقتحام داريا في ريف دمشق بشكل متواتر، وترافقت تلك المحاولات بقصف كثيف الذي يستهدف المدينة، إما من جبال الفرقة الرابعة أو مطار المزة، أو من الفوج 153، ولتثبت داريا في كل مرة أنها عصية على النظام وميليشياته ومرتزقته.

يقول النقيب المهندس (أبو جمال) قائد لواء شهداء الاسلام ، العامل في داريا، أن آخر محاولة قام بها النظام لاقتحام المدينة، كانت تزامنا مع مجزرة الكيماوي في الغوطتين أي في شهر آب لعام 2013، لكن وبسبب صمود مقاتلي الجيش الحر في وجه قوات النظام وميليشياته، باءت محاولة النظلم بالفشل كالمحاولات السابقة، لتبقى المدينة بحماية أبنائها، والنظام يعيد أرتاله أو ما تبقى منها لخارج داريا صباحا.

بعد انتهاء مرحلة الضغط الدولي والتهديد الأمريكي بتنفيذ ضربات ضد مواقع للنظام، عاد الأسد لتكثيف القصف مستهدفا المدينة. ويذكر هنا، وتزامنا مع اجتماع جنيف 2، قام النظام بالضغط على المدينة باتجاه توقيع هدنة معه، وبنفس الوقت كان هذا الشهر هو شهر البراميل بالنسبة للمدينة، فوصل عدد البراميل الملقاة يومياً، في شهر كانون الأول 2013، إلى 20 برميل تقريباً، ولكن بقي النظام مكتفياً بحملات القصف غير مترافقة بمحاولات اقتحام.

حرب الأنفاق

يعاني الأسد بالأساس من غياب الدافع المعنوي عند عناصره وخوفهم من مواجهة قريبة مع الشعب السوري بالرغم من تفوقهم الكبير بنوعية السلاح وامتلاكهم السلاح الثقيل والدعم الجوي.

قامت إيران بإرسال المرتزقة العراقيين واللبنانيين وغيرهم من باقي الجنسيات، لتعويض غياب الدافع المعنوي، بالاتكاء على خرافاتهم الدينية. لكن لم يكن هؤلاء أكثر من مجرد مرتزقة يقاتلون في سبيل المال، فجاء أداؤهم كأداء عناصر الأسد من حيث الجبن وسرعة الهرب.

فكان أن اعتمدت إيران سياسة تدمير المدن، والقصف البعيد باستخدام السلاح الثقيل والطيران، وشكل هذا الإسلوب الهمجي في القصف البعيد مشكلة أمام الثوار حيث صار من الصعب عليهم الوصول إلى القوات المعتدية، فكان أن بدأ الثوار باعتماد سياسة الأنفاق للوصول إلى قلب تجمعات المعتدين.

يقول قائد لواء شهداء الاسلام في لقاء حول حرب الأنفاق الذي بات النظام يستخدمه ضد المدينة:

كان هدف النظام من حفر الأنفاق هو تفجير المباني لخلق منطقة عازلة تفصل بين نقاطه ونقاط الجيش الحر ، وذلك لمنع عمليات التسلل ولتخفيف الاستنزاف الحاصل بين جنوده.

ويوضح أبو جمال أنه "بسبب ضعف الإمكانيات لدينا، وعدم امتلاكنا لسلاح ثقيل نتمكن من خلاله من كسر خط الدفاع للنظام، فقمنا باستخدام تكتيك الأنفاق، وكنا قد استخدمنا هذا التكتيك قبل النظام ونجحنا بتنفيذ عدة عمليات ضد قوات النظام".

أما النظام فبدأ بحفر الأنفاق في الشهر الرابع، وكانت أهدافه باتجاه المباني العالية التي يتمركز فيها القناصين، وكان أول نفق تم حفره باتجاه الجبهة الشمالية، وقام بتفجير أحد الأبنية الفاصلة بيننا وبينهم وتم تدمير البناء بالكامل.

40 نفقاً للنظام

يكمل أبو جمال حديثه عن خطورة حرب الأنفاق: "من يكتشف نفق الطرف الآخر، أو يكون أسرع منه، يستطيع أن يعطل عمله.

معركة الأنفاق فيها الكثير من المخاطرة، حيث تستخدم فيها كمية كبيرة من المتفجرات، سواء في تفجير الأنفاق، أو الأبنية المستهدفة.

وباتت الأنفاق تتحول لسياسة الأرض المحروقة، حيث يتم تسوية الأبنية بالأرض، وبالتالي إذا كانت أحد المباني التابعة لنا تعرضت للتفجير سنضطر إلى التراجع للبناء الذي يليه. بعد بدء النظام بعمليات التفجير بدء المقاتلون بأخذ الحيطة والحذر، والتنبه للأنفاق عن طريق سماع أصوات الحفر تحت الأرض.

وبحسب أبو جمال فقد تم اكتشاف حوالي 40 نفق، قام النظام بحفرها، حيث استخدم في البداية عناصر من الجيش للقيام بعمليات الحفر، لكن النظام بعد ذلك لجأ لاستخدام المعتقلين (السخرة) الذين يكونون عادةً عبارة عن طلاب مدارس وجامعات، يتم اعتقالهم من الحواجز المنتشرة، او في حالات أخرى يتم أخذهم من بيوتهم.

وقد تم الإبلاغ عن استشهاد شاب من منطقة كفرسوسة داخل أحد أنفاق داريا، ومنذ عدة أيام وجد الجيش الحر طفلاً صغيراً مكبلاً داخل أحد الأنفاق التي قام بتفجيرها النظام، وتم ذلك بعد اكتشاف النفق، وهذا يقدم صورة عن مدى وحشية النظام وافتقاره لأي شكل من أشكال الشعور الانساني عبر استخدامه الاطفال بهذا الشكل الهمجي.

ينهي قائد لواء شهداء الإسلام حديثه بالتأكيد على صمود مقاتلي الجيش الحر صامدون في وجه جميع محاولات النظام لاقتحام داريا، فقد صمدنا تحت قصف الطيران والصواريخ، وصمدنا أمام الدبابات والهجوم البري، وصمدنا بالحرب تحت الأرض حرب الأنفاق.

داريا الجريحة الصامدة

تشكل داريا نموذجاً يحتذى في الثورة السورية، وتحولت المدينة إلى إحدى قلاع الثورة الرئيسية في سورية، ولذلك كانت المدينة هدفاً لإجرام الأسد منذ بداية الثورة، ووصلت وحشية الأسد في محاولاته المتكررة لإخضاع المدينة إلى قيامه بمجزرة رهيبة في داريا راح ضحيتها المئات من الشهداء.

لكن تلك المجزرة، وبدلاً من أن تكون، كما أرادها الأسد، ضربةً قاضية على إرادة أهالي داريا، تحولت إلى دافع ومحرض جديد للصمود والاستمرار، وشكلت نقطة انطلاق جديدة لثوار داريا فأدهشوا العالم.

في شهر نيسان من العام الماضي قام النظام باستخدام السلاح الكيماوي في الغوطة الشرقية ومعضمية جنوب مدينة داريا، وشهدت داريا عقب الهجوم الكيماوي محاولة للاقتحام من عدة محاور، وتعتبر من أشرس المحاولات التي قام بها النظام لإقتحام المدينة، لكن الفشل كان عنوان هذه المحاولات.

التعليقات (1)

    النمر المفترس

    ·منذ 9 سنوات 6 أشهر
    بكلمتين وبس الله يحمي داريا
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات