النازحات السوريات في لبنان بين مطرقة الفقر وسندان الابتزاز

مأساة جديدة تُضاف الى المآسي العديدة والمتعددة التي يعيشها النازحون السوريون في لبنان لكن هذه المرّة بطلتها نساء وفتيات قاصرات وقعن في شباك رجال اعمال لبنانيون وعرب يقومون بتشويه صورة العمل الخيري مستغلين فقر حالهن من خلال ورقة زواج سرعان ما ينتهي مفعولها بمجرد اشبع الشهوات.

ذئاب تنهش بالنازاحات

منذ فترة غير بعيدة ومخيمات النزوح في لبنان تضج بألف حكاية ورواية ابطالها رجال لبنانيون ومواطنون خليجيون يسعون لاشباع شهواتهم من نازحات سوريات راشدات وقاصرات يعيشن في مخيمات في لبنان وتحديداً في بلدة عكا مستغلين نفوذهم واموالهم وموقعهم ضمن جمعيات خيرية لمساعدة اللاجئين كغطاء للإنقضاض عليهن كذئاب لا ترى في فريستها سوى جسد تنهشه قبل ان تعود وترميه بعد ان تُشبع رغباتها الجنسية من دون اي عقاب او محاسبة وكأننا في بلد بات الشرف فيه يُقاس ببضعة دولارات.

في عكّار شمال لبنان كما في العديد من المناطق اللنانية عشرات مخيمات النازحين السوريين وتحديداًً في منطقة "وادي خالد"، وهذه المخيمات التي لم تعترف الدولة رسمياً بها كـ "مراكز لجوء" ينأى المسؤلين بأنفسهم عن تقديم يد المساعدة لكل محتاج أو خائف يشعر وكأنه عرضة لرياح تهب عليهم عبر أناس لا يخشون الله في أفعالهم وأعمالهم ولا يُقيمون وزناً لا لشرف ضحاياهم ولا لابسط حقوق شرعة الانسان والاديان.

لن تسكت بعد اليوم..

من داخل احد مخيمات عكار تتبرّع دون صديقاتها للكلام من دون ان تخشى عدسات الكاميرا، "بدنا نحكي كل شي عم يصير هون وبغير مخيمات". تحاول احداهن ان تمنع جميلة العوف عن الكلام لكن الاخيرة تصرّ على اخراج ما جعبتها من جروح وانتهاكات قد تعرضن لها سوريّات على ايد لبنانيين وخليجيين، وتتابع: منذ فترة ثمانية اشهر تقرّب من والدي رجل لبناني قال بأنه يريد القيام بفعل خير مع ابناء المخيم وقد اعطى والدي مبلغ 500 دولار ليشتري كل ما يحتاجه واعدا بإعطائه المزيد بعد اسبوعين. لكن ما حدث انه بعد اسبوعين جاء الرجل ومعه رجل اخر خليجي بلباس عربي ليطلب يدي من والدي رغم ان عمري لا يتجاوز الستة عشرة عاما، ومع هذا فقد وافق والدي على الزواج ليتم تزويجي في اليوم نفسه على يد شيخ احضره الشخص اللبناني معه".

وتُضيف جميلة: ذهبت مع زوجي الى منزله عرفت لاحقا انه يقع في مدينة عالية وامضيت معه فترة شهرين تقريبا قبل ان يُعيدني الى اهلي بعد ان اعطاني مبلغ الفي دولار وضعهم داخل ظرف توجد بداخله بورقة طلاق ممهورة بختم الشيخ الذي تم تزويجي على يده. لكن المفاجأة كانت بعدما علمت انه تزوّج من جارتنا في المخيم الذي نسكنه والتي تكبرني بعشرين عاما وهي ارملة وام لثلاثة اطفال اكبرهم في الثامنة من عمره ليعود ويُطلقها بالطريقة ذاتها والانكى من ذلك ان كل ما حدث معها جرى ايضا على يد الرجل اللبناني والشيخ الذي زوّجني لنعلم لاحقا ان هؤلاء الثلاثة يؤلفون عصابة واحدة على ارض دولة لا يحمي قانونها الضعفاء".

هذه قصة شقيقتي

"جمعية وقف طيبة" هي احدى الجمعيات التي ينشط ذكر اسمها على السنة النازحين والنازحات في عكّأر وعن هذه الجمعية يقول محمود عبد المولى من حلب وكان نزح مع عائلته الى لبنان منذ سنة ونصف السنة.. معظم الجمعيات هي اشبه بـ"مافيا" والنازحون هنا سئموا من الاستغلال الرخيص والممارسات غير الاخلاقية الذي تمارسه هذه الجمعية تحديدا من استغلال لفتيات ونساء معظمهن من اليتامى والارامل، وهناك شيخ يُدعى م ح وهو لبناني مسؤول في احدى الجمعيات يتحمل جزء كبير من المسؤولية في موضوع الاحتيال اذ يعمد هذا الشخص الى تسهيل زواج القاصرات من رجال خليجيين لمدة تستمر خمسة أيام او اكثر وفق عقد مکتوب موقع من الفتاة ووالدتها دون حضور ولي أمر أو شهود لان غالبيتهم من الايتام، وبدون تسجيل في المحکمة الشرعية واحيانا يتم الجمع في الزواج بين الاخت وأختها. وانا لن اخفي قضية شقيقتي ابنة الخمسة عشرة عاما التي وقعت ضحية هذا الزواج قبل مجيئي من حلب. وسوف الاحق المسؤولين عن هذه الجريمة حتى اخر يوم من عمري ولو كلفتني حياتي. فشقيقتي ما تزال طفلة وهي اليوم حامل بشهرها الاخير وزوجها غائب عن السمع فهل من عدل يرضى بهذا الوضع".

البحث عن "وقف طيبة"

موجة عارمة من الاعتراضات والاستنكارات وجدناها في مخيّمات عكّار رغم ان البعض نفى علمه بحدوث افعال كهذه لكنه لم ينفي ايضا حصولها بالمطلق وللوقوف على بيّنة من الامر كان لا بد من التواصل مع عدد من الاشخاص المسؤولين عن الجمعية في فرعها اللبناني. حاولنا جاهدين في بداية الامر للتواصل مح احد من افرادها لكن محاولتنا هذه باءت بالفشل رغم دخولنا الى الموقع الالكتروني الخاص بالجمعية للحصول ولو على معلومة صغيرة تسوقنا الى احدهم لكن رغم عجزنا عن ايجاد ايا منهم الا اننا تمكنا من الوصول الى الشيخ ربيع مرعي (مدير سابق في جمعية طيبة) المتهم الابرز بتسهيل عمليات تزويج عن طريق الاحتيال من فتيات قاصرات او وارملات ومطلقات ومنذ فترة عرضت احدى شاشات التلفزة تقريرا عن أرملة سورية تُدعى سوسن جرجي (23) تزوجت من رجل سعودي يُدعى (إبراهيم. ك) مكلّف بالقيام بأعمال جمعية وقف طيبة الخيرية في لبنان لإغاثة اللاجئين. وبعد فترة خمسة أيام من عقد القران سافر الزوج إلى السعودية، وأرسل الى هاتف سوسن رسالة نصية تَرَكّز مضمونها على قرار بالطّلاق وقد اتهمت السيدة نفسها الشيخ مرعي بالوقوف وراء هذه الزيجة أو "الصفقة" كما وصفتها.

مرعي لأورينت نت: نعم توجد هكذا حالات

خلال حديثنا مع مع الشيخ مرعي نفى الاخير كل التهم الموجه اليه قائلاً: كنت أول من حذّر السيدة جرجي من خطورة هذه الخطوة وقلت لها بالحرف الواحد " قد يُطلقك بعد ايام معدودة" لكنها اصرّت على الموافقة وجرى زواجهما على يد شيخ مقرّب مني على مهر يساوي دنم ارض، وقد امضى بعدها العروسان فترة اسبوع تقريبا قبل ان يعود العريس الى السعودية على امل البدء بانجاز معاملات الزوجة لكي تلحق به الا انه وبعد شهر تقريبا عاد الزوج الى لبنان حيث مكث فيه مدة اسبوعين من دون ان يتصل بزوجته او حتى اعلامها بقدومه وعندما استوضحته اجاب (ابراهيم.ك) بأنه تسرّع بموضوع الزواج ليعود ويوكلني باجراء الطلاق".

لكن في المقابل لم ينفِ الشيخ ربيع عبر موقع "أورينت نت" وجود ظاهرة زواج رجال خليجيون من نساء سوريات قاصرات وارامل ومطلقات لفترة محدودة وأشار في هذا السياق الى ان "هذا الموضوع ليس بالأمر الغريب، بل هو ظاهرة حقيقية تزامنت مع اندلاع الأحداث الأمنية في سوريا وهي تحدث تكراراً وقد تضاعفت وتيرتها مع ارتفاع معدل النازحين وتأزم ظروفهم المعيشية في لبنان، لا سيما في منطقة عكار التي هي محرومة في الاصل".

أمهات بعمر الاطفال

هو واقع مستجد ومؤلم لم يعد من الممكن إخفائه او السكوت عنه كونه في تزايد مستمر يُزيد من حجم المأساة والمعاناة الإنسانية والنفسية التي تعاني منها النساء النازحات السوريات وتحديداً المراهقات منهن واللواتي يعاملن كما لو أنهن سلعة بين يدي التاجر خصوصا وان منهن اطفال لم يبغلن بعد سن الرابعة عشرة من عمرهن قد اصبحن في ليلة غدر بهن الزمن الى امهات يرضعن اطفال مثلهن.