داعش والـ pkk: الأصوليات بين التكفير الديني والسياسي

داعش والـ pkk: الأصوليات بين التكفير الديني والسياسي
التكفير الديني لا يختلف عن التكفير السياسي مطلقاً، وهذا ما يبدو جليًّا عند ما يسمى "بالدولة الإسلامية في العراق والشام"، والتي تكفر كل من يخالف تفكيرها الأصولي، ونجد التكفير السياسي متجسدًا في تفكير"حزب العمال الكردستاني في سوريا"، فهو يكفر عرب الجزيرة السورية كلّها سياسياً، ويعدهم شركاء للنظام سابقاً، والأصوليين حالياً!

التغذية المرتدة تتجسد في التعانق والتجاذب بين كلا شكلي التكفير، لا مصلحة دائمة لأحدهما دون الآخر، بينما تتلاقى مصالحتهما في الاستمرارية الوجودية، حيث لا غنى لأحدهما عن الآخر، في تقاسم الوظيفة العدمية، والتي تتمظهر في القضاء على أية محاولة كفيلة بخلق هامش حر للتغيير عبر الإبقاء على هامش بارد يكفل استمرار الاستبداد.

لا يمكن إنكار وجود صلة بين حزب البعث العربي، وبعض رجالات العشائر في الجزيرة العربية، ولا يمكن أيضاً إنكار الصلات الطيبة لكثير من رجالات عشائر الجزيرة العربية مع رجالات وشخصيات اجتماعية عامة من الكرد، والمطالبة بالقصاص الجمعي من كل الضمير الجمعي العربي في الجزيرة عبر محاولات إلصاقهم بالجماعات التكفيرية، قطع رأس اجتماعي وسياسي وثقافي، لا يقل ألماً عن قطع الرؤوس في الفيديوهات التي تنقل فظاعة الجرائم التي تقترفها الجماعات التكفيرية.

لا زواج يربط أهالي ورجالات الجزيرة السورية مع السلطة، السلطة هي نتيجة لقوة مادية، كذلك ينطبق الأمر في حالة الجماعات التكفيرية، حيث إن الأهالي والرجالات من العشائر هم نتيجة لسبب قوة الجماعات التكفيرية؛ السبب هو الذي يخلق الفاعل والنتيجة في مكان المنفعل، والمحاكمة العقلانية هي المحاكمة التي تستهدف السبب لا النتيجة الزائلة بالضرورة بزوال السبب.

محاولة الزواج بين تنظيم "الدولة الإسلامية" والعشائر العربية، لإنتاج الحق الكردي في شرعنة ممارسات حزب العمال الكردستاني في سوريا عسكرياً وسياسياً، لا يتناسب مع الواقع، لا من قريب ولا من بعيد في شيء من الصحة، تجربة هذه الحركات التكفيرية عابرة للجنسيات، مختلفة كلياً في سوريا عن تجربتها في العراق، لا يوجد أحد من أبناء العشائر في الطبقة القيادية في هذه التنظيمات، وإن كانت تجربة العراق عقب الغزو الأمريكي، أنتجت حاضنة أهلية في هكذا تنظيمات كون العشائر في العراق ما زالت تحمل فكراً حربياً بوصفه تقليداً وتراثاً، لكنّ العشائر في سوريا لا تحمل سمات الفكر الحربي، بنى اجتماعية مخترقة بالمعنى الأمني والمعرفي، ورغم هذا التخريب كله، استطاعت هذه العشائر وتحديداً في محافظة الرقة خوض حربين ضد الاستبداد، الاستبداد الأسدي في الصفحة الأولى من عسكرة الثورة السورية، والاستبداد التكفيري في الصفحة الثانية، ولا يمكن لعاقل أن ينكر تضحيات أبناء العشائر، والتي ضحت بخيرة أبنائها في كلا الصفحتين من الاستبداد، بينما سلوكيات حزب العمال الكردستاني هي من كانت تدير ظهرها للأسد، وتتحالف معه في إنتاج منافع مشتركة، وإحداث تغييرات ديموغرافية وسياسية وعسكرية وجغرافية على أرض الواقع، وشرعنة كل جرائم الحزب بدواعي المظلومية الأبدية للكرد على أيدي العرب. وإذا افترضنا صحة ذلك، هل يسوغ هذا لضحية الأمس أن تلعب دور الجلاد اليوم؟!

إذا.. حوّلَ تنظيم "الدولة الإسلامية" الدين إلى فكر سياسي تكفيري، يحارب به كل من يخالفه، بينما أنتج حزب "العمال الكردستاني" ومناصروه خطاباً سياسياً تكفيرياً لا يقبل الجدل، هنا لا يمكن فصل سياقات الولادة في كلا الحالتين عن بعضهما نفعياً، حيث إن أهالي سوريا لا يحتاجون لجماعات تكفيرية لتعليمهم أصول دينهم، الأهالي يقيمون علاقة مباشرة مع ربهم، دون الحاجة للمرور بطبقة من الرجالات التكفيريين، رجالات جل همهم السيطرة على السلطة. كذلك فسر "حزب العمال الكردستاني" الفكر القومي عن الصراط المستقيم، والنهج الصحيح، مسوغاً تلك السلوكيات للاستحواذ على السلطة، والأصوليات موجودة في أشكال التطرف الفكري كافة؛ الديني منه والقومي، والنازية ليست بمثال بعيد لهواة ربط السياقات بالمنهج التاريخي للبحث.

الممارسة الإنسانية ترفض الفكر القومي العنصري ذا السمات العدائية والتمييزية، حيث تحتل صورة واحدة ونمطية، الخيال الجمعي الكردي- المثقف منه تحديداً- صورة أحادية عن أناس ما قبل حداثيين، لا يمكن أن يكونوا غير بعثيين حاملين لصور حافظ الأسد أو ابنه بشار، وربطها بصورة أعم حينما يكونون حاملين لصور صدام حسين، مستبعداً هذا الخيال التطور السياسي والاجتماعي للناس. فكرٌ يخرج من رحم المحافظة الثقافية غير المستعدة للتجربة الحياتية، والأخطر الرافضة للثورة، وتبقى الشعارات الليبرالية والثورية أسيرة المنفعة المحضة، حينما تتلاقى منفعتي مع الثورة أحبها وأعانقها، وحينما تغدو مصلحتي في غير مكان أخاصمها وأهجرها.

تبقى المسائل السياسية الكبرى منها والصغرى في جوهرها أخلاقية، ويجب أن تراعي الضمير الإنساني، والحاجة إلى العيش المشترك بحاجة إلى مساواة حقيقية، هي المساواة الأخلاقية والقيمية المستمدة من قيمة الإنسان، والاقتناع أنه لا يوجد تمايز بين أناس عشوا نفس الظرف المعيشي، ظرف لا يكفل حالة وعي أخلاقي. والثورة هي من تكفل حالة تدرج أخلاقي، يفضي بالضرورة إلى حكم أخلاقي بين الضحايا/ الأعداء في الأمس، و الضحايا/ الإخوة اليوم.

التعليقات (2)

    اصيل

    ·منذ 9 سنوات 6 أشهر
    داعش الارهابي يكفر ويقتل كل من لا يوافقه في ارهابه وكذلك ال pkk كل من لا يتفق معهم في الفكر والممارسات فهو مشروع خوف وممارسات لا انسانية ضدهم لذلك لا مكان ل داعش ولا pkk في المستقبل

    0

    ·منذ 9 سنوات 6 أشهر
    اي تضرب منك لداعش وافكارك الغير منطقية العمة بعيونك وعيون عيونك شو بتقارن مين بمين
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات