لم يُرسل "صالح مسلم" جماعته المُسلحة لدعم، وحماية حراك الأكراد السلمي في كوباني وغيرها، من بطش جيش الأسد وشبيحته، ولا مرة. إنما فعلها للمشاركة في قمعه، ومحاولة وأده. وهذه حقيقة يعرفها الكبير، والصغير، و"المقمط "بالسرير. كما يقول المثل السوري.
جاهر الرجل بمعاداته للثورة قولاً وفعلاَ. منذ اللحظات الأولى. على أمل انتهاز لحظة ضعف الوريث. بهدف انتزاع فُتات "إدارة ذاتية". لا يمانع "القومجي العروبي" بشار، من تقديمها على طبق فضة. طالما تسهم بإشعال التناقضات بين مكونات المجتمع السوري، وعلى نية الفتك بالجميع لاحقاً.
حاول "مسلم"، أن ينهش بأنيابه الديمقراطية. كل موقف كردي مخالف لآرائه، إما اعتقالاً، أو تطفيشاً خارج الحدود، أو مزايدة. عبر الإيحاء بإمكانية إقامة كيان كردي مستقل. يُدغدغ مشاعر آلاف الأكراد.
غالباً. ما انصبت توجهات "مسلم" في خانة مصالح حليفه شبه المٌعلن بشار. بدءاً من تخويف السوريين بشبح الانفصال والتقسيم. مروراً بالمواجهة مع فصائل الجيش الحر بدلاً من التنسيق معها. في محاولة لتحويل فكرة "إدارته الذاتية" إلى أمر واقع. وأخيراً وليس آخراَ بالتضحية بأكراد "كوباني" على مذبح انتهازيته.
يعتقد زعيم "البيادا"، ان الفرصة سانحة لممارسة المزيد من الانتهازية. وهذا ما كشفه مُبكراً تيار المستقبل الكردي، حين اتهم صراحة حزبي الإتحاد الديمقراطي، والعمال الكردستاني، بتسليم 21 قرية في محيط "كوباني"، للضغط على التحالف الدولي، من أجل تأمين مرور السلاح إلى عناصرهما داخل سوريا. ما أدى إلى حصار "داعش" للمدينة لاحقاً. وتحويل سكانها، والمُدافعين عنها إلى ضحايا مجزرة مُحتملة.
يذهب "مسلم" بعيداً في انتهازيته، إذ يحول "كوباني" ومدنييها، إلى أداة ابتزاز لأردوغان وحكومته أيضاً. والغريب أنه يرفض تدخل الجيش التركي لحماية المدينة وناسها، والشمال بأسره. تطابقاً مع موقف بشار وحليفه الإيراني "المرتعبين" من الفكرة. بينما لم يعترض يوماً على تدخل الملالي السافر لحماية "الأسد الصغير"، وارتكابهما المجازر بحق السوريين.
لابأس. أردوغان ليس بأحسن حالاته، وهو واقع بين نارين، إما الخوض في حرب شوارع داخلية مع الأكراد المطالبين بحماية "كوباني"، أو التورط بمواجهة برية مباشرة مع "داعش"، دون غطاء سياسي، أو جوي على الأقل. لكن ذلك لا يعني أن الرجل ضعيف مثل بشار، إلى درجة الانصياع لابتزاز مسلم. خصوصاً أن الجيش التركي. يقف خلفه في عدم السماح بتدفق مقاتلي حزب العمال، وإتاحة الفرصة لتمركزهم قرب الحدود التركية، إلا إذا أراد أردوغان توسيع المجزرة المُرتقبة، لتشمل الراغبين بالعبور من تركيا للدفاع عن كوباني، وبالتالي تحمل مسؤولية عواقب، لا يتحملها فعلاً.
الحقيقة، يُشكل فتح الحدود، استجابة لطلب الموفد الأممي دي ميستورا، ومن خلفه واشنطن. أقل الخيارات سوءاً بالنسبة لأردوغان، إذا ما أغلقت أمامه الخيارات الآخرى. وتبدو معطياتها الواضحة، أن أعداداً قليلة. ستحتفظ بحماسها الثوري الكافي للانخراط، في مواجهة غير متكافئة مع "داعش".
كان، بإمكان "مسلم بك"، أن يبدي مرونة بشأن "إدارته الذاتية"، وربطها باتفاق السوريين حول شكل الحكم المستقبلي لسوريا. تماشياً مع طلب الأتراك. ثم التوصل إلى طريقة مناسبة، تؤمن الحماية العاجلة للمدينة وسكانها ، من السقوط في قبضة "داعش". لكن يبدو أن "الرفيق المناضل". لا يأبه إلا لطموحه، وأوهامه الشخصية.
الغريب، أن الأكراد. يصرون على التظاهر ضد أردوغان، دون رفع مطالب محددة وواضحة. بينما الأحق هو التظاهر، والانتفاض في وجه صالح مسلم وانتهازيته. التي تمنع تقديم الحماية لأهالي " عين العرب – كوباني"، المترنحة على عتبات السقوط!.
التعليقات (7)