سنوات الانتقام من إدلب: خطة الأسد لإفساد الزراعة والاستثمار

سنوات الانتقام من إدلب: خطة الأسد لإفساد الزراعة والاستثمار
إدلب مدينتنا الخضراء "عزة ثورتنا" كما يمسيها أبناؤها. المدينة التي نالت ما نالت من إجرام طاغية فلت عقاله فبات يضرب ذات اليمين وذات الشمال. إدلب التي استقبلت حافظ الأسد في أول وآخر زيارة لها في مطلع حكمه في سبعينيات القرن العشرين برشقات البيض والبندورة، عرفت بأن لنهاية طغيان آل الأسد لا بد من ثورة، فثارت عام 1980، فقمعها الأسد الأب بوحشية منقطعة النظير، وعام 2011 لبت إدلب نداء أختها درعا وثارت على الأسد الابن، وكان بين ثوريتها واحد وعشرون عاماُ عجافاُ، عاش أهاليها يدفعون للطاغية ثمن تمردهم، فنالها من الإهمال والتهميش ما نالها ولكن ليست وحدها فمثلها أخواتها في الوطن درعا والسويداء ودير الزور وكافة المدن السورية!

إن الإهمال الذي أصاب إدلب من الناحية الزراعية كان جلياً في عهد الأسد... بدءاً من مداخل بلداتها التي لم يطرأ عليها أي تجديد أو تغييرات أو إجراءات تجميلية على مدار السنوات، والتي تظهر تناقضاُ غريباُ بين اسم إدلب الخضراء وبين خلو تلك المداخل من أي صورة توحي لزائرها بأنه في إدلب الخضراء وليس في مدينة من قلب الصحراء.

عطش رغم غنى المياه السطحية والجوفية!

تقع محافظة إدلب بين خطي عرض (10.35ُ جنوباُ – 15.36ً شمالاً) وبين خطي طول ( 10.36ً غرباً – 15.37ً شرقاً) وتحتل جزءً من المنطقة الشمالية الغربية من سوريا، يحدها محافظة حلب من الشمال الشرقي، ولواء اسكندرونة من الشمال الغربي، ومحافظة حماه مع سهل الغاب من الجنوب والجنوب الشرقي والغربي ومن الغرب محافظة اللاذقية.وبهذا الموقع الإستراتيجي الهام تعتبر إدلب بوابة سوريا مع أوربا عبر تركيا، حيث كانت منذ القدم تمر بها قوافل التجارة القادمة من الغرب إلى الشرق وبالعكس، وجسراً يصل بين مناطق الإنتاج الزراعي في الجزيرة السورية ومناطق التصدير في الساحل السوري.

تبلغ مساحة محافظة إدلب الإجمالية حوالي /609710/هكتار. وتقع 74 % منها ضمن منطقة الإستقرار الأولى التي يتجاوز معدل أمطارها السنوي 500 ملم/ سنة. وتعتبر محافظة إدلب من المحافظات الغنية بمياهها السطحية والجوفية التي تنتمي إلى حوض العاصي، ويخترق أراضيها نهر العاصي (الذي يعد بالمرتبة الثانية من حيث الأهمية بعد نهر الفرات) من طرفها الغربي بواد ضيق ٍ وعميق شديد الانحدار حيث يلتقي في جنوب قرية جسر الحديد بمياه رافده النهر الأبيض الهابط عبر هضبة القصير مجتمعة مع مياه نهر البوارة الذي يستمد مياهه من هضبة القصير.

ولكن غنى إدلب بمياهها لم يقها شر العطش، ولم يق أهلها عذاب انتظار المياه لساعات وساعات لقضاء حاجاتهم؛ لدرجة جعلتهم يتناوبون على انتظار الماء لملئ خزاناتهم، وهذا أول العقاب الأسدي!

لماذا تراجع الإنتاج الزراعي؟!

وطبعاً انعكس ذلك على حال الزراعة في محافظة إدلب، فتراجع الإنتاج الزراعي في محافظة إدلب في معظم الزراعات التاريخية لهذه المحافظة المعطاءة، مع العلم بأن هذا الإنخفاض في إنتاج الزراعات التاريخية للمحافظة ترافق مع زيادة في مساحة الأراضي القابلة للزراعة حيث بلغت الأراضي القابلة للزراعة في عام 1991 / 339312/ هكتار بينما أصبحت تلك الأراضي عام 2012 / 359313/ هكتار،ويكمن السؤال لماذا التراجع بالإنتاج الزراعي رغم هذه الزيادة؟

الجواب على هذا السؤال يكمن في الخطة الموضوعة لمحافظة إدلب من القيادة التي همها الأول كسر إرادة هذه المحافظة، ويمكنني وصف هذه الخطة بالخطة الصهيوأسدية، لأنني أعتقد بأنه لو كان الكيان الصهيوني هو المخطط الزراعي لمحافظة إدلب لما نجح في تدمير تلك المحافظة زراعياً كما نجح نظام الأسد، وتكمن الخطة في نشر زراعة القطن في محافظة إدلب ومنح مزارعي هذا المحصول مزايا كبيرة بغض النظر عن حجم المياه التي يستهلكها هذا المحصول الشره للماء، والأرقام الإحصائية التي تنشرها وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي تدل على ذلك، فقد بلغت المساحة المزروعة بمحصول القطن عام 1991 /1914/ هكتار أنتجت /6449/ طن قطن خام، ارتفعت تلك المساحة عام 2000 إلى /9962/ هكتار لتنتج / 46736/ طن، ولم ترافق هذه الزيادة بإنتاج محصول القطن أي زيادة بالمنشآت المصنعة للقطن الخام لتحقيق القيمة المضافة الناتجة عن التصنيع ، بل لجأت الدولة لتصدير فائض القطن بشكله الخام وحسب خلاصة التجارة الخارجية نجد بأن سوريا قد صدرت في عام 2002 /254873/ طن قطن خام.

استنزاف المياه الجوفية!

هذه الزراعة المستنزفة للماء والتي تلقى تشجيعا من النظام السوري، أدت إلى زيادة الإقبال على حفر الآبار في محافظة إدلب حيث كان عدد الآبار عام 1997 / 6931/ بئراً منهم /1124/ غير مرخص، ارتفع هذا العدد في عام 2012 ليصل إلى /12041/ بئراً منهم /2989/ غير مرخص. أدت هذه الزيادة الكبيرة في عدد الآبار ( لاسيما الآبار الإرتوازية العميقة) إلى استنزاف المياه الجوفية في محافظة إدلب الأمر الذي أدى إلى جفاف العديد من الينابيع المتفجرة وإلى انخفاض خطير في مستويات المياه الجوفية، تبعه انخفاض في مستويات المياه السطحية.

وأدى استنزاف المياه الجوفية في محافظة إدلب إلى تراجع كبير في الزراعات التقليدية لهذه المحافظة، فعلى سبيل المثال لا الحصر تراجعت عدد اشجار التين التي تشتهر بها إدلب من /1007/ ألف شجرة في عام 1991 إلى /882/ ألف شجرة عام 2012، مما أدى لتراجع محصول التين، الذي ترتب عليه تراجع إنتاج التين المجفف الذي تتميز به محافظة إدلب من /2632/ طن عام 1991 إلى /2056/ طن عام 2012، ومن منا لا يعرف تفاح قرية الداما فقد تراجع عدد أشجار التفاح في إدلب من /1151/ ألف شجرة عام 1991 إلى /683/ ألف شجرة عام 2012. أما محصول العنب فقد تراجعت عدد الأشجار من /3341/ ألف شجرة عام 1991 إلي /722/ ألف شجرة.

خيبات الاستثمار!

وبعد تلك الكارثة الزراعية التي حلت في إدلب، جاء قانون الإستثمار ليتفاءل أهاليها بالخير عسى أن تنهض مدينتهم مرة أخرى؛ ولكن حسابات الحقل لم تأتِ على حسابات البيدر... فلا يمكن أن تنهض أي مدينة استثماريا ً دون تحقيق الحد الأدنى من الخدمات والبنى التحتية التي تشجع المستثمرين للقدوم إليها للاستثمار!

وهذا ما ركز النظام على إهماله ولعل الطريق الدولي السريع الذي يربط ما بين إدلب واللاذقية (والذي يعتبر من فضائح الفساد الكبيرة التي ارتبطت باسم عائلة شاليش) والذي وضع مخططه عام 1983، واستغرق انشاؤه لغاية 2008 أكبر دليل على إصرار هذا النظام على تهميش هذه المحافظة.

وبالفعل جاءت نتائج قانون الاستثمار مخيبة لآمال أهالي إدلب؛ فعلى صعيد الاستثمار الزراعي لم تحظَ محافظة إدلب سوى بواحد وعشرين مشروعاً استثمارياً تم تشميلهم بأحكام قانون الاستثمار خلال الفترة الممتدة منذ عام 1991 ولغاية عام 2009، ولكن على صعيد التنفيذ لم ينفذ سوى عدة مشاريع لا يتجاوز عددها عدد أصابع اليد، بسبب ما واجهته تلك المشاريع من تعقيدات وبيروقراطية كانت حائلاً دون تنفيذها.

وبتلك الخطة الشيطانية التي وضعها ونفذها النظام، يكون قد خرب أهم مصدر رزق لأهالي إدلب الأمر الذي دفع شبابها للهجرة إلى المدن الكبيرة تاركين أراضيهم ومصدر رزقهم، ولكن لما جاءت الثورة السورية عام 2011 لم يتأخر شباب إدلب بالالتحاق بعزتها وكرامتها.

*مهندس زراعي من مدينة ادلب

التعليقات (4)

    شرطة دمشق ادلبيه تعشق الرشاوي

    ·منذ 9 سنوات 7 أشهر
    لماذا انتفضتم ضد النظام وانتم ادلبيه جميع شرطة دمشق التي نهبت اهل الشام بالمخالفات الكاذبه بالرشاوي والمعامله السيئه? كان عليكم ان تعبدو النظام الذي امن لعناصركم المرتشين بيوت جديده من مال الشعب. كل ماقبضتموه في دمشق من الناس مال حرام. وليعلم الناس ان مستوى الفساد كان قد وصل لدرجة ان كل شارع يصف فيه شرطي مرتشي واطي له رعبون خاص بذلك الشارع حسب المنطقه. ننصحكم ان تقبلو احذية رأيسكم مبارك ضرب ابار النفط لكي تكملو مشوار *** معا الى جهنم. واما اهل ادلب فحالكم كحالنا ظلم وتعذيب وقتل وهمنا واحد

    عمل نفس الشيء بالسويداء

    ·منذ 9 سنوات 7 أشهر
    نظام بيشو وقبله السفاح الاسد عمل نفس الشيء بالسويداء فحارب الفلاحين و ومنع الابار واوقف بناء السدود وسمم اعلاف المواشي وغش في المبيدات وسرق اموال الامم المتحده اامخصصه لاستصلاح اراضي الجبل البركانيه الوعره.محافظه السويداء يا قراء بعهد بشار تصحرت!واصبحت منذ عشر سنوات تعاني أزمه مياه خانقه وانقطاع ماء يدوم لاسبوع احيانا مع قله سكانها مقارنه بالمحافظات الاخرى كما ونصفهم يعملون خارج سوريا اصلا!فهذا الازعر كان مهتما بقتل محافظه السويداء

    Mahmoud

    ·منذ 9 سنوات 7 أشهر
    الادالبة اكبر ×××× في سوريا واغلبن شبيحة

    الرد. الكافي لمن سال عن الادالبي

    ·منذ 9 سنوات 7 أشهر
    اوكي. كم شرطي مغلوب علي أمره. يا دوب. يكفيه. الراتب. حق خبز. فيلجأ. للرشاوى. التي تعلموها. من. نصابين ومحاالين. وحرامية الشام. فبالله عليك. حاسد هذا الشرطي المسكين عالهخمس وعشرين ليرة. سعر. صحن حمص. عنجد. عينكن ديقة
4

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات