الثروة السمكية في سوريا: فساد على شواطئ البعث

الثروة السمكية في سوريا: فساد على شواطئ البعث

عندما كان الشعب السوري بأكمله محروما من الأسماك كونه من المأكولات مرتفعة الثمن، كان مغتربونا وطلابنا في كافة دول العالم يتمتعون بهذا الغذاء كونه من أرخص الأغذية في بلاد دراساتهم و اغترابهم!

عندها كًنت طالباُ في كلية الزراعة... ولم أدخل الحياة العملية بعد، ولم أعرف سبب هذا التناقض بين أسعار الأسماك المرتفعة جدا في بلادنا، وأسعارها المنخفضة في باقي البلدان... ولم أكن أفهم حقيقة هذه المعادلة المتسببة لارتفاع أسعار هذه المادة الهامة لغذاء الإنسان في بلد، ليس محروماً من المنافذ البحرية، بل يمتلك شواطئ ممتدة على أحد أهم بحار العالم ألا وهو البحر المتوسط... ناهيك عن أنهاره الداخلية.. ومنذ تلك الأيام وحتى هذه اللحظة مازالت الأسماك حلماً يراود فقراء الشعب السوري، حتى غدت الأعياد مناسبة لاستهلاكها... فأين تكمن كلمة السر في هذه المقارفة؟!

 واقع الثروة السمكية في سوريا:

تبين الدراسات أن حصة الفرد السوري من السمك لا تتعدى /800/ غرام للفرد سنويا، وتعتبر تلك الحصة منخفضة جداً إذا ما قورنت بنصيب الفرد بباقي الدول حيث تبلغ حصة الفرد في دول الخليج حوالي /35/ كغ للفرد سنوياُ ، أما المعدل العالمي لحصة الفرد من الأسماك فيقدر بحوالي /28/ كغ سنوياً. ولمعرفة أسباب انخفاض حصة الفرد السوري منها ، لابد لما من معرفة الظروف المحيطة بطريقة الحصول عليها. وبما أن الله قد سخر لنا البحار وموجوداته فسنتحدث في الأسطر القادمة عن الأسماك البحرية التي تعتبر أهم أنواع الأسماك والتي يعتمد عليها معظم شعوب العالم في تغذيتهم.

تقع سوريا على الشاطئ الشرقي من البحر الأبيض المتوسط، وتمتلك ساحلاُ طوله حوالي 193 كم، ويتميز الساحل السوري بقلة الرؤوس والخلجان فيه، وكان هذا الساحل يؤمن الأسماك البحرية لعموم سوريا، على الرغم من صغره طبعاً قبل وصول البعث للحُكم، وكان صيادو الأسماك من أبناء اللاذقية وطرطوس وبانياس وجزيرة أرواد يؤمنون لقمة العيش من صيدهم، ونظراً لعدم توفر البيانات الإحصائية الرسمية لحجم الأسماك البحرية قبل استيلاء حزب البعث، فقد لجأت لبعض صيادي الأسماك المسنين الذين يعيشون في مدينة مرسين التركية بسبب اضطهاد نظام الأسد لهم، وقد أكد أحد الصيادين الذي يُدعى أبو محمد أنه يتذكر عندما كان صغيراً أن الأمواج كانت تلفظ الأسماك على الشاطئ ، وأن أي صياد هاوٍ يمكن أن يؤمن قوته وقوت أسرته من صيد الأسماك البحرية عن طريق الصيد بالصنارة.

أما في مجال استزراع الأسماك قبل سطو البعث على الحكم فقد كان يسير بخطى ثابتة كما اقتصاد سوريا في تلك الأيام، فقد أُنشأت أول مزرعة سمكية في سوريا عام 1959 على مساحة /3.5/ هكتار وكان ذلك في بلدة قلعة المضيق في سهل الغاب، وبعدها بعام أقامت منظمة الأغذية والزراعة /FAO/ مدرسة في نفس البلدة وذلك لتعليم العمل التقني في مجال علوم تربية الأسماك.

أما بعد سطو نظام الأسد على الحُكم في سوريا اختلفت الأمور وتكمن بداية الكارثة بإحداث المؤسسة العامة للأسماك.

تم إحداث المؤسسة العامة للأسماك بموجب المرسوم التشريعي رقم /392/ لعام 1974 وقد ورد في مرسوم إحداثها أن للمؤسسة مهمتين رئيسيتين الأولى إنتاجية تتمثل بتأمين مادة الأسماك للمواطن السوري بأسعار رخيصة، والثانية تعليمية إرشادية تتمثل بتدريب المزارعين على تربية الأسماك.

إلا أن واقع عمل المؤسسة قد جاء تماماُ عكس مبررات إحداثها، ففرع الصيد البحري الذي أنشأته المؤسسة لتلبية احتياجات المواطن من الأسماك البحرية لم يرق لهذه المهمة على الرغم من الإمكانيات التي منحتها الدولة لهذا الفرع، وتعتبر المجموعة الإحصائية التي تصدرها وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي دليل على ذلك حيث بينت تلك الإحصائيات أن القطاع العام المتمثل بالمؤسسة العامة للأسماك أنتج في عام 2003 ما نسبته /1.56%/ وفي عام 2004 /0.8%/ من إجمالي إنتاج سوريا من الأسماك البحرية خلال هذين العامين، بينما توقف إنتاج الأسماك البحرية من قبل القطاع العام منذ عام 2004، ولغاية الآن.

وبشكل عام لم تحقق المؤسسة خططها الإنتاجية من كافة أنواع الأسماك (البحرية والعذبة ) ووصلت خسائرها عام 2004 الى 19 مليون ل.س. ‏

ونتيجة لتراكم خسائر هذه المؤسسة الفاشلة منذ إحداثها فقد صدر القانون رقم /31/ تاريخ 15/12/2008 والذي قضى بحل المؤسسة العامة للأسماك واستبدالها بالهيئة العامة للثروة السمكية، وأكد القانون على أن تكون هذه الهيئة هيئة بحثية وليست إنتاجيه ولكن وبنفس الطريقة البعثية في إدارة مفاصل الدولة وبصفقة مريبة من قبل وزير الزراعة والإصلاح الزراعي تم تعيين أحد مدراء وزارة الزراعة والقادم من خلفية أمنية وليس له علاقة لا من قريب ولا من بعيد بموضوع الأسماك مديراً عاما ً لتلك الهيئة الجديدة.على الرغم من امتلاك وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي لكوادر تمتلك خبرة تقارع الخبرة العالمية في مجال الأسماك. والمضحك أن هذا المدير الجديد للهيئة وعلى الرغم من كون الهيئة الجديدة بحثية - كما نص عليه قانون إحداثها - صرح بأن تعينه في هذا المنصب سوف يُشبع المواطنين بمادة الكافيار ( وهذه حقيقة وليست بمزح والتصريح موجود بالصحف السورية الرسمية).

 كارثة تصحر الساحل السوري:

يدعي القائمون على الثروة السمكية في سوريا بأن هناك تصحر في البحر الأبيض المتوسط ولإخفاء الأسباب الحقيقية من وراء هذا التصحر يلجأون لأسباب هامشية لها تأثير على ذلك ولكن تأثيرها خفيف مقارنة بالأسباب الحقيقية ومن تلك المبررات التي يسوقوها إقامة السد العالي بمصر الذي حجب عن البحر الأبيض المتوسط ما كان يحمله نهر النيل من مواد مغذية للأسماك فيه، ويمكن دحض هذه المقولة بسهولة عندما ننظر لحجم الأسماك في غزة أو الإسكندرية أو في تركيا. إذاً ما هي الأسباب الحقيقية لتصحر شواطئنا؟

وللبحث عن جواب هذا التساؤل لجأت مرة أخرى لصاحبي المهنة وأقصد الصيادين اللاجئين في مرسين وتحدثت معهم في هذا الأمر، حيث أجمعوا على أن هناك بعض الصيادين المرتبطين بفروع الأمن العسكري حصراً - وهو الفرع الممسك بزمام الأمور في الساحل - يقومون بالصيد بواسطة المتفجرات والصعق الكهربائي، والطعوم السامة، ولعل أخطر طريقة هي الصيد بالشباك الجارفة ذات الفتحات الصفيرة، وأيضاُ هناك الصيد في فترات التكاثر هذه الوسائل غير الشرعية في الصيد تسبب في اصطياد الأسماك الصغيرة وحتى بيوض الأسماك، دون أي رادع حكومي بسبب حماية أفرع الأمن لهم وطبعاً الحماية ليست مجاناُ وذكر الصيادون أن حماية أفرع الأمن لهؤلاء الفاسدين يكلف خمسة وعشرون ألف ليرة سورية. كل هذه الإجراءات المخالفة أدت تدريجياً للقضاء على الثروة السمكية لسوريا وذلك أمام أعين ومراقبة السلطات السورية وربما مباركتها، والمؤسف بالموضوع أن تلك المخالفات نتيجتها تكون عامة وطويلة المدى حيث أن استخدام المتفجرات بالصيد لا يقضي على الأسماك الصغيرة وبيوض الأسماك فحسب بل تدمر الصخور التي تحتوي الكهوف الطبيعية التي تستخدمها الأسماك لوضع بيوضها وبالتالي فإن الأسماك التي قد تنجو من الصيد الًجائر لن تجد أماكن لوضع بيوضها وبذلك تهاجر من تلك السواحل لأمكنة أخرى تستطيع أن تكمل دورة حياتها، وهذا ما يفسر غنى الشواطئ التركية المجاورة لشواطئنا بالثروة السمكية، (ولعل أي زائر لمدينة مرسين التركية التي تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط يرى كيف هواة صيد الأسماك بالصنارة يمارسون هواياتهم ويحصلون على أسماك نتيجة ممارسة تلك الهواية). ولدى سؤال الصيادين عن موقف جمعية الصيادين تجاه الصيد غير الشرعي . أكدوا أن من يقوم بتلك المخالفات هم القائمون على الجمعية وأنهم شركاء مع فرع الأمن العسكري، وإن من يحتج من الصيادين على تلك المخالفات يكون مصيره الإعتقال من قبل فرع الأمن العسكري، ولدى سؤالهم عن إمكانية الصيد خارج المياه الإقليمة بينوا أن كل رحلة صيد تحتاج لإذن من نقاط الأمن الموزعة على الأرصفة البحرية، وأن الإذن يكون متضمناً عدد ساعات الإبحار التي يجب عدم تجاوزها وهي في الغالب ستة ساعات وهذه مدة غير كافية للخروج خارج المياه الإقليمية للصيد والعودة، حيث أن عقوبة التأخر عن الموعد وخيمة.

 حماية مصالح المخالفين أهم من غذاء المواطنين:

قبل السماح باستيراد الأسماك البحرية من الدول العربية كنتيجة لتطبيق إتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى والتي تم تطبيقها في أول يوم من عام 2005 تقدمت مؤسسة الجحدلي (وهي مؤسسة سعودية تهتم بالصيد البحري في أعالي البحار) في عام 2003 بعرض للحكومة السورية يتلخص بالسماح للمؤسسة السعودية بتوريد الأسماك البحرية الطازجة التي يتم صيدها بواسطة أسطول المؤسسة العامة في أعالي البحار للأسواق السورية ومقابل ذلك تقوم المؤسسة بتزويد الصيادين السوريين بوسائل الصيد الحديثة، وأهمها قوارب تستطيع الصيد خارج المياه الإقليمية السورية وفي أعالي البحار، مع تعهدها بإقامة مدرسة لتعليم الصيادين السوريين طرق الصيد بالتقنيات الحديثة وبشراء صيدهم من الأسماك البحرية مع التعهد للحكومة السورية بتخفيض أسعار الأسماك في الأسواق السورية من /800-1500/ ليرة سورية للكيلوغرام الواحد إلى /175 – 350/ ليرة سورية للكيلو غرام الواحد،ولكن ولعدم اهتمام الحكومات البعثية بمصالح شعبها إذا ما تعارضت مع مصالح أجهزتها الأمنية تم رفض عرض المؤسسة السعودية دون تقديم أي مبرر لها، مع العلم بأن المبرر الوحيد لهذا الرفض هو حماية مصالح الأجهزة الأمنية المستفيدة بشكل أو بآخر من ارتفاع أسعار الأسماك في الأسواق السورية.

 حقوق في مهب الرياح:

تمتلك الدول الواقعة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط الحق في حصولها على حصة من سمك التونة وقبل الدخول في هذا الموضوع نبين للأخ القارئ موضوع سمك التونة:

سمك التونة (Thunnus) هو من الأسماك المهاجرة وتدخل البحر الأبيض المتوسط بهدف التكاثر، وعملية تكاثرها تفقدها الكثير من الدهون مما يجهل لحومها غير مستساغة، تقوم اللجنة الدولية لحماية سمك التونة في الأطلسي والبحار المجاورة (ICAAT) بصيد تلك الأسماك بضوابط علمية مع الإبقاء عليها حية وذلك ضمن المياه الدولية لمياه البحر الأبيض المتوسط ،وتقوم بتوزيع حصيلة الصيد من الأسماك الحية على الشركات المُرخصة لدى الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط بنظام الحصص لتقوم تلك الشركات بسحب أقفاص تربية أسماك التونة إلى المياه الإقليمية لدولها لتربيتها ضمن الأقفاص العائمة بهدف إعادة تأهيل أسماك التونة عن طريق تعليفها لتعويض الدهون المفقودة نتيجة عملية التكاثر لتباع بعد ذلك للشركات اليابانية والكورية بأسعار مرتفعة لاستخدامها في الأكلة اليابانية المشهورة التي تدعى السوتشي. ولحصول أي دولة على حصتها من سمك التونة لا بد لها أن تكون عضوة في تلك اللجنة الدولية، ولأن الحكومات البعثية في سوريا غير مهتمة بحقوق سوريا من تلك الثروة لم تنضم سوريا لتلك اللجنة، ولكن نتيجةً لحصول تركيا على كامل حصتها من سمك التونة ، بحيث عدم التمكن من دخول شركات جديدة لهذا المجال، تقدمت في عام 2005 إحدى الشركات التركية (شركة صاكون) طلب لإقامة مشروع تربية سمك التونة، واشترطت الشركة باشتراك سوريا في اللجنة الدولية، وبناء عليه تم تشميل الشركة التركية بأحكام قانون الاستثمار بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 28/م.س لعام 2005، وتقدمت سوريا بطلب انتساب إلى اللجنة الدولية، إلا أن تقاعس الحكومة السورية عن دفع الإلتزامات المالية إلى اللجنة رغم مطالبة اللجنة لسوريا لدفع التزاماتها عبر العديد من الرسائل فقد تم اعتبار سوريا عضواً مراقباً في اللجنة دون الحصول على أي حصة من سمك التونة، التي كانت ستبلغ في حال وفاء الحكومة السورية لالتزاماتها /50/ طن سنوياً، ونتيجة لهذا التقاعس من قبل الحكومة السورية تذهب هذه الحصة هباءً علماً بأنه في حال حصول سوريا على تلك الحصة لكان الدخل الناتج عن بيع سمك التونة للشركات اليابانية أو الكورية دخلاً كبيراً نتيجة لارتفاع سعره (ولعلم القارئ فقط فإنه تم بيع سمكة تونة تبلغ من الوزن 222 كغ بسعر 1.38 مليون دولار أمريكي حيث ابتاعها صاحب سلسلة مطاعم ((أوما)) الشهيرة شمال اليابان، والتي تختص بتقديم وجبة "السوتشي" اليابانية).

 فرص استثمارية ضائعة:

بهدف تعويض نقص الأسواق السورية من الأسماك البحرية وبمبادرات فردية قام بعض رجال الأعمال السوريين (وأغلبهم من قاطني المناطق الساحلية) وغير السوريين بتقديم طلبات لهيئة الاستثمار السورية بهدف إقامة مشاريع مزارع أسماك بحرية، وتم تشميل تلك المشاريع بأحكام قانون الاستثمار، وذلك دون دراسة إمكانية إقامة مثل تلك المشاريع وذلك بهدفين تبغيهما هيئة الإستثمار السورية ، الهدف الأول حصول الهيئة على مبلغ قدره خمسون ألف ليرة سورية لقاء تشميل المشروع بأحكام قانون الإستثمار دون تقديم أي خدمة حقيقة للمستثمرين، والهدف الثاني زيادة حجم المشاريع الإستثمارية التي تشملها الهيئة و التي تقدمها الهيئة كإحصائيات دورية للقيادة السياسية في سوريا التي بدورها تقوم باستخدام تلك الإحصائيات لبيان الوضع الإقتصادي المستقر في سوريا.

وبالفعل تم خلال الأعوام 2003 – 2010 تشميل ثمانية مشاريع تربية أسماك بحرية ضمن أقفاص عائمة، وبلغت القيمة التقديرية لموجودات تلك المشاريع حوالي /1083/ مليون ليرة سورية وستؤمن /434/ فرصة عمل، و بطاقة إنتاجية تقديرية تبلغ /10210/ طن من الأسماك البحرية. ولكن لم ير أي مشروع من المشاريع الثمانية النور، فمن المعروف أن أي مشروع تربية أسماك بحرية ضمن أقفاص عائمة في البحر يحتاج إلى مساحة من اليابسة لإقامة المنشآت اللوجستية عليها بالإضافة لمساحة من البحر لوضع الأقفاص العائمة، أما بالنسبة لليابسة فكامل الشريط الساحلي على طول الساحل السوري هي أملاك دولة، أي لا وجود لأراضي خاصة ضمن الشريط الساحلي وبالتالي فإن أي مستثمر يرغب بإقامة منشأة تربية أسماك بحرية عائمة لابد من استئجار مساحة من اليابسة من الدولة وهذا يخضع لقانون أملاك الدولة الذي يخضع لكثير من الشروط صعبة التحقيق هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن معظم أراضي الشريط الساحلي موضوع عليها إشارات لصالح وزارة السياحة أو وزارة الدفاع، أو موضوع اليد عليها من قبل أصحاب النفوذ من ضباط أمن وجيش ومسؤولي دولة، وبالتالي لا يمكن تأجيرها ولو بهدف إقامة مشروع إقتصادي هام يؤمن مادة أساسية للمواطن السوري, وفي حال تم إيجاد مساحة مناسبة فإن وزارة الزراعة قد قيدت أي مستثمر بقرارها رقم 3060/م.د تاريخ 9/6/2010 القاضي بتأجير أراضي أملاك الدولة من خلال مشاركة الدولة بمشروعه دون صدور أي تعليمات تنفيذية للقرار المذكور تتضمن آلية تلك المشاركة - هذا في حال وافق المستثمر أن يخوض تجربة المشاركة مع الدولة التي أثبتت الوقائع فشلها في سوريا- .أما بالنسبة للبحر فإن المسؤول عن تأجير المساحات اللازمة لوضع الأقفاص العائمة هي المديرية العامة للموانئ التي تضع شروطاً قاسية لـتأجير تلك المساحات ، هذا كله بالإضافة لعدم تقديم الدولة بكافة أركانها لأبسط حقوق لأي مستثمر ألا وهو الحماية من الصيد الجائر بالمتفجرات أو الطعوم السامة ضمن المساحة المؤجرة له في البحر وفي هذه الحالة فإن المستثمر غير آمن على أقفاص مشروعه التي ربما تحتوي المئات من أطنان السمك المكلفة من الموت .

ونتيجة لتلك الأسباب المذكورة تم حرمان الشعب السوري على مدار حكم حزب البعث وآل الأسد من مادة غذائية مهمة في بناء أجياله لما تمتلكه من قيمة غذائية عالية تفوق باقي أنواع اللحوم، وذلك لغنى لحوم الأسماك بالأحماض الأمينية، التي تدخل في تكوين العضلات والأنسجة، وتعتبر ايضاُ مصدراً مهماً للبروتينات والفيتامينات وللأملاح المعدنية وخاصةً اليود والصوديوم والبوتاسيوم، ومما يفسر أن لحوم الأسماك من الأطعمة المفيدة لتقوية الذاكرة هو إحتواء المائة غرام من لحوم الأسماك لحوالي 230 – 340 ميلغرام فوسفور.

هذا بالإضافة لأهمية الأسماك للإقتصاد الوطني لما تشكله من رافد للناتج الإجمالي المحلي، ولإمكانية إقامة مشاريع صناعية تكمل حلقة الإنتاج لهذه المادة مثل صناعة المعلبات و التجميد، كما أن مهنة صيد الأسماك تعتبر المهنة الرئيسية لأغلب سكان الساحل السوري، الذين عانوا من هذا النظام مثلهم مثل أخوانهم في باقي مناطق سوريا.

وأخيراً لا زلنا نرى بعض الأشخاص اللذين مازالوا وبعد كل الذي حصل لسوريا من جراء تصرفات هذا النظام نراهم يدافعون عنه وعن تصرفاته فنراهم يعزون إنخفاض حصة الفرد السوري من الأسماك لقصر طول الساحل السوري، وليس لتصرفات النظام وأجهزته الأمنية، أقول لكل هؤلاء أن جمهورية التشيك دولة غير ساحلية أي أنها لا تطل على أي بحر ومع ذلك وحسب منظمة الأغذية والزراعة الــ FAO يصل نصيب الفرد فيها من مادة الأسماك إلى /2.5/ كغ سنوياُ أي أربع أضعاف نصيب الفرد السوري.

*مهندس زراعي سوري

التعليقات (7)

    مواطن سوري

    ·منذ 9 سنوات 7 أشهر
    يضاف إلى التقرير تلوث المياه العذبة كنهر العاصي الذي تحول إلى مصرف رئيسي للمجارير في جميع القرى والمدة التي يمر بها ... مما أدى لشبه انقراض الأسماك في هذه الأنهار

    Salem Damas

    ·منذ 9 سنوات 7 أشهر
    ولا تنسوا النفايات السامه والمشعه التي جلبها عبد الحليم خدام وشركائه مع ضباط النظام والتي القي كم كبير في مياه سوريا الأقليمية وساهمت في موت الكثير من الكائنات البحرية كالأسفنج والأسماك

    محمود الزيبق

    ·منذ 9 سنوات 7 أشهر
    مع احترامي لعمر اميرلاي .. وطوفانه إلا ان هذه البلاد وتلك الشواطئ لسوريا .. وأشعر بقبحها حين تنسب إلى البعث البعث ليس إلا فيروسا في جسدها المريض .. ننتظر اجتثاثه

    بجوار الشاطئ الأزرق عجايب

    ·منذ 9 سنوات 7 أشهر
    كنا قاعدين بعد سباحة الصباح عم بندردش فشاهدنا عمال الأوتيل منهمكون ثم بدأوا يقذفون بقطع الخبز ـ كل قطعة قد الكف ـ حوالي أربع قطع ـ ثم بدأنا نشاهد سمكات صغار فايشة على وجهة الماء أكبرها حوالي فتر ثم قفز العمال بالماء يلتقطون السمك ثم طبخوه بالقلي ـ فذهبت وسألتهم فقالوا وبدون أي خجل أنهم يرشون دواء صراصير على الخبز ويلقونه بالماء ـ ثم نزلت لأسبح فوجدت الكثير من السمك الصغير بلا حراك مقاس الواحدة 2-3 سم والجميع كان يقاقي قهقهةً ـ تشرفنا من باني سوريا الحديثة كان ذلك على أيام الآب

    من أفضل المقالات التي إطلعت عليها

    ·منذ 9 سنوات 7 أشهر
    مقال رائع واعتبره من أفضل المقالات التي إطلعت عليها ليس دقه المعلومات والتسلسل العلمي المنطقي بالسرد فقط ولكن هو مثال واضح وتفسير علمي لمبدأ أن الدكتاتوريات بشكل عام لا تبني إقتصادا ولا تحافظ عليه بل تدمره.كثيرا ما اتهمنا ابواق النظام بالتخريف عندما نقول ان الوحش ونسله دمر البلد وكان ردهم انه اذا كان حافظ والطنطه بيشو ينظران للبلد على انها مزرعه لهم فان الاجدر بهما الحفاظ على اقتصادها! و هنا تأتي اهم نقطه في المقال اذ يبرهن المقال كيف ان الافرع الامنيه التي هي ضروره لتمكين الدكتاتور وهذه الافرع ومشتقاتها تحولت الى عصابات وفرخ المجرم اللص الاسد لصوصا كل منهم اصبح عنده دوله اسمها فرع!فلم يعد عمل فرع الامن السيطره بل بيع كل شيء وبأي شيء وبدل مزرعه واحده للمجرم الاسد اصبح في سوريا آلاف من مزارع فروع الامن ومخابرات ولصوص!وهذا ينطبق على كل دكتاتوريه فاي دكتاتوريه بالعالم تأكل البلد تدريجيا و تكبر وتتضخم بلا سيطره حتى لا يعود هناك ما تأكله فتنهار من الداخل بانهيار كل مقومات وموارد الدوله

    من طرطوس

    ·منذ 9 سنوات 7 أشهر
    في واحد كنيته بيلون من طرطوس له صهر ضابط في القصر الجمهوري صياد ديناميت لايهمه احد يفجر كميات كبيره من الديناميت كل مرا مما يسبب في قتل الاسماك الصغيره ويقتل الاعشاب المغذيه للاسماك

    ابو تراب

    ·منذ 9 سنوات 7 أشهر
    حشاة الله ماضل شي بيبسط بهالبلد
7

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات