الصحف تتحدث: كيف وافق النواب الأمريكي على دعم ثوّار سوريا؟

تباينت العناوين الرئيسية في وسائل الإعلام الدولية التي تناولت خبر موافقة مجلس النواب الأمريكي بأغلبية على دعم خطة البيت الأبيض لتدريب وتسليح مجموعات من ثوّار سوريا لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بشكل رئيسي، حيث عنونت الواشنطن بوست " المجلس يوافق على استراتيجية أوباما في العراق وسوريا وسط شكوك"، أمّا شبكة (بي بي سي) البريطانية وعلى موقعها الالكتروني فكانت أكثر تخصيصاً بما يتناسب مع الاهتمام البريطاني "أزمة داعش: المجلس يوافق على خطة أوباما في سوريا"، وعنونت (غارديان) البريطانية "مجلس النواب يوافق على خطة أوباما لتسليح الثوّار السوريين"، وكانت شبكة (إم إس إن بي سي) أكثر تفصيلاً حيث عنونت "المجلس يخوّل تسليح ثوار سوريين لقتال داعش"، بينما أضافت (آي بي سي) نيوز موقفاً جديداً إلى عنوانها "المجلس يوافق على مضض على تسليح ثوار سوريين".

في المقابل، تحدثت (بلومبيرغ) عن توافق كامل "المجلس الأمريكي يتبنى طلب أوباما لمساعدة ثوار سوريين"، أما (فورن بوليسي) الأمريكية فقدمت الخبر بتفاصيله وقدمت تحليلاً وتوقعات مستقبلية في مقالٍ تحت عنوان "مجلس النوّاب الأمريكي يعطي الصلاحيات لأوباما من أجل تسليح وتدريب الثوّار السوريين لقتال داعش"، وتحدثت عن موافقة مجلس النواب لصالح دعم خطة البيت الأبيض في تدريب وتسليح الثوّار السوريين. بعد تصويتٍ حاسمٍ، أقرّ الخطة بموافقة 273 مقابل رفض 156 عضو، رغم مخاوف الديمقراطيين حول التزام عسكري جديد في الشرق الأوسط ومخاوف الجمهوريين من أنّ اقتراح الرئيس غير كافٍ.

تباين المواقف داخل مجلس النوّاب

بدأت جهود دعم القرار مبكراً من قبل جون بوينر الناطق الرسمي لمجلس النواب، ونانسي بيلوسي زعيمة الأقلية في مجلس النواب، إلّا أنّ عدد من المشرّعين من كلا الحزبين شرع بالانشقاق عن الموافقة على القرار، ما دفع القادة لحشد الدعم في اللحظة الاخيرة.

وقال ستيف اسريل، رئيس لجنة حملة الكونغرس الديمقراطية إنّ مجموعة من كبار الديمقراطيين عملت حتى اللحظة الأخيرة لجمع الأصوات لدعم خطة الرئيس، التي من شأنها تدريب نحو 5000 من الثوّار السوريين في السنة الأولى في المملكة العربية السعودية.

أمّا نانسي بيلوسي فعلقت في تقليل لدورها في حشد الدعم لجهود الحرب قائلةً "نحن فقط لا نعاقب من يصوت للحرب" وقالت للصحفيين واصفةً القرار بأنه "صوت الضمير".

موقف مجلس الشيوخ

بعد موافقة مجلس النواب على مشروع القانون ينتقل الآن إلى مجلس الشيوخ، حيث قد يتلقى استقبالا لا يخلو من (التشكيك). فقد وصف بوب كوركر الجمهوري البارز في لجنة استراتيجية "بعدم الجدية" و"الاستجابة السياسية" بعد غضب واسع النطاق بين الجمهور الأمريكي يغذيه التكتيكات الوحشية المستخدمة من قبل داعش.

كما يبدو أنّ زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الديمقراطي ديك دوربين، متشكك للغاية في المنطق القانوني الذي عبر عنه البيت الأبيض، الذي يعتمد على ترخيص عام 2001 لاستخدام القوة العسكرية، ويمنح القوة للبيت الأبيض للقيام بعمل عسكري ضد داعش في سوريا، وتساءل دوربين كيف يمكن للجهود الرامية إلى تقويض داعش ألّا تنتهي حتى دون قصد بتعزيز نظام بشار الأسد.

تحدث أوباما في قاعدة ماكديل الجوية في فلوريدا يوم الأربعاء في محاولة لطمأنة الأميركيين الذين أنهكتهم الحرب واستبعاد نشر قوات قتالية الأرض، فقال ": إن القوات الأمريكية التي تم نشرها في العراق لا ولن يكون لها مهمة قتالية".

دور السي آي إي

تنبع شكوك عديد من المشرّعين حول تسليح الثوّار من عدم وجود ضمانات بأن الولايات المتحدة تعمل وتسلم الأسلحة الثقيلة لأناس يمكن الوثوق بهم. وستكون وكالة المخابرات المركزية المسؤول عن التأكد من موثوقية الثوّار، كجزء من برنامج تدريبي تديره الوكالة في قاعدة في الأردن، يقول البيت الابيض إنّه بدأ يؤتي ثماره. قال جوش ارنست المتحدث باسم البيت الأبيض: "لقد كنا مستمرّين في تفحّص عناصر المعارضة السورية، على مدار السنوات الثلاث الماضية، وحصلت الولايات المتحدة على وضوح أكبر بكثير حول أي من الأفراد في المنطقة يمكننا الاعتماد عليهم والعمل معهم. كما قدّمت الولايات المتحدة مساعدة عسكرية مباشرة للثوّار العام الماضي، على شكل أسلحة ثقيلة.

أظهر الثّوار الذين تلقّوا المساعدات أنه يمكن الوثوق بعدم السماح لأسلحة قوية بالخروج عن سيطرتهم. "فلم يقع صاروخ (تاو) واحد في الأيدي الخطأ". وأضاف إرنست: "يبدو أن هذه الاستراتيجية تفي بالغرض وقادرة على التوسع والتحسن" كما أنه "لا شك" أن الهجمات الجوية الأميركية "سوف تعزز إلى حد كبير قدرتها في ساحة المعركة."

دعم لدحر داعش والأسد معاً

لكن بعض المصادر التي تعمل مع الثّوار السوريين تقول إنّ هذا البرنامج لم ينتج مجموعة كبيرة ما بيكفي من الجنود لمحاربة داعش. يمكن أن تقوض جذرياً استراتيجية إدارة أوباما لمحاربة الجماعة المتشددة التي تعتمد على الثوّار على الأرض، في حين تقدم الولايات المتحدة الغارات الجوية.

ليس هناك أي خطة لضمان أن الثوّار الذين سيتم تدريبهم سيلتزمون بمحاربة داعش، كعدو رئيسي للإدارة الأمريكية. وفي شهادته أمام الكونغرس يوم الثلاثاء، قال الجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان المشتركة في الولايات المتحدة "ليس لدينا أي اتفاق على الإطلاق" مع الثوّار السوريين بمهاجمة مقاتلي الدولة الإسلامية فقط بدلاً من نظام الأسد.

لا يريد البيت الأبيض هذا الاتفاق أساساً، وأوضح مسؤولون أنه ليس سراً أن الولايات المتحدة ترغب أيضاً في قيام الثّوار بإضعاف الأسد. وقال مسؤول كبير بالإدارة الامريكية "نحن بحاجة لدعم المعارضة السورية المعتدلة لتمكينها لتكون قادرة على السيطرة على الأراضي والحفاظ عليها وطرد كلاً من داعش ونظام الأسد"، وأضاف "هذا سيكون ضرورياً لاستراتيجيتنا لإيقاف داعش وتدميرها في نهاية المطاف."

لا يزال توقيت ومراحل برنامج تدريب الثوّار مسألة مفتوحة، فليس من الواضح ما إذا كان سيتم نقل المقاتلين من أرض المعركة في سوريا، وتدريبهم في المملكة العربية السعودية، ومن ثم اعادتهم الى سوريا، أو إذا كان الأمريكان وشركائهم سيقومون بتجنيد قوة سورية جديدة من خارج البلاد، كالضباط المنشقين عن الجيش السوري والمتواجدين في تركيا.

هامش

* الكونغرس الأمريكي: هو المؤسسة الدستورية الأولى في الولايات المتحدة الأمريكية ويعتبر الهيئة التشريعية في النظام السياسي ويقوم بوضع ومناقشة وتصويت القوانين، ولديه صلاحيات تعديل الدستور، ويتألف من مجلسين:

1ـ مجلس النواب الأمريكي وهو مقابل لمجلس الشعب ويتألف من 435 نائباً موزعين على الولايات حسب عدد سكان كل ولاية، لدى خمسة أقاليم وممتلكات أميركية أيضاً ممثلون عنها لا يحق لهم التصويت في المجلس: مقاطعة كولومبيا، ساموا الأميركية، غوام، بورتوريكو، وجزر فيرجين الأميركية.

2ـ مجلس الشيوخ الأمريكي وهو بمثابة مجلس أعلى كما يعتبر مكان التشاور والمداولة ومراجعة القرارات بشكل أكبر من مجلس النواب، يتألف من 100 شيخ أو سناتور (اثنان من كل ولاية) ويرأسه الرئيس الأمريكي الذي يصوّت فقط في حال تعادل الأصوات.