ولم يقدم هذا المكتب شيئاً في سبيل مناصرة الثورة السورية على الصعيد الإنساني من خلال تمثيله لأعلى مؤسسة إعلامية للمعارضة السورية، رغم إمكانياته المادية الكبيرة وقدرته على استجلاب الدعم وكوادره البشرية الفائضة عن الحاجة.
قد لا تمتلك التجارب الفردية أياً من مقومات ومكونات المكتب الإعلامي، إلا أنها تكون أحياناً أكثر تأثيراً وفعالية ونصرةً للشعب السوري، وقد تقدم للثورة السورية ما عجز المكتب عن تقديمه منذ تأسيسه حتى اليوم.
يعتبر الفيلم التسجيلي (أنا مع العروسة) أحد هذه التجارب الفردية التي اعتمدت على فكرةٍ أولاً، ولم يطلب صاحب العمل تمويلاً من إحدى الجهات الحكومية أو حتى المنظمات المانحة، بل اعتمد على تبرعات من يؤمن بذات الفكرة، ومن خلال تكاليف متواضعة ترافقت مع إيمان وإخلاص للفكرة بعيداً عن معتقلات المحسوبية والإهمال وخيانة الدم خرج الفيلم إلى النور.
يقول خالد الناصري صاحب فكرة فيلم (أنا مع العروسة) وأحد صنّاعه:
"تعرّفت على خمسة مهاجرين فلسطينيين وسوريين ونشأت صداقة سريعة بيننا لأقرر أن أساعدهم في الوصول إلى بر الأمان، ثم خطر لي أن أصور الرحلة وتطورت الفكرة أكثر بعد طرحها أمام بعض الأصدقاء وقررنا صنع عمل سينمائي من أجل مناصرة قضية اللجوء والحماية عموماً وما يتعرض له آلافٌ من مثلهم أثناء عبورهم البرزخ إلى حياة جديدة، وبعد أن خضت هذه التجربة التي وضعتني في تماس مباشر مع معاناة اللاجئين وقربتني أكثر من همومهم وآلامهم، أدركت أن هناك كثير لابد من فعله أيضاً، لذا سأستمر في محاولاتي لرفع الاهتمام بهذه القضية الإنسانية البحتة".
في مناصرةٍ لحق الحياة والحماية لفلسطينيي سوريا وللشعب السوري، صنع خالد الناصري وزميلين له عملاً سينمائياً حصد ثلاث جوائز في أول مشاركة له في مهرجان دوليّ في 4 أيلول 2014، وهي جائزة مجمع نوادي السينما الايطالية (فيديك) وجائزة النقاد الاجتماعية وجائزة حقوق الإنسان في مهرجان فينيسيا (البندقية) السينمائي الدولي في إيطاليا، كما حظي الفيلم بلقب حدث المهرجان وأطول تصفيق لفلم في المهرجان لمدة ١٧ دقيقة.
وصفت وكالة الأنباء الإيطالية فيلم (أنا مع العروسة) قبل عرضه أنّه من بين عشر أشياء تدفعك لحضور المهرجان، وتحدثت عنه العديد من وسائل الإعلام الدولية والعربية منها بي بي سي والجزيرة والعربية وغيرها، كما قال الناقد السينمائي بشار إبراهيم: " (أنا مع العروسة) فيلم وثائقي حقيقي... يندر أن تجد مثيله عربياً".
يوثق الفيلم توازي الألم والأمل في رحلة غير قانونية لهاربين من الحرب في سوريا وباحثين عن السلام، بما فيها من مخاطر وتهديدات وصعوبات، ويتجاوز الفيلم الأطر التقليدية للأفلام التسجيلية، من حيث دفعه للحدث ومن ثم القيام بتوثيقه من خلال المشاركة في تفاصيله والتورّط في أجوائه، إلا أنه يطرح رحلة يومية ربما ومشابهة لمئات المهاجرين الذين ينجح بعضهم في الوصول إلى نهاية سعيدة، أمّا البعض الآخر فلا يحظى بتلك النهاية ولا توثقه إلّا أرقام احصائيات القتلى والمفقودين في مراكز التوثيق.
يسهم الفيلم من خلال حبكته التسجيلية ورسالته المرئية إلى الحكومات والمنظمات الدولية، في جهود المنظمات الإنسانية الرامية إلى تسهيل استقبال اللاجئين واحترام القانون الدولي الذي يعرّفهم بالأشخاص الذين تعرضوا في موطنهم الأصلي أو البلد الذي كانوا يعيشون فيه في الفترة السابقة إلى مخاطر جدية على الحياة والسلامة البدنية أو الحرية أو عانوا من الخوف الشديد لأسباب معينة، بسبب العرق أو الدين أو الجنسية أو الانتماء إلى فئة اجتماعية معينة أو الرأي السياسي. وهي الجهود التي تبذلها منظمات غير حكومية مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش ومراسلون بلا حدود وغيرها في دعم حق الحياة والحماية للمهاجرين والضغط على الحكومات الأوروبية ودول اللجوء من أجل التزامها بأداء واجبها الإنساني تجاه الشعوب الأخرى من خلال فتح أبوابها للمهاجرين وتسهيل إجراءات استقبال طالبي اللجوء.
التعليقات (2)