وداعا سورية

وداعا سورية
خارج أطرالاحلام، هل بقيت ثمة إمكانية لدحر الطرف السوري المعارض والذي صار يتقاسم جغرافية البلد شارعا وحارة وزقاق، وهل يمكن تفكيك منظومة التمرد المتغرسة في جسد وضمير أكثرية سورية باتت ترى فيها طوق نجاة؟، وبالمقابل هل مازال بإمكان الثورة اسقاط منظومة بشار الأسد بتفرعاتها الطائفية وتشابكاتها الإقليمية، اأا يرى مؤيدوها أنهم يخوضون معركة حياة أو موت؟

هل بتنا نقف أمام استحالتين؟، الاجابة برأينا تحيلنا إلى مربع التوهان وإعفاء النفس من مواحهة الحقيقة الساطعة، وهي أن القوى المتصارعة في الميدان السوري، من قوى ثورية وقوى أسدية، أصيبت بعطب في ميكانيزمات عملها ولم يعد ممكنا لأي منها تحقيق الحسم لصالحها، حتى أنها لم تعد قادرة على إحداث تموضعات جديدة تتيح لها تطوير عملها، وترشيق أساليبها، لم يعد لديها فائض من الإمكانيات يساعدها في تزخيم قوتها، ما بقي يكفي للحفاظ على الوجود وليس لتغيير الحدود.

الواضح أن هذه الخلاصة لم تعد خافية على أحد، ثمة تحركات في دوائر صنع القرار العالمية تتأسس على هذا المعطى الواقعي، الحشد الامريكي ودعوة أوروبا للحرب على الإرهاب يدخلان في سياق تغيير المعادلات الشرق اوسطية، ومحورها المعادلة السورية، وحدهما أطراف الصراع السوري يعتقدان ان الرياح ستجري لصالحهما؟.

ثمة ما يمكن استشقاقه في الحراك الدائر في عواصم القرار الدولية والتي تسعى الى تجهيز حشد دولي لمواجهة مخاطر الفوضى الحاصلة في الاقليم، وهو انه يقوم على قاعدة التفكير من خارج صندوق الحلول التي كانت مطروحة سابقا والتي غالبا ما ارتكزت على ثنائية قمع الثورة او سقوط النظام، هذه المعادلة أسقطها عجز الداخل وخلافات الخارج " القوى الدولية الفاعلة"، لكن استمرار هذه المعادلة صار مستحيلا ولأسباب عدة:

-تهاوي نظرية " ترك الاعداء يقتلون نقسهم بنفسهم" التي تبناها الغرب، وظهر أن مفرزات هذا النمط من التفكير والتقدير ضارة وخطيرة، وذلك بسبب الدينامية الناشطة لحالة الإستقطاب والتي أنتجت تضخما مفرطا لدى جبهتي القتال السنية والشيعية لدرجة تكاد تطوي كل سكان المنطقة تحت جناحيها.

-تهديد الازمة للمنظومة الإقليمية التي ترعاها اميركا في المنطقة صار حقيقة لا افتراض، بعد ابتلاع العراق ووقوف لبنان على عتبة الازمة، وإحتمال وصول نيرانها الى اسرائيل صار واردا، التقدير السليم لا بد أن يعطي ارجحية كبيرة لمثل هذا الإحتمال.

-استنفاذ كل الرهانات والمشاريع الإقليمية والدولية وبلوغ الازمة مرحلة تصدير التداعيات السلبية بكثافة.

-توفر مناخ من الإستعداد الإقليمي والدولي، وإن كان في بداياته، لإنجاح خيارات جديدة للخروج من المأزق الشامل والثقب الاسود الذي يهدد بابتلاع الجميع، وخاصة في المنظومة المؤيدة لاستمرار سيطرة بشار الاسد على سورية، ايران التي تقف على ابواب صراع داخلي قد لا تخرج منه سالمة، وروسيا المنهمكة حتى اذنيها في اوكرانيا حيث تنفلت الامور بطريقة دراماتيكية، وحتى الدول العربية الداعمة للثورة صارت لها تقديراتها الخاصة من استمرار الصراع وهي تسعى الى التوافق مع التوجهات الدولية الجديدة.

التفكير الجديد يمكن قراءته من بين سطور الترتيبات الدولية للعراق، والتي تأسست على معادلة جديدة وهي ان التدخل مشروط بتوفير بنية تحتية ملائمة تبدأ بإحداث تغيير سياسي في معادلة الحكم، وفي مرحلة ثانية تطبيق مبدأ اللامركزية وبشكله الأقصى، بما يشبه الدولة الكونفدراليه، بحيث يكون للمكونات المختلفة أكثر من إدارة ذاتية لأقاليمها، تحضير لحالة انفصال قادمة، وهو ما تؤكده الإجراءات الامريكية على الارض من تسليح للأكراد وتشكيل جيش للسنة.

من المؤكد أن نجاح هذا الحل في العراق لن يتأخر ترحيله وتطبيقه على خريطة الازمة السورية، وخاصة وأن البنى التحتية للحل باتت متوفرة، من خطوط تماس وحراس للحدود، ورغبة جارفة في عدم تعايش الاطراف المتصارعة مع بعضها البعض ورفضها التساكن في وطن واحد ولا يمكن لأي ضمانات، مهما كان نوعها، ان تحل هذه الإشكالية.

هذه المعادلة التي تتحرك في إطارها التحركات الدولية تقوم على أساس تحريك المعطيات الموجودة في الصراع السوري ونزع تأثيراتها الإقليمية والدولية، بمعنى: إعادة صياغة الصراع بحيث يكون داخليا على حدود الأقاليم السورية وتركه يستهلك نفسه هناك حتى تنضج ظروف تسويته.

هل ثمة مؤامرة ينطوي عليها مثل هذا التطور؟ ربما، فتاريخ السياسة الدولية لا يبرئ نفسه من مثل هذه السياقات، لكن علينا أن نعترف أن بيئة هذا الحل صنعها بدرجة كبيرة نظام الأسد وهو الذي أنضج سياقاتها وصنع حدودها ببحور من الدم والكراهية. الحل اليوغسلافي يلوح في الافق، ليس علينا سوى انتظار تطبيقاته لنقول وداعا يا سورية.

التعليقات (13)

    حسان طحان

    ·منذ 9 سنوات 8 أشهر
    نعم بحور من الدم والكراهية ساقها نظام الأسد الهمجي المتسلط... بمشاركة طائفته التي قتلها الطمع وحب التسلط والمكاسب بغير حق... لا نعفي البقية من الشعب السوري من الأخطاء والأخطاء المتراكمة عبر السنين مع الأهتمام بالخاص بشكل كامل على حساب العام... لكن لا يستطيع أحد توجيه اللوم للثورة.. فهي محقة وواجبة وهي الكرامة بذاتها والدافع بالحق الطبيعي لحياة كل إنسان حر.

    زيدان زيدان

    ·منذ 9 سنوات 8 أشهر
    هيك بدو غسان عبود

    ايلي بيضة

    ·منذ 9 سنوات 8 أشهر
    بل اهﻻ وسهﻻ بسوريا الجديدة سوريا عبد الملك بن مروان والوليد نواة اﻻمبراطورية المتجددةمن حدود الصين حتى جنوب فرنسا وربما نيويورك

    من كل عقلو بشار يعتقد أنه سيلوذ بدويلة يكون رئيسها

    ·منذ 9 سنوات 8 أشهر
    أيقن بشار وزبانيته أنهم غارقون بالفساد من مظاهرات تجار حي الحريقة بالشام وخربشات جدران مدارس درعا ولإنقاذ عنقوده جيّش قرى نائية لطائفته المطمشة لمجابهة عدو وهمي من انتاج مخّه المضطرب فجعل من نفسه كحاطب ليل وجعل أتباعه يتّقون قطة وهمية سوداء في ليال حالكة الظلام ولإقناع الجميع أنه حامي الحمى فأطلق جناة محكومين وسلفيين مجانين وعادة كل سجين يطلق سراحه بعفو رئاسي يذهب أسبوعيا للمخابرات أو الشرطة حيث يحصل إيناس وإستئناس وتعبيد طريق لتنفيذ أدوار تحت مسميات شتى فإنفلتوا كما انفلت فرنكشتين هيك بدو الغبي

    ايلي بيضة

    ·منذ 9 سنوات 8 أشهر
    سوريا حافظ اﻻسد وبني امية ستجتاح العالم وهي تعود من جديد مركز السياسة العالمية رغم انف الجميع واﻻندلس تنتظر الجيش العربي السوري بغارغ الصبر

    william

    ·منذ 9 سنوات 8 أشهر
    veru real and objective analysis. the problem is that after dividing Syria there will be endless hostilities created by the ruthlesness of the Assad regime in the Yugoslavian case different ethnic groups and religious parties accepted forgetting the grudges, something hard to happen in the Middle East we can expect further wars after the partitioning

    ناصر الزين

    ·منذ 9 سنوات 8 أشهر
    من أجمل التحليلات التي قرأتها عن الوضع السوري،

    احمد شناعة

    ·منذ 9 سنوات 8 أشهر
    لكن بالمقابل فان دولا شهدت حروب اهلية ولم تنتهي رجعت وعاشت حياتها وتناست الالام، لماذا لا تكون سورية منها

    نهاية بشار ستكون على أيدي طائفته

    ·منذ 9 سنوات 8 أشهر
    هكذا قالت العرّافة

    داعش استنساخ بن لادن

    ·منذ 9 سنوات 8 أشهر
    أوباما إجر كرسي لا بيهش ولا بنش.القرار الاول والاخير لاسرائيل وزياده في السيطره الصهيونيه على اوباما صدر قرار من الشيوخ الامريكي قبل ٣ اسابيع بامكانيه محاكمه اوباما دون سجنه قد تتغير الى سجنه بقرار جديد اذا لعب بذيله!!وكما قال الكاتب الخطه لم تتغير العقرب داعش الذي صنعته امريكا بمعونه (دول عربية) هو استنساخ لاسامه لادن الذي صنعته امريكا مع نفس تلك الدول . والهدف من داعش القضاء على الجيش الحر والقضاء على الثورة والامور تسير على ما يرام لحد الان باستثناء بعض المطبات كحادثه ذبح الصحفي الامريكي التي نبهت امريكا حليفتها داعش الى ضروره عدم بثها لانها تشكل حرجا وضغطا شعبيا على اوباما فخرج مسؤول اعلام داعش قبل اربع ايام بقرار منع بث اي مقطع لقطع الرؤس نهائيا على النت وحد المخالف القتل! ثمانيه اعوام ومخابرات امريكا ×××××واسامه يدا بيد حتى انهوا كل شيء متحضر في افغانستان ودمروها تماما وسحقوا السوفييت والان عامان ونفس الدوله العربية تضع المهرج السيسي و تحركه كالدميه للقول بانه ليس مع الثورة السوريه ومع خيار انهاء النزاع على حد قوله.طيب ال×××× هي من يحرك السيسي برموت كنترول حرفيا دون مبالغه. وتدعي انها مع الثورة ثم يظهر المهرج السيسي بالقول انه ليس مع الثورة وكأن له رأي خاص به!.

    إيلي قضيب

    ·منذ 9 سنوات 8 أشهر
    إلى رقم 5 ـ إيلي بيضة ـ أهكذا طمّعك ملك الحيوانات بالعودة للأندلس ـ ألا تعلم أن البشر لا يتسامحون بمجاورة حيوان مفترس إلا إذا كان في قفص؟ هل تعلم ذلك؟

    لثام داعش و النصرة

    ·منذ 9 سنوات 8 أشهر
    الله يحمى شباب سوريا المشرد من تعرّف النظام عليهم وبالتالي تنكيل النظام بأقاربهم حالة مؤقتة إضطرارية أفضل من الموت غرقاً بمحاولة اللجوء لأوربا عبر البحر! و شرٌّ لا بد منه لحماية أهالي الشباب الهاربة والتي لم تتمكن تأمين نفسها لو كنتَ أنت في حِذائهم لفعلتَ مثلهم نظام الأسد ألجأهم لتلك الطريقة - أغلبهم سوريون وقلائل منهم أوربيون أزيحوا الأسد ليميطوا اللثام عن وجوههم ويلقوا بها في المراحيض

    الليث السوري

    ·منذ 9 سنوات 8 أشهر
    حل مشكلتنا ونصر ثورتنا سهل جدا وبايدينا اولا يجب محاسبة لصوص ثورتنا وناشطينا الغير شرفاء ورميهم في الحاويات و تسليم الدفة للشرفاء ثانيا حل الائتلاف الذي لايقوم الا بتشكيل عبئ على الثورة ثالثا الاهتمام باللاجئين في الداخل والخارج وعدم سرقة مخصصاتهم لكي لانخسر البيئة الحاضنة وايمان الناس بالثورة وأخيرا... محاربة الفكر التكفيري و بعدها سينصرنا الله باسرع مما نتخيل اما بوجود سياسيينا المأجورين الذين لايفقهون بالسياسة و الكثير من الناشطين في الخارج اللصوص فوضعنا صعب وهذا ما يعول عليه النظام لاستمراره

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات