لعل التسجيل المصوّر الذي بّث على شبكة الانترنت من مصدر غير موثوق، وتناقلته وكالات الأنباء عن أنه تصوير عملية "ذبح" الصحفي الأمريكي، الذي كان مختفياً في سورية منذ مطلع عام 2013، وأكدت بعض المصادر أنه مختطف من قبل النظام السوري والإدارة الأمريكية على علم بهذا الخطف، دون تحريك ساكن، على الرغم من أن "جميس فولي" هو من رعايا الولايات المتحدة، وهي ملتزمة أمام الشعب الأمريكي بحمايته! و لكن السؤال: "كيف وصل "جميس فولي" إلى أيدي تنظيم "داعش" و هو مختطف من قبل النظام؟!" والجدير بالذكر أن فولي خُطف قبل دخول التنظيم إلى سورية!
في سابقة لم تشهدها السنوات الثلاث للثورة السورية، أعربت "هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي "، التي يترأسها المحامي "حسن عبد العظيم" في بيان خاص عن ترحيبها بالقرار الأممي، الذي يعتبر تصدياً واضحاً للقوى المتطرفة والإرهاب، وفقاً للقانون الدولي ومحاسبة مرتكبي هذه الأعمال الإرهابية، حيث جاء في البيان: (تعرب هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي عن ترحيبها بقرار مجلس الأمن رقم 2170 لعام 2014 الذي صدر مساء يوم 15 آب، والمتعلق بالجماعات الإرهابية المتطرفة في كل من سورية والعراق )، علماً أن هذا القرار قد يجيز التدخل العسكري، وفقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة دون التطرق في نص البيان إلى السيادة الوطنية للأراضي السورية، التي كانت خطاً أحمر بالنسبة لهيئة التنسيق، عندما كان المجتمع الدولي يطالب مجلس الأمن بالتدخل في سورية لوقف حمام الدم الرهيب و المجازر التي يقوم بها النظام.
هذا التزامن بين رفض كل "المعارضين الوطنيين" التدخل الأجنبي في السيادة السورية، خاصة بعد قرع طبول التدخل العسكري الأمريكي بعد مجرزة القرن في غوطتي دمشق التي أسفرت عن ما يقارب 1400 شهيد قتلوا بسلاح الكيماوي، وتسليم كامل الترسانة لمنظمة نزع الأسلحة الكيماوية، وبين موقفهم هذا من القرار الأممي، الذي ينتهك بشكل أو بآخر السيادة السورية، من خلال ضرب مواقع تنظيم الدولة الإسلامية، التي تتخذ من مدينة الرقة مقراً رسمياً لها في سورية بعد مرور عام على مجزرة القرن، دون أن يتطرق أي "معارض وطني" لهذه المجزرة!
ما يؤسف هو موقف الائتلاف الذي أصبح- وعبر الداعمين الإقليميين- بوقاً لطلبات الولايات المتحدة، خاصة بعد التسريب عن طلب أمريكا من الائتلاف دعوة مجلس الأمن للتدخل السريع من أجل القضاء على الإرهاب، وهم يمنّون النفس أن هذا التدخل بالضرورة سوف يقضي على الترسانة الدفاعية للنظام، وبالتالي التقدم الكبير لقوات المعارضة المعتدلة التي أعلنت أنه سوف يُقدم لها الدعم من قبل الولايات المتحدة على لسان "جون كيري" وزير خارجيتها والتطمينات من "ماري هارف"، المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، ( لم نكن مع نظام الأسد في خندق واحد ضد تنظيم داعش )، غير أن هذه التصريحات أغضبت النظام السوري الذي يبحث عن شرعية من خلال قتال "داعش" إلى جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي، ليطرح نفسه شريكاً إقليمياً، لا يمكن الاستغناء عنه، حيث جاء على لسان نائب وزير خارجيته "المقداد " (إن سورية لن تتردد عن التعاون مع أي دولة لمحاربة الإرهاب، إلا من يدعي محاربته، وهو من يموّله، ويدعمه، ويرعاه )، غير أنه يحاول الحفاظ على خط الرجعة بمفهوم السيادة أمام أنصاره: (التنسيق الدولي يجب أن يكون ضمن اتفاقات وقرارات دولية ناظمة، وأن أي عمل أحادي يعتبر تدخلاً في شؤون الدول ).
السيناريوهات المطروحة عديدة، وتكاد لا تحصى، بسبب ضبابية المشهد الذي لا يمكن التكهن به مستقبلاً، إلا أنه من غير المستبعد أن يكون النظام السوري يحاول جرّ الإدارة الأمريكية إلى الحرب على الإرهاب، ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سورية عبر التسجيل المصور لذبح الصحفي الأمريكي، ولعل بثه على شبكة الإنترنت، وحديث مقاتل "داعش"، الذي أقدم على عملية الذبح، باللغة الإنكليزية، كانت الغاية منه إيصال الرسالة للمواطن الأمريكي، للضغط على الإدارة الأمريكية من أجل التحرك السريع لضرب مواقع التنظيم، ولحماية الأمن القومي الأمريكي، و تأسيساً على كلام "المقداد"، الذي اعتبر أن أي عمليات عسكرية دون قرارات دولية، هي تدخل في الشؤون الداخلية للدول فالإدارة الأمريكية أمام خيارين هما : الأول، استصدار قرار أممي يجيز الضربات العسكرية ضد تنظيم "داعش"، وبذلك يكون النظام قد حافظ على ماء الوجه لأنه يمتثل للإرادة الدولية في التصدي للإرهاب، أما الثاني، فهو التعاون والتنسيق بين الغرب والنظام السوري لضرب التنظيم، وبذلك يكون النظام قد أوصل رسالة قوية للرأي العالمي على أنه نظام شرعي يحمي أقليات بلاده من الإرهاب، والدليل على ذلك، التعاون الدولي معه على أساس انه هو من يمثل الدولة السورية و ليس أولئك القابعين في "اسطنبول"!
التعليقات (1)