كيف يبيع النظام المؤسسات العامة السورية إلى إيران والصين؟

كيف يبيع النظام المؤسسات العامة السورية إلى إيران والصين؟
عُرض برنامج على إحدى المحطات السورية المعارضة يتكلم عن قيام نظام الأسد بخصخصة مؤسسات القطاع العام السورية، وخصوصاُ الشركات الرابحة، وذلك من خلال طريقين: إما بيعها لشركات إيرانية أو صينية، أو عرض استثمارها لتلك الشركات لفترات طويلة. وذُكر بالبرنامج أن النظام يركز على بيع المؤسسات الواقعة في المناطق التي يمكن أن تكون ضمن الدولة العلوية التي يحلم بإنشائها.

المؤسسة العامة للمباقر

هذا الموضوع أعاد لذاكرتي موضوع طرح منشآت الأبقار التابعة للمؤسسة العامة للمباقر للاستثمار, وهذه القصة:

المؤسسة العامة للمباقر هي إحدى مؤسسات القطاع العام التابعة لوزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، أحدثت بموجب المرسوم التشريعي رقم /389/ تاريخ 26/2/1974، ومركزها مدينة حماة، ومن الأسباب الموجبة لإحداثها: "الإشراف على محطات تربية الأبقار والمشاريع التابعة لها، وإقامة محطات ومشاريع جديدة، وتربية الأبقار الحلوب وأبقار اللحم، وإنتاج الحليب وتسمين العجول، وتصنيع وتسويق إنتاج المؤسسة من الحليب واللحم، والمساهمة بتطوير وتنشيط تربية الأبقار الحلوب وأبقار اللحم بهدف زيادة الإنتاج وتأمين مستلزمات إنتاج التصنيع والتخزين والتسويق والمساهمة بتقديم الخبرات لمربي الأبقار من أجل تطوير إنتاجها."، وتتبع للمؤسسة حالياُ إحدى عشرة محطة تربية أبقار موزعة على معظم المحافظات السورية.

تمتلك المؤسسة /47449/ دونم قابل للزراعة مستثمر منها /4003/ دونم، ويبلغ العدد الكلي لقطيع الأبقار في المؤسسة حتى نهاية عام 2009 / 13090/ رأس.. منها /5343/ رأس حلوب حققت إنتاجاً قدره /22000/ طن من الحليب و/1170/ طن من اللحم أي أن متوسط إنتاج البقرة الحلوب سنوياً من الحليب هو /4.1/ طن حليب سنوياً. وهذا الإنتاج يعتبر إنتاجاً منخفضاً مقارنة بإنتاج أبقار أصغر المزارع في سوريا.

وكما معظم المؤسسات الإقتصادية في ظل حكم البعث نخر الفساد والمحسوبيات جسم المؤسسة العامة للمباقر الأمر الذي حولها لمؤسسة اقتصادية خاسرة وتشكل عبئأً على الخزينة العامة، وذلك بعد أن طالتها أيادي المتنفذين من هنا وهناك، والتي وزعت العجول والحليب كهدايا لأصحاب النفوذ والسلطة، وذلك ضماناً للإستمرار في موقعها، ولم يفكر أصحاب تلك الأيدي بتقديم أي اقتراحات تخفف من صعوبات المؤسسة ولذلك لم تفلح المؤسسة بتحقيق الأهداف المنوطة بها بالشكل المطلوب ووقعت بخسائر كبيرة حتى وصلت في عام 2004 إلى /78/ مليون ليرة سورية.

خصخصة!

لتلافي الخسائر المتلاحقة للمؤسسة صدر المرسوم رقم /276/ تاريخ 26/7/2004 والقاضي بتعديل مرسوم إحداثها وذلك بالسماح لها بالمشاركة مع الغير (قطاع عام- خاص– مشترك) وطني أو عربي أو أجنبي لاستثمار المحطات والمشاريع التابعة لها كلياً أو جزئياً وفق القوانين النافذة.

وبذلك بدأ المستثمرون بالتقدم لاستثمار محطات الأبقار التابعة للمؤسسة، وفي حقيقة الأمر أن المؤسسة في تلك الفترة وبفضل إدارتها الجديدة (غير البعثية) قد بدأت تتجاوز عثراتها، وبدأت هذه الإدراة الجديدة بتخفيف الخسائر،وصولاً لتحقيق أرباح وصلت إلى /34/ مليون ليرة سورية في عام 2008، ليتوالى الربح عام 2009 الى /113/ مليون ليرة سورية.

ورغم هذا التطور في إنتاجية المؤسسة صدرت موافقة رئاسة مجلس الوزراء رقم 8347/1 تاريخ 19/6/2008 على توصية اللجنة الإقتصادية بجلستها رقم /32/ تاريخ 8/9/2008 والتي تتضمن الموافقة على استثمار المباقر الخاسرة والمتعثرة التابعة للمؤسسة.

وتعني هذه الموافقة إصرار القيادة على عرض محطات الأبقار للإستثمار. متجاهلة بذلك بدء تعافي المؤسسة من خسائرها.

وفد إيراني

في تلك الفترة ورد لوزارة الزراعة والإصلاح الزراعي كتاب من رئاسة مجلس الوزراء وتحديداً من مكتب نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الإقتصادية تضمن إعلام الوزارة برغبة وفد من شركة إيرانية تدعى شركة فيروزكو (وهي شركة ألبان) بزيارة الوزارة لمناقشة إمكانية استثمار بعض المباقر التابعة للمؤسسة العامة المباقر، وطلب النائب الاقتصادي تسهيل مهمة وفد الشركة الإيرانية.

تم تشكيل لجنة في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي للتفاوض مع وفد الشركة الإيرانية المؤلف من صاحب الشركة ورئيس مجلس إدارتها، وزوجته بصفتها مهندسة ونائبة رئيس مجلس الإدارة وابن أخيه بصفته كبير المهندسين وعضو مجلس الإدارة، بالإضافة لممثل عن السفارة الإيرانية في دمشق (وهو إيراني يتكلم العربية بطلاقة)، وكنت أنا عضواً في اللجنة. تم عرض المباقر الإحدى عشرة للشركة الإيرانية مع التأكيد على مميزات الاستثمار لمحطتي تل تمر في الحسكة، ومسكنة شرقي حلب، وذلك تنفيذاً لسياسات الحكومة لتطوير المنطقة الشرقية، إلا أن الوفد الإيراني أصر وبشكل كبير على استثمار محطات الأبقار في سهل الغاب واللاذقية وطرطوس، وحمص فقط.

مؤسسة تابعة للحرس الثوري!

تم الاتفاق على زيارة الإيرانيين للمباقر التي طلبوها، وتم تكليفي بمرافقتهم في الزيارة، مع تكليفي بإقناعهم بالاستثمار في المنطقة الشرقية، وبالفعل انطلقت بصحبتهم لمحافظة حماة للقاء إدارة المؤسسة التي قامت بتحضير مذكرة تبين فوائد الإستثمار في المنطقة الشرقية، ولكن الإيرانيين أصروا على زيارة المباقر آنفة الذكر دون غيرها، وانطلقنا لسهل الغاب لزيارة مبقرتي جب رملة وجورين، على أن نستكمل باقي المحطات بزيارة أخرى، ولكن صاحب الشركة أصر على زيارة محطات طرطوس واللاذقية وحمص بنفس اليوم، مع العلم بأن الوقت قد تأخر جداُ حيث شارفت الساعة عند انتهائنا من محطتي سهل الغاب حوالي الخامسة مساءً، وأتذكر بأنني عندما أصريت على عدم استمرار الزيارة أنه قال لي أنه يجب أن يرفع تقريره في الغد، وعندما سألته أي تقرير ولمن إذا كنت أنت صاحب الشركة وزوجتك نائبة الرئيس فقال لي حرفياً:

"إن موضوع الاستثمار كان بطلب من مؤسسة إيرانية اسمها جهاد البناء وأن التقرير سيرفع لهذه المؤسسة وهي من تصر على الإستثمار في الغاب وطرطوس واللاذقية وحمص ولو أن القرار عائد لشركتي لاخترت مجمع أبقار تل تمر في الحسكة، كونه أقرب لمركز شركتي في إيران وأن شركة جهاد زودتني بشيك بقيمة مليوني دولار أمريكي (وأطلعني على الشيك) وأنه في حال الاتفاق سيوضع الشيك بتصرف البنك المركزي السوري".

ولكن الموقف المشرف لإدارة المؤسسة المتمثلة بمديرها العام (وكما ذكرت غير البعثي) وفريق عمله الذين أصروا تضمين أي عقد للاستثمار الحفاظ على حقوق العمال الدائمين والمؤقتين وعلى عدم جواز التصرف بممتلكات المؤسسة من الأراضي الزراعية بيعاً أو رهناً. وهذا ما أربك المستثمرين الإيرانيين وأطال عمر المفاوضات لمدة تزيد على السنتين لحين اندلاع ثورتنا المباركة التي خلطت كافة الأوراق.

وبعد تورط إيران في قمع الثورة السورية بدأت ملامح المؤامرة الإيرانية تتكشف للشعب السوري، عرفنا بأن مؤسسة جهاد البناء تتبع للحرس الثوري الإيراني المنغمس بالدماء السورية.

هذا هو نظام الأسد الذي كان يطمح قبل اندلاع ثورتنا ببيع مؤسساتنا الوطنية لنظام الملالي في إيران حتى قبل إطلاق أطفال درعا لشرارة ثورتنا المباركة، ويطمح بإقامة كاتيون طائفي في جزء غالي وعزيز من وطننا سوريا. وفي هذا الصدد نطالب بوجوب تكاتف فنيي وقانونيي سوريا الحرة للبدء بجمع الوثائق والحقائق لتفنيد عمليات سرقة مؤسسات سوريا من قبل النظام الإيراني بتسهيل وتواطئ من نظام لم يكفه تدمير البنى التحتية لسوريا بل اتجه لبيع مقدراتها للغرباء.

التعليقات (3)

    حسان طحان

    ·منذ 10 سنوات 5 أشهر
    تعودوا على إن البلد بما فيها وشعبها غنيمة... ملكية خاصة هم فاقدي الحس بالإنتماء لشعب سوريا ؛هم من طالب الإستعمار الفرنسي بالبقاء محتلاً هم من طالب بدولة مستقلة عن باقي البلد هم من قال بأن السوريون يعتبرونهم كفاراً.. هم يعتبروا أنفسهم أقلية أستحوذت على البلد بالقوة وأحتلتها... ولديهم الحق بإستغلالها ؛ وهاهم قتلوا الشعب وهجروه دمروا البلد بكافة أنواع الأسلحة ونهبوا البيوت.. والأن نظامهم المجرم يبيع مؤسساتنا وما تبقى من بلدنا. أعداء ألداء.

    ضاع دخل البترول وضاعت المسروقات المحجوزة

    ·منذ 10 سنوات 5 أشهر
    أوضح تقرير نشرته "انفيستوبيديا" المختصة بشؤون المال عن 8 رؤساء تربعوا على قائمة الديكتاتوريين الأغنى في العالم، وكان بينهم خمسة رؤساء عرب قائمين أو مخلوعين أو راحلين، وكان أولهم معمر القذافي والثاني بشار الأسد إذ بلغت ثروة العائلة الحاكمة للرئيس بشار الأسد خلال فترة حكمها إلى 122 مليار دولار وهو رقمٌ يزيد عن نصف مجموع ميزانيات الدولة السورية منذ إستلامهم السلطة بالعام 1970 إلى عام 2010 . فالبترول ومساعدات الخليج وجباية الإعفاء من لخدمة العسكرية لا تدخل بالميزانية العامة .

    جمعة الشامى

    ·منذ 10 سنوات 5 أشهر
    باع البلاد والعباد وظنوا ان البلد مللك لعائلة الاسد
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات