كلّنا لاحظ أن حملة بشار أسد للترشح للرئاسة بدأت منذ شهرين، ولم تلقَ أيّ صدى، لا في الداخل السوري ولا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، رغم أن عدداً من ألسنة "مافيا أسد" دعت المعارضة إلى عرض مرشحيها من شريف شحادة إلى بثينة شعبان، ولسان حال السوريين يقول: (كن رئيساً كما كنت سابقاً أمراً واقعاً تحت السلاح وظروف البلاد.. والثورة مستمرة)، حتى أطلّت صفحة "معاً لترشّح معاذ الخطيب ضد بشار الأسد"، لاحظوا العنوان، "ضد" وليس "بديلا عن"! صفحة أصبح لها عشرات الألوف من المؤيدين بين ليلة وضحاها؟ ونحن نعلم أن مشاهير الـ "فيسبوك" وأحداث مهمة لم تُحصّل هذا الرقم بهذه السرعة، وهذا دلّ على قوة تنظيمها، أترك لكم التقدير، لكن مع معلومة أضيفها أن من يُحرّك "معاذ" هم مجموعة رجال أعمال يعملون بمظلّة "أسد" وعلى رأسهم حسام سكر وسامر الدبس وآخرون وخلفهم أيمن جابر، طُلب الاجتماع معي واحد منهم لم أذكر اسمه، موقفه متخفي، في بداية العام الماضي، كانت مطالبهم هي: "معاذ الخطيب في رئاسة الوزراء وبقاء النظام"! الأمر الآخر، لاحظوا في بيان معاذ أنه لم يدافع عن نفسه، لكنه دافع عن الفكرة كثيرا! كما أن هناك تضارب بين تأكيداته ببيانه باتصال أهل الحملة به، وبين تصريحاته بنفيه العلم بها! والباقي لم تنسوه بعد!
الحدث الآخر: سنتان مرت على الثورة ولم يفكر أحد من المعارضين مجرد تفكير بأن يدعو أسد للحوار، حتى جاء معاذ وطرحها بحجة إعطاء جوازات وتخفيف معاناة! وانتقلنا من لا حوار مع أسد ومنظومته إلى الاختلاف عليه، هذا "مع" وذاك "ضد"! وروّج فريق أسد لها، وحوّلها النظام الدولي إلى أمر واقع نتيجة الاختلاف! وبعد نحو ستة أشهر ذهبت المعارضة مرغمة دولياً إلى جنيف، حتى الجوزات لم يستطيعوا تحصيلها، لكن جلس الفريقان للتفاوض وأخلى العالم مسؤولياته! ومعاذ كان خارج حفلة جنيف، إذاً الرجل لا يسوّق لنفسه! واليوم معاذ بدفاعه عن فكرة الترشح ضد بشار وليس عن نفسه(!؟)، لأنه "عن نفسه" يصبح متسابقاً يسعى للفوز فله مصلحة ما، وإن اختلفت الآراء بتقييم شخصه، أمّا عن الفكرة فيصبح موظفاً مطلوباً منه تسويقها! وكل ذلك أتى بعد اجتماعه مع الإيرانيين في إيطاليا الأسبوع الماضي، ومعظم السوريين وقّعوا في فك الاختلاف هذا مرّة ثالثة، وربما بعد عدة أشهر سنجد زيداً أو عمراً يترشّح مقابل أسد بحجة (معارض من الداخل)! وسيجد المجتمع الدولي نفسه، نتيجة لاختلافنا بسبب "قنبلة معاذ"، مضطرا لاحترام النتائج! ويتحوّل أسد من مطلوب للعدالة الدولية بجرائم ضد الإنسانية الى رئيس منتخب!؟
الحالة الأخيرة التي أود الإشارة إليها كانت موقف السوريين المتراص من سلوك "البوطي" ليس لكونه البوطي، وإنما لكونه يُمثل رأس المؤسسة الدينية البديلة المزيفة التي أنشأها أسد الأب، مرّة أخرى أتى معاذ وجعل من هذا الموضوع محطّ خلاف حينما أصدر بيانه الشهير وأعطى البوطي صك براءة وفوقه أجراً واحداً بدلاً من أجرين، وكأن أنهار دماء البشر التي تجري في سوريا قضية فقهية!؟ مما عزّز دور المؤسسة الدينية المزيفة، وكبح أداء رجال الدين الثوريين، كالصياصنة والرفاعي والنابلسي والعطار وغيرهم لصالح الرأس الجديد المفتي أحمد حسون!؟
إذاً في المرات الثلاث كان معاذ هو الرجل الذي يكسر ثوابت الثورة (ثوابت الحرية) ويحوّلها إلى مسائل خلافية، كما هو مخطئ من يظنّ حسن النوايا في السياسة، يُخطئ من يظن أن معاذاً يعمل لنفسه، ويُخطئ من يظن العفوية في معاذ، ومخطئ من يظن أن معاذ يعمل منفرداً بدون مؤسسة داعمة(!؟)، ولكن واعٍ من يرى أن من أراد للأفكار الثلاثة أن تبصر النور طرحهم من خلال شخص سُني، دمشقي وإمام جامع الأمويين! وأترك لذوي العقول حق وحرية التفكير، لكن احذروا فوات الآوان...
* مالك تلفزيون أورينت
التعليقات (20)