إلّا أنه قام وبشكل مفاجئ بالتصريح لضربات جوية للمسلحين المناوئين للحكومة العراقية حيث قال في خطابه الذي نشرت نيويورك تايمز الأمريكية أجزاء منه: "ناشد أحد العراقيين العالم منذ أسبوع قائلاً إنه لا أحد يساعدنا، ولكن اليوم أمريكا ستأتي للمساعدة... من أجل وقف تقدم (الدولة الإسلامية في العراق والشام) إلى أربيل وتوجيه الضربات المباشرة إن تحركوا باتجاه المدينة ولن نقف مكتوفي الأيدي بل سنحمي مواطنينا ومرافقنا في أي مكان في العراق بما فيها القنصلية الأمريكية في أربيل والسفارة في بغداد".
وفي الوقت ذاته بدأت عمليات إمداد جوي فوري بالمساعدات الإنسانية وسط مخاوف من كارثة انسانية تحدق بعشرات الآلاف من الطائفة اليزيدية الذين فرّوا من داعش إلى جبل سنجار، ولم تصل قوافل الأمم المتحدة إلى سوريا إلا بعد ثلاث سنوات ووفاة عشرات الآلاف بسبب نقص الغذاء والمواد الطبية.
يضيف أوباما في خطابه: " تستهدف داعش الإيزيديين وهم طائفة دينية صغيرة، كما تقوم داعش بالمذابح واستعباد النساء الإيزيديّات" في سياق مبرراته للتدخل، لا شك أن داعش تمارس أنواع الجرائم جميعها والتي يدينها كل عاقل، ولكن ألم يرَ أوباما ماذا فعلت داعش في سوريا من مجازر وقتل وذبح وقطع الرؤوس وانتهاك الحرمات؟! وكل ما قام به مجرم الحرب بشار الأسد وعصابته التي تحركها إيران بتدخل مباشر وصريح واحتلال إيراني حزبلّاتي لسوريا؟
لماذا لم تحركه المحرقة الأسدية المستمرة بحق مئات آلف المعتقلين وصور أجسادهم الطاهرة المحروقة والمقطعة؟ ألم ير الأجنة المولودة من رحم الأنقاض؟ وقنصهم في بطون أمهاتهم وأطفال الحولة والبيضا وراس النبع وغيرها؟
تبقى صور هذه الإبادة الطائفية التي نفّذها ومازال الأسد وحزب الله وميلشيات المالكي بتعليمات من إيران، ماثلةً أمام أعين أطفال سوريا قبل كبارها وأمام العالم أجمع، إلا أن أوباما يستمر في كذبه وممارسته الخديعة فيضع الخطوط الحمراء وينسفها، كما فعل تجاه ضحايا الكيماوي الأسدي.
أوباما نصر الله
أمّا (فوكس) الأمريكية وفي معرض حديثها عن أسباب تدخل أمريكا في العراق قالت: "إن السبب الرئيسي هو أن الدولة الإسلامية، الجماعة المتشددة المعروف باسم داعش، حققت تقدماً كبيراً في شمال العراق الأسبوع الماضي واجتاحت الأراضي جديدة، ما يشكل تهديداً خطيراً للمصالح الأمريكية في العراق وخلق أزمة إنسانية كبرى".
يثبت أوباما وإدارته أن مقدساتهم أبعد ما تكون عن حماية أرواح البشر أو حقوقهم في الحياة وغيره من أسباب معلنة كحماية الأقليّات بل إنّ همه الأول هو نفط العراق الذي دفع بسلفه بوش إلى "حربه المقدسة".
أعلن الرئيس أوباما يوم الخميس الماضي أنّه أذن للجيش الأمريكي بتنفيذ غارات جوية محدودة ضد المتشددين الاسلاميين في العراق، تسعى جاهدة لتفادي سقوط العاصمة الكردية أربيل حيث أصدر أوامره لسلاح الجو الأميركي بتوجيه ضربات انتقائية لمسلّحي داعش، بمجرّد تحركهم في اتجاه مدينة أربيل. وتعهّد للشعب الأميركي،بـ"اليقظة"، في محاولة منه، لإزالة المخاوف التي تعتري البعض من تكرار سيناريو هجوم قنصلية بنغازي الليبية عام 2012 الذي أسفر عن مقتل دبلوماسيين أميركيين، وما زالت إدارة أوباما تدفع ثمناً سياسياً باهظاً له وسط سيل اتهامات بـ "عدم اليقظة والاستخفاف بحياة الدبلوماسيين الأميركيين.
يتم عادةً استدعاء الرعايا والدبلوماسيين الأمريكيين ومطالبتهم بمغادرة مناطق الخطر، ولكن في العراق يصبحون ذريعة للتدخل، وها هو أوباما يتعلّم الدرس من الإرهابيين الحزبلّاتيين، حين يعلن زعيمهم الأفّاق أنه في سوريا تارةً لحماية المقدسات وأخرى لحماية الشيعة في المناطق السورية المحاذية للبنان، وأخيراً يعترف بوقاحة أنه في سوريا لحماية نظام الأسد، وهو ما يضمره أوباما في حماية النفط العراقي لا شيء آخر.
التعليقات (15)