يرى المؤلفون أن "المسألة الكردية "السورية"، بمعناها الراهن من الناحية التاريخية الصرف، مشكلة تركية تساقطت آثارها في سورية أكثر مما هي مشكلة سورية وإن أعادت القوى السياسية الكردية في المراحل الزمنية السياسية اللاحقة صياغتها تدريجيا على شكل مشكلة كردية سورية (ص 15).
إلّا أن التاريخ يقول غير ذلك، وإن كانت هنالك هجرة كردية من تركيا إلى سورية، فالكرد متواجدون في سوريا منذ حقب مديدة في التاريخ، لكن اتفاقيات دولية مثل (سايكس- بيكو) قسمت المنطقة ومنها المناطق الكردية المتواجدة في تركيا وسوريا، وهنالك وثائق وكتب رصينة عديدة تثبت التواجد الكردي التاريخي في سورية، والمسألة الكردية في سورية هي مسألة (كردية سورية) بامتياز، إضافة للمسائل الكردية في إيران والعراق وتركيا، ولكل منها ظروفها وحيثياتها وإشكالاتها الخاصة بها، من خلال علاقة النظام الحاكم مع الشعب الكردي في كل جزء من كردستان.
أما فيما يتعلق بموضوع الأكراد في الثورة السورية، فيعالج الكتاب هذا الموضوع من خلال سرد مجريات التفاعل الكردي مع الثورة السورية بواقعية ومنطقية ما عدا بعض النقاط التي سنبدي ملاحظات نقدية حولها:
يسمي المؤلفون مناطق التواجد الكردي بالعراق المعروفة بـ "كردستان العراق" بمسمى "شمال العراق" (ص 135)، وهي تسمية بعثية شوفينية نربأ بالمؤلفين اتخاذ مثل هذه التسمية وخاصة بعد التطورات الهائلة التي حصلت في السنوات الثلاث الاخيرة في المنطقة.
يناقش المؤلفون البرنامج السياسي المرحلي للمجلس الوطني الكردي في سوريا الصادر في 21- 4 – 2012 والذي جاء في عدة نقاط، يرى المؤلفون أن هذه النقاط لم تتناول قضايا الشعب السوري وإنما ركزت على قضايا الأكراد، وهذه الرؤية فيها من الإجحاف واللاموضوعية ما لا يليق بكتاب بحثي أن يلجأ إليها، إذ أن البيان المرحلي تناول عدة قضايا كردية خاصة وسورية عامة منها على سبيل المثال لا الحصر: "ضمانة حرية الأديان والعقائد والمذاهب وصونها دستوريا" و"التأكيد على أهمية سلمية الثورة وتحميل النظام مسؤولية ما آلت عليه الأوضاع الحالية من مواجهات مسلحة بين الأجهزة الأمنية والجيش من جهة والمنشقين عنه من جهة أخرى"، و"التأكيد على استقلالية قرار القوى الوطنية المعارضة وحمايته من تجاذبات بعض القوى المعارضة وحمايته من تجاذبات بعض القوى الاقليمية التي قد تتضرر من الإتيان بنظام ديموقراطي تعددي ينعكس على أوضاعها الداخلية" (ص142).
يرى المؤلفون أن "الحزام العربي" أسطورة أكثر منه حقيقة، واستثمر لغايات سياسية ابعد منه. وقد يكون المؤلفون صائبون – بدرجة ما – في مسألة استغلال الأحزاب الكردية لموضوع الحزام العربي ، لكن للحقيقة نقول: لم يكن الحزام العربي مجرد أسطورة قط ، فقد لجأ البعث الحاكم في سوريا وفي ظل نظام حافظ الأسد الى زرع الفتنة بين العرب والأكراد عبر إسكان المواطنين العرب من الرقة الذين غمرت أراضيهم بمياه نهر الفرات ومنحهم أراض زراعية كانت تعود لمواطنين كرد في المناطق الحدودية المتاخمة لتركيا دون تعويضهم.
إن البعد السياسي التمييزي واضح في مشروع الحزام العربي، وها هو النظام الآن يلجأ إلى موضوع الفتنة وإثارة الخلافات القومية والطائفية بين مكونات الشعب السوري لكي يمد في عمره الدكتاتوري إلى أجل غير مسمى.
التعليقات (5)