تناولت شبكة (سي إن إن) الأمريكية مخاوف البعض من فقدان المجتمع الدولي اهتمامه بالصراع المميت في سوريا، فتحدثت تحت عنوان "هل تذكرون سوريا؟" عن الصور التي قدمها الشاهد سيزر لجثث ممزقة الأطراف من جذورها وأخرى مقتلعة العيون أو أجساد يبدو عليها آثار الصلب، ولكن مع تصاعد الأزمات في الشرق الأوسط وشرق أوكرانيا، هل لا يزال العالم مهتماً بسوريا التي تأنّ تحت وطأة أعنف الصراعات في التاريخ؟".
تقول (الشبكة) الأمريكية: "وثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان 1600 قتيل في 10 أيام فقط في يوليو/تموز وأكثر من 115000 شخص قتلوا منذ بدء الانتفاضة ضد نظام بشار الأسد في مارس/آذار 2011. وقال متحدث باسم الامين العام للأمم المتحدة إن المسؤولين يواجهون بعض المشاكل في الحصول على أرقام موثوق بها ولكنهم سيقومون بتحديث الأرقام هذا الشهر". وتوضح بتهكم: "يمكن للأمم المتحدة التلكؤ في تتبع الأرقام، ولكن الناس لا يزالون يقتلون".
وتتباع الشبكة الحديث عن الصور "الفظيعة" التي كشف عنها رجل يعرف باسم (سيزر) حيث "أدلى بشهادته أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الامريكي في 31 يوليو/تموز، ووصف سيزر نفسه بأنه منشق عسكري سوري كُلّف من قبل نظام الأسد بالتقاط صور المعتقلين الذين قُتلوا. وقال انه استطاع تهريب حوالي 50000 صورة خارج البلاد التي مزقتها الحرب".
وقال البيت الأبيض إن الصور "تدل على سياسة التعذيب والقتل التي ينتهجها نظام الأسد على نطاق كبير"، وقال رئيس اللجنة النائب (إد رويس) والنائب الديمقراطي (إليوت إنجل) إن الصور قد روّعتهما، "نريد أن نحيد النظر بعيداً، لكن يجب علينا عدم فعل ذلك"، وأضاف (رويس): "لن ننسى أبداً الشعب السوري"، ولكن مناصري القضية السورية يقولون إننا نسينا بالفعل!
إن عدم التفات المجتمع الدولي إلى ما يجري في سوريا، يسمح لكلٍ من نظام الأسد وداعش بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وهناك قلق حقيقي من أن الذبح اليومي الذي يرتكبه نظام أسد أصبح مقبولاً من قبل المجتمع الدولي بحكم العادة.
قال المدعي العام الأمريكي (اريك هولدر) في يوليو/تموز إن الأميركيين بحاجة إلى اتخاذ تهديد (داعش) على محمل الجد، معرباً عن مخاوف من وصول تأثير الجماعة إلى الغرب، ويسأل (آل تومكينز) من معهد (بوينتر) للصحافة: "كيف سمح المجتمع الدولي لما يقرب من 3 سنوات ونصف من الصراع في سورية أن تنزلق من أولوية اهتماماتهم؟" وأضاف: "هناك عدد من الأزمات الدولية الكبيرة في نفس الوقت وأكبر ما يحدث هو أزمة حماس وإسرائيل، ثم قصة إطلاق النار على طائرة في سماء أوكرانيا، أمّا القصة سورية فمازالت مستمرة، ولكن غياب القصة السورية عن صدارة الأخبار لا يعني أنها أقل أهمية".
ويقول (باولو بينيرو)، رئيس اللجنة الداخلية في الأمم المتحدة للنظر في انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، وهو أحد المصابين بخيبة أمل: "ما نصرّ عليه هو أنه إذا لم يتم تطبيق المساءلة في هذا الصراع، فهذا عدم احترام للضحايا وللسكان المدنيين الذين يدفعون ثمن هذا الصراع".
كما اعترض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في مايو/أيار على إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية، والذي كان يمكن أن يكون الخطوة الأولى في تقديم المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا إلى العدالة.
بدأ الاهتمام بالشأن السوري يعود ببطء، فبعد شهادة (مجموعة بينيرو) الأسبوع الماضي، أدان مجلس الأمن شراء النفط من "الجماعات الإرهابية" من سوريا والعراق، وقال إنه يعتقد أن المال من هذه المبيعات يغذي تنامي (داعش)، كما أذن مجلس الأمن بشحنة المساعدات الإنسانية إلى سوريا دون موافقة حكومتها.
وأعلن وزير الخارجية الامريكية جون كيري الأسبوع الماضي أن الولايات المتحدة ستقدم 378 مليون دولار إضافي للمساعدة في دعم السوريين.
وأنهى (تومكينز) حديثه بأن "قيام (سيزر) بتقديم هذه الصور تساعد على إعادة الحياة إلى القضية السورية، فالقصة التي لا تحوي صوراً تضيع، وطالما انتشرت صور سيستمر السرد، وبذلك يمكن لها البقاء في مقدمة الأخبار".
التعليقات (12)