هل تخلى العالم عن خشيته من البديل "المتطرف" إذا سقط الأسد؟!!

هل تخلى العالم عن خشيته من البديل "المتطرف" إذا سقط الأسد؟!!
كانت الحجة الدائمة التي تقال من أصدقاء الثورة قبل أعدائها: نريد إسقاط نظام الأسد لكن نخشى من البديل.

صدق نظام الأسد الكذبة فعمل على تظهير هذا الخوف بأفضل صورة ممكنة. حاول منذ أسابيع الثورة الأولى أن يقول للعالم، وللغرب تحديداً: لن يكون البديل في حال سقط هذا النظام (العلماني) سوى متطرفين إسلاميين وقاعدة.

كانت عظام فكي بثينة شعبان مستشارة الأسد، ترتجف وهي تتحدث لوسائل الإعلام الغربية عن البديل المتطرف، الذي يهدد وجود الأقليات في واحة التنوع العرقي والإثني: سوريا.

كانت تتساءل في خوف درامي مفتعل، عندما يلمح أحد من محاوريها بأن هذه (ثورة) أو (احتجاجات شعبية): هل سيسمح الغرب المسيحي بتهجير مسيحي الشرق؟!

وكان ميشيل عون والبطريرك بشارة الراعي يشاطرانها هذا الخوف الدرامي... بنفس الدرجة من الإيمان العميق بأنها: كلام باطل يراد به باطل أكبر اسمه: دعم نظام الأسد الغارق بدماء شعبه، وتلميع صورته العلمانية الزائفة!

كان الغرب يدرك جيداً أن التخويف من المتطرفين هو ذريعة للتهرب من الاستحقاقات التي فرضتها الثورة الشعبية ضد نظام استبدادي، حولت فيه عائلة الأسد المستأثرة بالسلطة منذ أكثر من أربعة عقود، سورية من جمهورية إلى ملكية، ومن وطن إلى مزرعة.... والكرامة الإنسانية إلى ضرب من ضروب الخيال... لكن هذا الإدراك لم يمنع الغرب في لحظة سأم من مطالبات المعارضة أن يسأل السؤال الذي يعرف إجابته: وما هو البديل إذا سقط الأسد حقاً؟!

آمن نظام الأسد بفكرة (البديل المتطرف) حتى عمل على صناعتها وتهيئة الأجواء لها، بشكل معلن حيناً، وبتواطؤ ضمني حيناً آخر!

أُعطي الوقت الكافي من كل من كانوا يتفرجون على المتظاهرين السلميين وهم يقتلون ويُسحلون في الشوارع، لصناعة ما يبدو أن الغرب (يخشاه) حتى صار الوهم حقيقة... وكما فعلت فيروز في مسرحية (المحطة) حين حملت حقيبة سفر ووقفت في حقل بطاطا وقالت للناس: إن هذه محطة ترين... ثم انساق الناس بالوهم حيناً والانتهازية المصلحية حيناً حينا حتى صارت حقلة البطاطا محطة، أو كما كتب عاصي الرحباني: (الانتظار خلق المحطة وشوق السفر جاب الترين)!

كان شوق النظام للعدو المتطرف الذي يستعرض علمانيته الزائفة على خلفية أفعاله وشعاراته، لا يقل إيماناً بأنه سيأتي... سيسمع صوت هديره، كما سمعت فيروز صوت القطار وضجيج الناس في المحطة في آخر المسرحية... بل وسيصبح واقعاً وسيراه الجميع، حتى لو اتهمونا بالكذب بالبداية!

أبيحت حدود (سوريا الأسد) عن عمد، تم استفزاز مشاعر الناس بمجازر وحشية لم توفر حتى الأطفال في أحضان أمهاتهم وآبائهم... السجناء الإسلاميين الذين أخرجوا (وحقهم أن يخرجوا ولا جدال في ذلك) حقنوا على مر سنوات السجن باستفزازات يومية مقصودة لعقيدتهم ودينهم، كي يخرجوا على أشد صور التطرف والإيمان بكفر النظام وتكفير كل من يواليه...  وساهم صمت العالم المتحضر وغير المتحضر في سد منافذ الأمل أمام السوريين كما يريد الأسد تماماً، ثم قال أبواقه وأجهزة إعلامه بالإحساس الدرامي المفتعل ذاته: ألم نقل لكم؟! هل صدقتم؟!  

حسناً... صار البديل المتطرف ماثلا للعيان، وانهكمت وسائل الإعلام الغربية بتسقط أخبار وفيديوهات (داعش) بكل ما أوتيت من شهوة للأثارة. أكثر من ذلك... تمددت داعش فوصلت إلى العراق، وأعلنت أنها ستهجر مسيحيي الموصل وهجرتهم.. فأين ذهب خوف العالم من التطرف؟!

كذب الأسد حين اخترع (بعبع) التطرف في وقت كان فيه غياث مطر يقدم الورود لجيش الأسد، فيعتقل وتنزع حنجرته ويموت تحدت التعذيب، ويأتي سفراء دول غربية لحضور عزائه، كما ذهبوا من قبل لأكثر المعاقل التي يمكن أن يدعي الأسد أنها ستحضن التطرف: (حماه) فرأوا بأم أعينهم نصف مليون متظاهر يهتفون للحرية والكرامة، ويستقبلون سيارات السفراء بالورود أيضاً!

لم يُعاقب الأسد على كذبه... وظل العالم المتحضر يخشى بديله المتطرف إن سقط.. وظل لافروف يتحدث بعقلية المندوب السامي عن حماية الأقليات، ويعلن خوفه على (معلولا) وتُركوا لنظام الأسد كل الوقت لاستجلاب كل قوى التطرف الشيعي بشعاراتها وصورها الطائفية الهيستيرية، كي تقتل (النواصب) وتلعن (أحفاد بني أمية)، وتستنبت نقيضها المضاد وأتت..... وراحت تحارب كل (القوى المعتدلة) كما يسميها الغرب... فلماذا سيبقى الأسد إذاً، ما دام بقاؤه لم يعد يستطيع حماية سورية من "البديل المتطرف" الذي كان يخشى منه؟!

هل تخلى العالم عن خوفه على "التنوع" و"الفيسفساء" وحماية الأقليات من القاعدة ومما يقول أنها  "سكاكين المتطرفين" التي ستجز الرؤوس؟!

هل ابتلع قلقه على مسيحي الشرق من التهجير... وقرر بابا الفاتيكان أن يحتسب لله ونعم الوكيل، فيما جرى وسيجرى؟!

لماذا هذا الصمت على بقاء الأسد، وهذا الإصرار على إبقائه بمتطرفين أو من دونهم؟!

ولماذا على السوريين أن يدفعوا فاتورة الخوف من قدوم بديل متطرف، أو عدم الاكتراث بقدومه، عبر بقاء الأسد حارسا على خراب وطنهم في كلتا الحالتين؟!

أتراه مكلف أن  يكمل مهمة التدمير حتى النهاية... والتطرف لا يخيف أحداً؟!

• رئيس تحرير (أورينت نت)

التعليقات (2)

    مأمون

    ·منذ 9 سنوات 9 أشهر
    مقالة رائعة وتحليل دقيق

    نتائج الربيع

    ·منذ 9 سنوات 9 أشهر
    اقسم للأستاذ محمد منصور بكل ما اومن بان الله سيجعل لهولاء الذين تسميهم العالم المتحضر اسودا تهرشهم هرشا طال الزمان او قصر.. فإن سكوتهم المخزي على الطاغية وازدواجيتهم الواضحة مع الشعوب والامم لاكبر خزي في جبينهم انهم العالم المحتقر وليس المتحضرهم سكتواعن الاسد وحوروا ماشائوا ان يحورواولعبوا اللعبة الشيطانية ولكن التاريخ ما رحم اسلافهم حتى يرحمهم ويتركهم لالعابهم المخزية .
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات