رمضان والسوريون في فرنسا: صراع السياسة والشعاثر والهويات!

رمضان والسوريون في فرنسا: صراع السياسة والشعاثر والهويات!
لا جالية سورية كبيرة في فرنسا عموماً ومدينة باريس خصوصاً، لذلك نجد شهر رمضان بالنسبة للسوريين في فرنسا، ليس له نفس الخصوصية مثلما هو لدى باقي الجاليات الإسلامية، وخاصةً المغاربية منها التي يجمعها مسجدها المغربي الكبير... ولكن هذا لا يعني غياب عناصر التميز و الطرافة ، لدى السوريين كلياً... وخاصةً خلال الثلاث سنوات المنصرمة من عمر الثورة السورية المجيدة، وإذا كانت غالبية السوريين يعتبرون خصوصية جوهر رمضان حضارية وشعائرية صرفة، هناك جزء يعتبرها من السوريين طقس ثقافي، وجوهره أقرب للإسلام الأوربي، إن صح التعبير، إسلام يمزج بين خصوصية الثقافة الأصلية، مع قدرة على الاندماج مع هوية البلد المضيف.

تراجيكوميدية...

الكثير من السوريين في رمضان يقصدون المطاعم السورية المنتشرة في باريس، على قلتها لكنها انتعشت مؤخراً، بفضل الهجرة التي تبعث على الحزن والسعادة في آن واحد، الفنان التشكيلي السوري خالد الخاني، خلال حديثه إلى صحيفة"أورينت نت"، يعتبر الانتقال إلى المطعم السوري في حي "ستراسبورغ" الباريسي، بين الفنية والأخرى، ضرورة غريزية ومطلب للتوازن النفسي، وخاصةً في رمضان، حيث يكون لثقل الغربة وطأة شديدة الثقل.وإذا كان راود هذه الأمكنة من المثقفين وأبناء الطبقة الوسطى السورية، اعتادوا على الأخبار الآتية من الداخل السوري، ولكن لرمضان هذا العام جروح لا تندمل، استنفدت كل ما بقي برصيدهم من معنويات، أخبار لم تطيح فقط بحلم القضايا الكبرى، ولكنها أطاحت بسوريا كلها، نتيجة جنون آلة حرب النظام.

حينما تتجول في شهر رمضان في الأمكنة التي يرتادها السوريين لا تحتاج لطرح الأسئلة، وجوه الناس الغائبة عنها البسمة كافية لتجيب على كل تساؤلاتك، النكبة حاضرة في كل وقت، ولكن في رمضان الجرعة تمسي كارثية، وهذا يبدو جلياً للعلن من خلال الأحاديث الجارية والمتبادلة فيما بينهم. ولكن التأثر والموقف النفسي لا يجد تعاطفاً عند قسم آخر، تجد التعليقات الساخرة لديهم، حاضرةً وهو يتابعون كأس العالم بشكل طبيعي، وتجد صيحات الفرح حاضرةً بكل وقاحة، وهو ينشر صوره على شبكات التواصل الاجتماعية من هذه الأمكنة، وكأن لا شيء يحصل، ولو من باب التعاطف الشكلي أقل المنسوب الطبيعي المطلوب، من أناس يدعون تنبي هذه القضايا.

ورمضان السوريين في باريس، لا يمر من دون قصد الأسواق العربية التي لها بهجتها الخاصة في هذه الأوقات من السنة، حيث نجد في برباس ولاشبيل وستراسبورغ وغير من الأحياء التجارية العربية، وجوه سورية كثيرة تقصد هذه الأسواق بغية الحصول على الأشياء التي تميز المائدة السورية، وبأسعار أقل بكثير من غيرها.

إسلام شامي بلا شوائب!

لا يفسد الصيام الطويل في فرنسا، والذي يصل15ساعة، مضافاً له يوم عمل صارم، بهجة السوريين في رمضان، بل يعتبرونه فسحة للابتهاج، وزيادة جرعة التكافل والتضامن فيما بينهم، وخاصةً في المدن الصغيرة، في مدينة رانس الفرنسية والتي تبعد ما يقارب ال150كلم عن العاصمة الفرنسية-باريس-نجد أن السوريين المقيمين في هذه المدينة، يجدون في رمضان فرصة للإفطار الجماعي، ولكن عند السوريين، يتخذ لبوس الإفطار الجماعي صفة حميمة لا تجدها لدى باقي الجاليات المسلمة، العوائل السورية تتبادل الأدوار في إعادة وجبات الطعام واستضافة بعضها بعضاً، على مدى الشهر الكريم، تجد الإسلام الشامي لديهم، خالي من شوائب اللجوء إلى صراعات الهوية المهزوزة التي تجدها لدى باقي الجاليات المسلمة، ولا هو وسيلة لإشكالية تواصل الهويات، بل هي طقوس تحاول استحضار أجوائه في دمشق وحلب وغيرها من المدن السورية.

محمد المحمد، أكاديمي سوري يقيم ويعمل في مدينة رانس الفرنسية، صرح لصحيفة "أورينت نت" قائلاً: "من الأشياء التي تعين السوريين على مواجهة شهر رمضان هنا على الرغم من قساوته الزمنية والمعاشية وخاصةً بظل نكبتنا كسوريين، هي وسائل التكافل عبر الإفطار الجماعي/العائلي"ويضيف"الفرنسيين يتفهمون طقوس المسلمين بشكل كامل، لذلك هم يعتبرون من الأكثر المجتمعات الأوربية، احتراماً لشعائرنا، لذلك لا يفاجئون حينما نصوم ونؤدي طقوس شعائرنا ، ونقصد المصليات بعد الإفطار".

ويبقى القاسم المشترك بين تنوع الجالية السورية، الحنين إلى روح الألفة والمشاركة في مدنهم وبلداتهم ومكانهم الأم، فيلازم صيامهم الشعور بالحنين إلى هذه الأمكنة والأسى والحزن لبعدهم القسري عنها.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات