مسلسل (قلم حمرة): الدراما كمكياج لوجه قبيح!

 مسلسل (قلم حمرة): الدراما كمكياج لوجه قبيح!
أفترض أن الناس - أو بعضهم - صدقوا ما كتبه البعض على شبكات التواصل الاجتماعي وتحديداً "فيس بوك"، فيما يخص مسلسل "قلم حمرة"، الذي يجب أن يكون المسلسل من أهم ما أنتجته الدراما السورية، خلال عقود من إرثها التاريخي، إن صح التعبير، حيث وصفه أحدهم بأنه: "شكل درامي إبداعي وفني، ومختلف بالأدوات والأساليب"، وهو شيء يدعو إلى السرور والابتهاج والإقبال على المتابعة، للجمهور والنقاد على حد سواء.

دراما اللا ثورة.. واللا أزمة!

لا أحد يستطيع نكران ما تعانيه الدراما السورية من صعوبات، ولكن هذه الصعوبات ليست بالحجم، الذي يعفيها من الاشتراطات المنتجة، حيث أنها دخلت المنافسة هذه السنة بموازنات ضخمة تفوق مثيلاتها في السابق، وعلى لسان صناعها في تصريحاتهم لوسائل الإعلام، وعودة العديد من الممثلين إلى سوريا، وبقي العائق الوحيد أمامها، أماكن التصوير التي اعتمدت على أماكن مخصصة مسبقاً، او ذهبت للتصوير في لبنان أو حتى استوديوهات الإمارات... لذلك فإن الحديث عن الصعوبات لن ينفعها في حال محاكمة تواضع نتاجها على صعيد المنافسة، كماً ونوعاً، ولا بد من تخطي عوامل التعويل على التمويل والهيمنة السلطوية لصالح دراما تشبه الناس.

وحينما نقول أن سوريا تعيش ثورة، لا أجد ملمحاً هنا أو هناك في مسلسل "قلم حمرة" بعد مضي عرض أربع حلقات منه حتى الآن، لا يخبرنا أن شيئاً تغير هنا أو هناك، ما زالت الكوادر التلفزيونية المملة نفسها تعرض نفسها مراراً وتكراراً، تقليد لا يحمل شيئا جديدا لا بالشكل ولا بالمضمون، وكأن آلاف الصور البصرية والحسية التي مرت في سوريا، ليست موجودة هنا، ولا زالت الكوادر تشهد نزوحاً لا مثيل له للثرثرة التي تعاني من غياب السيناريو، لصالح صوت المؤلف، وارتجال الممثلين العبثي، الذي يحاول أن يقول كلامياً وبشكل مباشر وفج وضبابي، ما تعجز اللغة البصرية عن تقديمه كشريط درامي يسترعي توافر أدوات قوله.

حاتم علي والمقولات الترويجية!

ويبقى الحديث عن شخص يدعى حاتم علي، الذي يوصف بأنه رجل مغامر ومتحمس وذكي، لكنه في العمق لا يحمل شيئاً مميزاً عن الأجيال السابقة.. لا من حيث الغنى ولا التنوع ولا الجرأة في قول الواقع، سوى إلمامه العصري بتطور التقنيات، ويبقى للمسة الجيل القديم، إن صح التعبير، نفس الحضور والملامح. لا نجد شخوصا تشبه الناس التي ثارت، وكأن سوريا عبارة عن هوس بمغامرات الزواج والطلاق والتأمين الصحي والاجتماعي، أشياء تلفزيونية، تشبه تناولك لوجبة من كنتاكي، وتبقى المنطقة الخاصة في سوريا بعيداً عن حساسية اكتشفها بتناقضاتها وارتباكاتها وتعقيداتها، وظلم من يحتل ناسها، لا رؤية لسورية التي ولدت من مخاض عسير.

لا نريد من المخرجين والممثلين وكتاب السيناريو، مشاركة الناس السجون والأقبية الأمنية، ولا نريد منهم أن يعيشوا في مخيمات اللجوء، ولا أن يعيشوا ظرفية انعدام المرافق والخدمات العامة، ولا فقدان ذويهم خلال المظاهرات والقصف العشوائي من قبل آلة حرب النظام، نريد منهم على الأقل تصوير سورية الحقيقية، كعطل وضرر عن ما أصاب البلد والناس، لا أن يبقوا في حكم دائرة الإنتاج السلطوي مع لمحات واقعية لا تتعدى كونها مكياجا لوجه قبيح.

دراما خذلت المرحلة!

لا شيء يبرر هذا الخذلان في مسلسل جنحت وسائل الإعلام إلى توصيفه، انه الأقرب إلى تصوير الواقع السوري، سوى أن النزعة الاستهلاكية، التي ما زالت مسيطرة على المزاج الدرامي، واستهلاك ضمن مواصفات ما يسميه الناقد السوري راشد عيسى"دراما تحت سقف الوطن"حيث أن الموضوعات الكبرى تختزل بشكل هامشي وسطحي، إنه شكل من أشكال الاحتيال الانتقائي على المتلقي، إنه شراكة بين السلطة والدراما من أجل طرح وجهة نظر السلطة، وتغييب وجهة نظر الناس. الناس الذين صنعوا حيوات جديدة تبقى الدراما في أمكنة تنأى بنفسها عن تلمس حضورها، حتى لو كان على شكل مقاربة للتخوم.

بعيداً عن أي شكل من أشكال التجريب والتجديد، يعرض مسلسل "قلم حمرة" في حلقاته الأربع الأولى، شخصيات من الطبقة السورية الوسطى، تلك الطبقة غير المنتمية، التي لم يعول عليها في ثورة أبناء الظل، السيناريو هنا، يصف أزواجا يعيشون أزمة عاطفية بعد برود علاقاتهم، ومثقفين مأزومين، وشبابا جامعيا يبدو أنه يبحث عن فرص دراسية ووظيفية لا أكثر... وعلى الرغم من وصف الممثلين المشاركين أنهم نجوم، إلا أن لهؤلاء النجوم الذين صورت أغلب مشاهدهم في الحلقات الأولى في أماكن مغلقة، أداء لا يمكن وصفه بأكثر من تعبيرات: (فاشل) و(مثير للسخرية) ويحمل قدرا غير قليل من فقدان النضوج، إن تجنبنا استعمال تعبيرات سوقية تليق بهذا الاستسهال الفني.

قصص عادية ممكن أن تحدث في أي مكان في العالم، زوج وزوجة تتأزم علاقتهم العاطفية، شاب يحب شابة، لمحات بوليسية يمكن أن تحدث في البلدان الكاريكاتورية مثل إيران أو كوريا أو حتى العراق، لا خصوصية لأي شيء، وصفة جاهزة لشريط درامي غير ناجز، انه يشبه طلب بيتزا أو معكرونة للأكل السريع.

الناس الذين لا يشبهوننا!

لا يمكن لأي صحافي أو ناقد، أن يصف عمل المخرج حاتم علي الأخير، المدعي التجديد بالأدوات والأساليب، أنه مس بأي مقدس من مقدسات حكم الأسد بصفحتيه، لا حديث عن السياسة لا حديث عن السلطة لا حديث عن الوشائج الاجتماعية السورية، وتبقى الأعمال التي برزت سابقاً له، شكلاً من أشكال مهادنة السلطة وهذا العمل يدخل في نفس السياق، والزواج بين السلطة والدراما لا ينتج عمل يحمل اللهفة والشوق للناس الذين يشبهوننا.

لا أمل للدراما السورية في الخروج من الظل إلى النهار من خلال مسلسل"قلم حمرة"، ويبقى الواقع السياسي والاجتماعي الجديد، خارج سياقات تلمسه، ورغم هذا يبقى لهذه الدراما الهزيلة نقاد وصحفيون من صحف البترودولار الإيراني، للزوم التطبيل والتزمير.

التعليقات (11)

    بنت الشام

    ·منذ 9 سنوات 10 أشهر
    شكرا أورينت نت.. أداؤكم رائع في نقد دراما رمضان فلا تقصروا في فضحهم أرجوكم ولا بارك الله في دراما تخون دماء شعبها بالقصص التافهة!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

    صخر الحاج حسين

    ·منذ 9 سنوات 10 أشهر
    شكرا أحمد................. مقال جميل

    سمية العبدلله

    ·منذ 9 سنوات 10 أشهر
    كمان ماعندكم حرية ؟ بتقرأوا التعليقات قبل نشرها ؟ ياعيبو

    سمية لعبدلله

    ·منذ 9 سنوات 10 أشهر
    المقال عفوي وطفولي . الكاتبة تحدثت عن الدمار النفسي للإنسان , دمار المعتقلة في المعتقل والخارج . يبدو ان كاتب المقال لم يعرف أن النص يتحدث عن زمنين , زمن الاعتقال هو الزمن الجديد , وزمن الحياة الطبيعية هو الفلاش باك ,. ثم أن الكاتب حر يرى الواقع من الزاوية التي يريد .. يم مشهدي نقلت واقع الإنسان وآثار الحرب النفسية عليه .. ليس من الضروري ان تصور المجتمع الخارجي والقصف والمظاهرات .

    سمية العبدلله

    ·منذ 9 سنوات 10 أشهر
    المقال عفوي وطفولي . الكاتبة تحدثت عن الدمار النفسي للإنسان , دمار المعتقلة في المعتقل والخارج . يبدو ان كاتب المقال لم يعرف أن النص يتحدث عن زمنين , زمن الاعتقال هو الزمن الجديد , وزمن الحياة الطبيعية هو الفلاش باك ,. ثم أن الكاتب حر يرى الواقع من الزاوية التي يريد .. يم مشهدي نقلت واقع الإنسان وآثار الحرب النفسية عليه .. ليس من الضروري ان تصور المجتمع الخارجي والقصف والمظاهرات .

    فؤاد

    ·منذ 9 سنوات 10 أشهر
    مو بكير للحكم عالعمل بكل ماسبق ، برأي الكاتب هل 4 حلقات كافية للحكم على عمل سيكون على الاغلب مو اقل من 30 حلقة ، يعني لسا ثلث المسلسل ما نعرض ، برأيي حكم متسرع على العمل ، انا متابع جيد للدراما السورية مسلسلات يم وحاتم خاصة ، اعترف ان المسلسل ما شدني لسا لكن برأيي بكير عالحكم ...

    لارا

    ·منذ 9 سنوات 10 أشهر
    منين رح تجبلك احداث ثورية اذا بأول حلقة كتبولك ٢٠١٠ يعني اللي ما انتبه انو الاحداث كها اللي عم تتذكرها ورد هي قبل اندلاع الثورة يبقى لا يعملي حالو ناقد رجاءً

    سوري ومكتر

    ·منذ 9 سنوات 10 أشهر
    لأ حلو التبرير يا لارا... بنكتب 2010 منشان نهرب من استحقاقات المرحلة الراهنة؟! على أساس عم يوثقوا تاريخ ما فيهن يلعبوا فيه؟ يعني لو حطوا 2012 شو كانت اختلفت المعطيات غير انها عملية هروب مقصودة لقصص بلا إطار زمني محدد؟؟؟؟

    سام عبد المسيح

    ·منذ 9 سنوات 10 أشهر
    شكرا لنقد دراما رمضان، لكن اعتقد ان هذا المقال غير موضوعي. بحاجة إلى تطوير، اما بخصوص الاخت سمية، أكيد لازم يقرأوا العليقات كرمال الألفاظ الخارجة عن التهذيب، والمعادية للسامية او غيرها..وهاذا حق طبيعي مشروع.

    متابع

    ·منذ 9 سنوات 9 أشهر
    بدي اسال الولد الي عم يمثل ابنها لورد(سلافة معمار) هو ابن سلاف فواخرجي ووائل رمضان ..اذا ابنها عن جد عيب عليك يا حاتم علي

    حسام

    ·منذ 9 سنوات 9 أشهر
    المسلسل تحدث عن طبقة معينة .. نعم لم يصوّر كل آلام المجتمع السوري لكن تصوير كل الآلام المواجع صعب جداً ومحارب وربما لن يخرج إلى النور أي عمل متكامل من هذا القبيل برأيي يكتر خيرن من جهة تانية الدعوة للشذوذ والفلتان الاخلاقي هاي شي مشين بالمسلسل ويا ريتو ما كان

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات