صروح العلم يعصف بها جهل الائتلاف

صروح العلم يعصف بها جهل الائتلاف
أسفي على حكومةٍ شاكتها خيوط العنكبوت وحالت عقولها لصفوان تذريه الرياح ،إن من يراقب عمل هذه الحكومة المزعومة يصعق من هول الجهل الذي يتمتع به القائمين عليها ، واخص بالذكر المسؤولين عن التربية والتعليم ،فمجال التعليم يعتبر اهم جانب من جوانب الحضارة والتقدم لأي شعب على سطح هذه البسيطة ،ودول العالم تولي التربية في جميع مراحلها منزلة لا تدانيها منزلة في الاهمية والمرتبة .وتحاول تقديم كل الوسائل التي تخدم الطالب وتساعد على إيصال المعلومات والارتقاء بمستواه العقلي والعلمي ،وزيادة على ذلك تأمين الراحة والاستقرار النفسي لهؤلاء الطلبة بحيث يتم التخلص من جميع المعوقات التي تحول دون نبوغ طاقات وابداعات الطلبة.

تسخر دول العالم كل الوسائل العلمية من ابنية ومخابر ومعدات تكنولوجية حديثة ،ويضاف الى ذلك رصد مبالغ طائلة تصل الى حد تعجز عنها ميزانيات دول كبرى ،كل ذلك من اجل إعداد جيل يتمتع بفكر ونهج علمي يتناول مسألة العلم كمسألة عالمية يجب على كافة المجتمعات الإسهام في تطويرها ،وذلك لخدمة الانسانية جمعاء.

إن الكلمات التي وردت في هذا النص ليست مستقات من وحي الخيال ،وإنما هي حقيقة واقعة بذل في سبيلها الكثير من الجهد ،وهنا لابد من طرح بعض التساؤلات التي تمس الواقع الاليم للشباب السوري الذي عانى ما عاناه في ظل نظام حارب العلم على مدى عقود ،باستثناء بعض المجالات التي تخدم فكره واجنداته. ولذلك نقول اين نحن من كل ما تقدمه البلدان المتقدمة لطلابها ؟واين ائتلافنا وحكومتنا المؤقتة من كل ذلك ؟ وما هو مستوى طلابنا العلمي ؟وما هي درجتهم بين طلاب العالم؟ ماهي الخدمات والتسهيلات المقدمة لهؤلاء الطلبة من قبل ممثلي الشعب السوري ؟وما هي الاسهامات العلمية التي حققها كلاً من جامعاتنا وطلابنا على المستوى العالمي في ظل حكم آل الاسد وحكم ائتلاف المعارضة ؟ وهناك اسئلة كثيرة تطرح نفسها في هذا المجال.

نشأ الطفل السوري في مدارس البعث وترعرع على مناهجه وشعاراته الخلبية الخالية من كل مضمون علمي ،وتنقل بين المراحل التعليمية التي كانت غايتها تمجيد الاب القائد للحزب والدولة ،وتحولت الجامعات السورية الى ابنية فقط ، حيث حيدت عن اهدافها وعطلت على مدى عقود عديدة .إن كل ذلك كان مدروساً بدقة ومقصود منه ابعاد الشاب السوري وتغييب فكره عن كل تطور بناء ،وللأسف بعد اكثر من ثلاث سنوات على بدء الثورة لم تستطع المعارضة تقديم خطة واضحة وصريحة للنهوض بالجانب العلمي للطلبة السوريين المشردين داخل سوريا وخارجها ،وحتى اننا نستطيع الجزم بأنه لا توجد نية صادقة في هذا المسار.

عندما ثار الشعب ضد نظام الاسد ،حلم شبابه بمستقبل افضل يمكن ان يتحقق على ايدي رجال طالما تباكوا على هذا الجيل ومستقبله ،كما أملوا بإعادة بناء الدولة ومؤسساتها لتكون شريكاً حقيقياً في تقدم العالم علمياً وحضارياً ،ولكن الحقيقة مرة والواقع حالك الظلمة ،فما يعانيه الطالب السوري اليوم لا يمكن وصفه بكلمات في ظل غياب تام لرجال ومؤسسات المعارضة السورية في الداخل والخارج ،وصار بهم كالذي انتقل من تحت الدلف الى تحت المزراب ،وهو مثل شعبي يتم تداوله كثيراً بين السوريين عند الحديث عن نظام الاسد والمعارضة الخارجية.

لقد تشتت المجتمع السوري وشبابه في دول الجوار ولم يعد هناك مدارس وجامعات تستوعبهم لإتمام تأهيلهم العلمي ،بل على العكس من ذلك اصبح الطالب السوري محارباً من الصديق قبل العدو ،فها هو الائتلاف وحكومته المؤقتة تقف عائقاً امام ابناء سوريا بدلاً من تأمين كل مستلزماتهم التعليمية من مدارس ومعاهد وجامعات و....،وهو ما امل به الطلاب السوريين منذ بداية الثورة ،إذ كثيراً ما نسمع بقرارات وتصريحات ادلى بها احد قادة الائتلاف وزيارات للطلاب السوريين قام بها وزير التعليم في الحكومة المؤقتة ،وكل ذلك في البداية والنهاية للاستهلاك الاعلامي وتعريف السوريين على شخصيات تمثلهم لم يعرفوها من قبل.

ما يزيد من مأساة الطلاب السوريين ليس عدم مساعدتهم من قبل الائتلاف وحكومته ،وإنما فشل الاخيرين وبعدهم كل البعد عن المجال العلمي ،فجميع المدارس والجامعات السورية الموجودة في الاراضي المحررة ودول الجوار تأسست بجهود فردية ودعم خاص لم يشارك به ما يسمى الائتلاف والحكومة المؤقتة لا من بعيد ولا من قريب ،ليس هذا فقط وإنما اخذوا يتطفلوا على تلك المؤسسات ويضعوا العراقيل امامها لأسباب غير معروفة ،وهنا لابد ان نقول لهذه الجهات اين مشاريعكم البديلة التي يرنو اليها كل طالب سوري ؟وإذا كانت موجودة فلماذا لا تطبقوها على ارض الواقع ؟ ام هدفكم زيادة جهل وتشتيت هذا الجيل اكثر مما وصل اليه؟

أملنا بعد تمثيل الثورة بجسم سياسي وحكومة ان تذلل الصعاب امام الطلبة السوريين المشردين ،وان تقوم هذه الجهات بمساعدة المؤسسات العلمية الموجودة على الارض من مدارس وجامعات ،وتقدم لها الرعاية والتوجيه الصحيح بدلاً من وضع العصا في العجلات ،وما القرار الذي صدر مؤخراً إلا خطوة في هذا المجال . إن اعتراف الحكومة التركية بالشهادة الثانوية الصادرة عن الائتلاف لا يمثل حلاً صحيحاً لمشكلة الطلاب السوريين ،ونحن شاكرين للأتراك خطوتهم هذه التي يستحقون عليها كل الثناء والعرفان ،ولكن هل الجامعات التركية قادرة على استيعاب كل الطلبة السوريين ؟ وهل كل الطلبة السوريين قادرين على تحقيق الشروط المطلوبة لقبولهم في تلك الجامعات ؟ وهذه الاسئلة موجهة طبعاً الى الائتلاف والحكومة المؤقتة.

الم يسأل الممثلين للشعب السوري انفسهم عن مصير الاعداد الهائلة من الطلبة السوريين بعد حصولهم على الشهادة الثانوية ،وكيف يمكن حل هذه المعضلة بدون وجود جامعات تستوعبهم ؟ طبعاً لم يتساءلوا عن ذلك لعدم وجود دراسة علمية تتناول هذا الجانب ،ولقصر نظرتهم المستقبلية الفاقدة بالأساس للأهلية العلمية .إذا ما كان هناك قرار جدي من قبلهم لمعالجة المشكلة ،فالحل بسيط ولا يحتاج الى الكثير من التعقيد ،فوجود الارادة الصادقة للعمل والتواصل الحقيقي مع تلك المدارس والجامعات من قبل وزير التعليم وكوادر الوزارة لوضع منهاج موحد ومواصفات عمل احترافية معتمدة تعمل بها جميع المدارس والجامعات السورية التابعة للثورة ،ومن ثم دعمها مادياً ومعنوياً كفيل ببناء صروح العلم الحقيقية القادرة على تخريج جيل الشباب السوري السليم ثقافياً واجتماعياً وعلمياً.

إن امل شعب سوريا بكوادره وشبابه كبير ،ومن خرج ثائراً في سبيل حريته وكرامته لا يستطيع احد في العالم ان يقف في طريق مسيرته العلمية والحضارية ،ولذلك نأمل بالقائمين على شؤون هذا الشعب العظيم ان يرتقوا الى مستوى عظمته ،ويعملوا وفقاً لمصلحته المستقبلية وليس وفقاً لأهداف شخصية او حزبية ضيقة ،فالكل شركاء في هذا الوطن الجريح والكل لابد ان يشارك في تضميد جراحه وبناء صروحه التي وصلت في يوم ما الى اعلى درجات الرقي والعظمة.

* أستاذ جامعي سوري

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات